الطب > طب الأسنان

للأسنان بصمة فريدة كما للأصابع

نُشرت في مجلة علمية مرموقة (Nature) أبحاثٌ من جامعة سيدني وجامعة التكنولوجيا (UTS) وكلية أيكان للطب في جبل سيناء وجامعة هارفارد في الولايات المتحدة الأمريكية؛ إذ طُوّرت طريقة حديثة لكشف عادات الرضاعة الطبيعية في العينات الأحفورية، فتبين أن استهلاك حليب الرضاعة ثم الانتقال إلى التغذية الطبيعية لاحقًا (غير معتمدة على حليب الأم) يترك بصمة في الأسنان، ويمكن اكتشافها بعد سنوات عدة باستخدام الليزر والمجاهر؛ إذ صرَّح أحد الباحثين : "درسنا أسنانًا لقرود ذات تاريخ غذائي معروف، ومن ثم أكدنا تلك النتائج عند أطفال دُرِست أسنانهم اللبنية مدة 8 سنوات، وكان ذلك نتاجًا لتخصصات عديدة متضمنة الكيمياء التحليلية، وطب الأسنان، وعلم الأحياء التطوري التي جعلت ذلك الاكتشاف ممكنًا". وقالت إحدى الباحثات أيضًا: "تترك المصادر الغذائية البشرية بصمةً يمكن اكتشافها في أنسجة معينة، مثل مينا الأسنان التي تبقى مستقرة وثابتة فيها فترة طويلة. ويُعَدُّ فهم التحولات الغذائية المبكرة في الحياة أمرًا ضروريًّا  لفهم تاريخ التطور الحيويّ، فما نأكله في حياتنا المبكرة يؤدي إلى عواقب على صحتنا على المدى الطويل، وكذلك يُعدُّ ذلك سمةً رئيسةً تُميِّزنا عن الحيوانات البدائية الأخرى، فنحن بالفعل ما نأكله حتى بعد آلاف السنين من ذلك."

ويُعدُّ  تعرض الجنين للمواد السامة عن طريق المشيمة مصدرَ قلق؛ فالأعضاء تكون في فترة نموها وتطورها، خصوصًا الدماغ، فلا يمكن الحصول على عينات جنينية في مراحل الحمل المختلفة دون المخاطرة بصحة الجنين، ويُعَدُّ جمع دم الحبل السري والنسج الغشائية البيولوجية عند الولادة طريقة نادرة لتقييم التعرض لهذه المواد الضارة عند الجنين، ومع ذلك لا توفر هذه الطرائق معلومات قيمة كافيَّة، فضلًا عن تراكم كثير من المواد السامة خصوصًا  في العظام؛ إذ توصلت الدراسات بأن الأسنان تُعدُّ مشعرات قيمة لقياس التعرض للمواد المختلفة على المدى الطويل، وأظهرت الدراسات بأن الأسنان اللبنية المتساقطة للأطفال الذين يعيشون في بيئة معرضة للرصاص تملك مستويات أعلى من أسنان الأطفال الذين يعيشون في بيئة معرضة للتلوث بكمية أقل نسبيًّا. وكذلك ساعدت دراسة الأسنان اللبنية على الكشف عن مستويات التعرض للكادميوم، وقاست دراسات مستويات السترونتيوم المشع 90؛ أي Radioactive Strontium - 90) Sr90) في الأسنان، وهي دليلٌ على انتشار التلوث النووي الواسع والناتج عن التجارب المجراة فوق الأرض. وأيضًا قيس مستوى التعرض للتدخين ضمن الأسنان كالنيكوتين والكوتينين؛ إذ لوحظ في دراسة أنَّه إذا كان للأطفال أحد الأبوين مدخن على الأقل، فإنهم يملكون نسبة أعلى من النيكوتين والكوتينين في أسنانهم اللبنية، وكُشِفَ أيضًا عن قياس مواد الكيميائية عضوية مختلفة عديدة وملوثات ومستقلبات، مثل المسكنات، والمبيدات، والمواد المخدرة، والصادات الحيوية، والأدوية الممنوعة، والمستقلبات الكحولية، والتبغ.

ويُعدُّ المنغنيز (Mn) من المغذيات الأساسية، ولكنه يسبب سمية عصبية شديدة عند التعرض له كثيرًا، فمن الصعب تحديد تاريخ التعرض للمنغنيز، وذلك بسبب الحركية والتنظيم المعقد له في الدم، والبول، والأوساط الأخرى الحيوية في الجسم. ويُعدُّ العاج السني مشعرًا مهمًّا  لقياس مستويات التعرض البيئي للمنغنيز،وتحتوي أسنان الأطفال المصابين بالتوحد على الرصاص السام بكمية أكبر من العناصر المغذية الأساسية، مثل الزنك والمنغنيز مقارنة بالأطفال غير المصابين بالتوحد. وكذلك الأسنان اللبنية المأخوذة من أطفال لديهم تاريخ تغذية معروف يوضح بأن توزع الباريوم يعكس التحولات الغذائية من عملية الرضاعة الطبيعية مرورًا بعملية الفطام.

تساعد أسنان الأطفال على الكشف عن مستويات التعرض الماضية للمعادن في أمراض أخرى، مثل اضطراب نقص الانتباه، وفرط النشاط (ADHD)؛ إذ صرَّح مدير المعهد الوطني لعلوم الصحة البيئية: "هناك اهتمام متزايد بأسنان الأطفال اللبنية؛ إذ تُعدُّ سجلًّا غنيًّا يساعد على الكشف عن التعرض البيئي المبكر للطفل للمواد المفيدة والمضرة" (NIEHS).

توضيح:

تتساقط الأسنان اللبنية من عمر 6 إلى 12 سنة عند معظم الأطفال، لذلك قد تكون دراسة مستويات التعرض الكيميائية غير ممكنة عند الأشخاص خارج هذا النطاق العمري.

المصادر:

1- هنا

2- Arora، M.، et al. (2013). Teeth as a biomarker of past chemical exposure. Wolters Kluwer Health، 25(2)، 261-267.

3- Syam، S.، et al. (2016). The tooth exposome in children’s health research. HHS Public Access، 28(2)، 221–227.

4- Arora، M.، et al. (2012). Determining Fetal Manganese Exposure from Mantle Dentine of Deciduous Teeth. NIH Public Access، 46(9)، 5118–5125.

5- هنا

6- هنا

7- Austin، C.، et al. (2017). Tooth manganese as a biomarker of exposure and body burden in rats. HHS Public Access، 155، 373–379.