التاريخ وعلم الآثار > تحقيقات ووقائع تاريخية

في ذكرى تأسيس روما من مؤسسها، وما سبب تسميتها؟

بعد أن سكنت إيطاليا القديمة جماعاتٌ وأجناس متنوعة ومختلطة ومتفاوتة التطور؛ أهمها اللاتين والأتروسكان، تأسست مدينة روما. وقد تعددت الاحتمالات عن تأسيسها وسبب تسميتها، واستندت في البداية إلى المصادر التاريخية الإغريقية والرومانية اللاحقة للفترة المذكورة، وذلك نتيجة عدم وجود وثائق تخبرنا تاريخ روما المبكر قبل القرن الخامس ق.م، لكنَّ ذلك تغير بعد القرن التاسع عشر الذي شهد توالي الاكتشافات الأثرية العائدة إلى تلك الفترة، فبدأ تاريخها يتَّضح بجلاء أكبر، وبرزت هنا عدة احتمالات بعد إجراء دراسات تاريخية وأثرية معمقة، نستعرض أهمها فيما يأتي..

الاحتمال الأول:

ويعرف بأسطورة تأسيس روما التي تعد أشهر الاحتمالات، ويروى فيها أن الأخوين ريموس Remus ورومولوس Romulus (وهما أنصاف آلهة من أبناء إله الحرب الروماني مارس) قررا إنشاء مدينة بعد أن أهداهما جدهما (نيميتورNimitor) أراضي التلال السبعة على ضفاف نهر التيبر مكافأةً لهما على مساعدته على استعادة عرش مدينة ألبا لونغا Alba Longa*، ولكنهما اختلفا على موقع المدينة، فقد رغب رومولوس أن تكون على تلة البالاتين، في حين رغب ريموس أن تكون على تلة الأفنتين. ويقال في روايات أخرى أنهما اختلفا على حكم المدينة، وبعد أن استقر الخيار على تلة البلاتين، بدأ رومولوس حفر الخنادق وبناء الأسوار دون رضا أخيه، مما أجج الشجار بينهما وحدى برومولوس إلى قتل أخيه ريموس واعتلاء عرش المملكة الرومانية، فأصبح أول ملك عليها وبذلك اشتُّق اسمها من اسم ملكها. ويفسر بعض الباحثين في التاريخ الروماني أن الصراع بين ريموس ورومولوس ما هو إلا الصراع بين اللاتين والسابين* الذي انتهى بتفوق العنصر السابيني.

الاحتمال الثاني:

تزعم الأساطير الأخرى أن المدينة سميت باسم Roma؛ المرأة التي سافرت مع المحارب الطروادي أينياس Aeneas والناجين الآخرين من طروادة بعد سقوط المدينة بيد الإغريق، وبعد الاستقرار على ضفاف نهر التيبر، اعترضت روما والنساء الأخريات على رغبة الرجال في متابعة المسير، وحرَّضت روما النساء على إحراق السفن، مما اضطر الرجال إلى البقاء في الموقع الذي أصبح لاحقًا مدينة روما. وقد ذكر المحارب أينياس في إنياذة فرجيل مؤسسًا لروما وأحد أجداد ريموس ورومولوس.

الاحتمال الثالث:

وهو الأرجح، وينص على أن مؤسسي روما هم الأتروسكان، وذلك بناءً على اسم نهر التيبر القديم (رومون أو رومو) وهو اسم أتروسكي، وبذلك يصبح معنى روما (ابنة نهر رومو).

وعلى أية حال، تبقى آثار روما اللاحقة شاهدة على تقدم هذه الحضارة في ميادين عدة وتطوير العلوم التي نقلت مبادئها عن الشعوب الأخرى.  

الهوامش:

* نهر التيبر:

ثاني أطول أنهار إيطاليا، يبلغ طوله 405 كم، يتدفق باتجاه الجنوب عبر سلسلة من الوديان، ويمر عبر مدينة روما.

المصدر: هنا

*مدينة ألبا لونغا:

مدينة قديمة في سهل اللاتيوم Latium تقع على بعد 19 كم جنوب شرق مدينة روما، وتعد أقدم مدينة لاتينية وبدورها أسست مدنًا أخرى، بما فيها مدينة روما، وقد كشفت الحفريات عن مقابر تعود إلى القرن العاشر قبل الميلاد وتقدم أدلةً قيمةً على وجود ثقافة لاتينية مزدهرة.

المصدر: هنا

*السابين Sabine:

قبيلةٌ إيطاليةٌ قديمةٌ تقع شرقي نهر التيبر.

المصدر: هنا

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- Theodor Mommsen, The history of Rome; Volume 1. Cambridge University Press. 

4- محمد الزين، دراسات في تاريخ الرومان. ص من 5 حتى 16.

5- محمود ابراهيم السعدني، حضارة الرومان منذ نشأة روما وحتى نهاية القرن الاول الميلادي. ص 55 - 56.