الكيمياء والصيدلة > الإنسان والإدمان

هل يمكن للحشيش أن يُحسِّن أداءك الرياضي فعلًا؟!

من المعروف أن الحشيش محظور في ممارسة أي نوع من أنواع الرياضة على الرغم من عدم ثبوت فكرة تأثيره المحسّن للأداء، ولكنَّ شعبيته بين أوساط الشباب جعلَته في مقدمة قائمة المركّبات المُتحرَّى عنها من قبل مخابر مكافحة المنشّطات.

وتواجه اللّجان الطبيّة والانضباطية صعوبةً كبيرةً في تقييم نتائج التحاليل البولية، ليس بسبب انتشار تعاطي القنّب انتشارًا كبيرًا فحسب، بل بسبب الوقت الطويل الذي يستغرقه المُستقلَب الرئيسي للانفراز في البول بعد التعاطي أيضًا.

يُضعف الحشيش الإدراكَ والأداء الحركي، وقد أظهرت الماريجوانا تأثيرًا سلبيًّا على أداء التمارين، فعند قيادة 12 شابًّا الدراجة بعد تدخين الماريجوانا، انخفض أداؤهم وشعروا بالتعب بعد 10 دقائق من التدخين. وتؤثر الماريجوانا في الرياضات التي تتطلب مهارات قيادية وتركيزًا عاليًا وردود فعل سريعة أيضًا، مثل رياضة سباق السيارات (فورمولا1)، فقد وُجِد أنها تساعد اللاعب على الاسترخاء والهرب من الضغط الاجتماعي، وهذا ما يؤثر في الحماس والأداء حتمًا، فضلًا عن أن التوتر والقلق يرافقان المنافسات الكبرى غالبًا، وهذا سبب رئيسي يدفع اللاعبين لتعاطي القنّب لإضفاء إحساس النشوة وتقليل  الرّهاب الاجتماعي، ما يخفف من التوتر الناجم عن قلق ما قبل المباريات بالنتيجة.

ولكن التأثيرات الناجمة عن تعاطي الحشيش خطرة، فهو يسبب الذّهان واضطرابات الهلع  والبارانويا (جنون العظمة)، وغالبًا ما تصيب الأشخاص المضطربين نفسيًا والقلقين، وتحدث هذه التأثيرات عند تعاطيه فمويًّا أكثر من تدخينه. إضافةً إلى أنّه يقلل التركيز وحِدَّة الانتباه، وله خصائص مهدّئة. وتجده أيضًا منتشرًا في أوساط اللاعبين الذين يمارسون الرياضات الخطرة. وهناك علاقة وثيقة بين تعاطيه وكل من رغبة الإحساس بالنشوة، ومستوى  صعوبة المنافسات الرياضية، وذلك لتفادي التوتر والقلق المترافق معهما.

التأثيرات الناجمة عن تعاطي القنب:

يستهلك الرياضيون الحشيش بكميات قليلة عادةً، وخارج المرافق الرياضية بعيدًا عن أعين مدربي الفريق وأطبائه، وذلك لانعدام الرّقابة كون الفحوصات تجري في أثناء المباريات فقط. وتُظهر البيانات التي جُمعَت من مختبرات وكالة مكافحة المخدّرات العالمية أن القنّب (الحشيش) هو الأسهل تعاطيًا والأكثر شيوعًا من العقاقير التي تعطي النتائج المطلوبة، وهو يتفوّق على التستوسترون والناندرولون، ولا علاقة لهذه النتائج بالتحاليل البوليّة التي تجري خارج المباريات لأنه لا يبلّغ عنها بالمختبرات.

ومع تطور أساليب الزراعة أصبح من الممكن زراعة القنّب الحاوي على كميات أعلى بكثير من سوابقه من ثلاثي هيدروكانابينول (المُستقلَب الرئيسي النشط للقنب)،  وهذا من شأنه تعزيز تأثيرات الحشيش الفورية وتغييرها.

تتنوع آثار مشتقات القنب على مستوى ردود الفعل النفسية والحركية، فضلاً عن التأثير على السلوك الاجتماعي للاعب، و يؤدي الاستخدام القليل وغير المتكرّر للقنب إلى:

وفيما يتعلق بتأثيراته على الجسم البشري، فعلى الرغم من أنه يزيد التأثير الحسي؛  فإنّ التتراهيدروكانابينول يولّد شعورًا معينًا بالثقل والاسترخاء والإجهاد الشديد للأطراف.  وقد يتعرض المتعاطي -مع زيادة الجرعة- إلى الهلوسة والخروج عن الواقع وانخفاض ملحوظ في التركيز.

علاوةً على ذلك فهو يؤثّر سلبًا في صحة اللاعبين الرياضيين خاصةً وأدائهم، بسبب الأضرار التي تصيب الرئتين وتجويف الفم والجهاز التنفسي العلوي.

أما بالحديث عن السلوك النفسي والاجتماعي، فالقنبيات تُحسِّن المزاج، مما يجعل المتعاطي مبتهجًا ومسترخيًا ولا مباليًا، ولكنه يعرّض نفسه لخطر الاكتئاب واضطرابات القلق وجنون العظمة أيضًا. والجديرُ بالذكر أنه يتطور لدى المستخدم العادي نوعًا من الاعتماد النفسي والتركين الشديد والعزلة الاجتماعية.

من ناحية أخرى، كثيرًا ما يُطرح سؤال هل يمكن أن يسبب الحشيش الإدمان فيما لو استخدم بوعي لتأثيراته الإيجابية؟

والجواب هو أنّ هذا النبات يمكنه تحسين الأداء تحسينًا غير مباشر فقط، وذلك بإعطاء شعور النشوة والحد من القلق والتغلّب على التوتر المصاحب لمواجهة الجمهور قبل مباراة مهمة، وشعورالاسترخاء بعد المباراة، ولكنّ استهلاكه بانتظام يضرّ بالتحفيز والأداء حتمًا. وهذا يبدو واضحًا على اللاعبين الشباب، إذ يمكن ظهور بعض التغيرات السلوكية في أثناء التدريب، مثل عدم اتساق الأداء والتركيز والتحفيز. يجب أن يولى بعض متعاطي الحشيش من اللاعبين عناية خاصة، كأولئك الذين تعرّضوا لإصابات طويلة أو متكررة أو المنفيين عن عائلاتهم أو الذين يقعون تحت ضغط المنافسة الشديد، وهنا يعود الأمر لمدربي النادي وأطبائه لمراقبة أية أعراض قد تظهر والتدخل بحكمة، إذ إنه من الضروري في بعض الحالات تحويل اللاعب إلى طبيب نفسي.

يجب الإعلان عن نتيجة فحص القنب في بول اللاعب ضمن الفحوصات التي تُجرى قبل المباريات في حال ظهرت مُستقلَبات القنب من تتراهيدروكانابينول وكربوكسي تتراهيدوكانابينول بكمية تفوق ال 15ميكروغرام/ليتر. وقد وُضعَت هذه النتيجة للتفريق بين المستهلكين النشطين للحشيش واللاعبين الذين تعرضوا لدخان الحشيش سلبيًّا (المدخنين السلبيين). ولتجنّب النتائج الإيجابية التي يمكن أن يكون سببها استهلاك بعض المنتجات التجارية التي تحتوي على آثار القنب، فقد ارتفع استخدام بذور الحشيش وزيته في المنتجات الغذائية ارتفاعًا كبيرًا في بعض البلدان الغربية منذ عام 1990م. وتدخلت السلطات لفرض حدود على مستويات التتراهيدروكانابينول في المنتجات التجارية، والحد من النتائج الإيجابية التي تظهر وجود مُستقلَبات الحشيش في التحاليل البولية.

إن عزل مُستقلَبات التتراهيدروكانابينول من البول هو عملية بطيئة ويعتمد على فيزيولوجية الفرد، فتقييم التركيز البولي من كاربوكسي تتراهيدروكانابينول يعطي معلومات قليلة عن وقت التعاطي.

وتعتمد الكمية المكتشفة في البول على عدّة عوامل:

ويصبح من الصعب ربط التركيز البولي بالتأثيرات على السلوك الحركي للفرد اعتمادًا على هذه العوامل.

وبغض النظر عنها، فقد أظهرت بعض الدراسات العلمية أن الاستعمال المعتاد لجرعة واحدة (سيجارة) سيؤدي إلى نتائج إيجابية لمُستقلَب الكربوكسي تتراهيدروكانابينول في البول لثلاثة أو أربعة أو حتى خمسة أيام اعتمادًا على كتلة جسم المدخن.

وبهذا نرى أن نتيجة تدخين لاعب كرة القدم للماريجوانا مع أصدقائه قبل عدة أيام من المباراة قد تكون كارثيّة لأنه بذلك يعرّض نفسه للفشل في اختبار التحرّي عن المنشطات، ولم تعد ذريعة استهلاكه للترفيه عن النفس صالحة بعد الآن، حتى ولو لم  يكن تحسين الأداء هو المقصود من تعاطيه، لأن النتائج ستكون إيجابية إذا تجاوزت مستويات التراكيز البولية لمُستقلَباته الحد المرخص له، أما أولئك الذين يدخنون الحشيش عدة مرات في الأسبوع (المتعاطون باستمرار)، فستظل نتائج التحاليل البولية إيجابية من أسبوعين حتى أربعة أسابيع بعد آخر استهلاك.

وقد أُجريت تجربة لتقييم تأثير الماريجوانا على الأداء الرياضي ل 12 شابًّا سليمًا، وطُلِب منهم قيادة درّاجة هوائية حتى الإنهاك وذلك في حالتين:

الأولى دون تدخين (المعايرة) والثانية بعد تدخين سيجارة ماريجوانا ب 10 دقائق، وقيس معدّل ضربات القلب، وضغط الدم الشرياني، والتهوية، ومعدّل التنفس، والأكسجة، وإنتاج ثاني أوكسيد الكربون قبل البدء بالتمرين وفي أثنائه وبعده بأربع دقائق.

وكانت النتيجة كالآتي: انخفض أداء التمرين بعد تدخين الماريجوانا بقرابة دقيقة، وفي قمّة التمرين لم يكن هناك تغيرات في مستويات الأكسجين وثاني أوكسيد الكربون ومعدّل ضربات القلب ولكن الماريجوانا سببت تسرّع ضربات القلب من (94.3) ضربة في الدقيقة ل(119) وسطيًّا، وذلك بعد انقضاء 80% من التمرين وفي فترة الاستراحة.

وفي تجربة أخرى أُجريَت على ستة رجال مدمنين للماريجوانا، بأداء تمرين على الدراجة الهوائية مدّة 15 دقيقة تحت ثلاثة شروط:

الأول: دون تدخين (المعاير).

الثاني: بعد تدخين الماريجوانا التي تحوي 7.5ملغ من التتراهيدروكانابينول.

الثالث: بعد تدخين الماريجوانا الغفل (الوهمية).

وقِيس معدّل ضربات القلب ومعدّل الضغط الشرياني والتهوية الرئوية ومعدّل الأكسجة في أثناء التمرين وبعده ب 15 دقيقة.

وكانت النتيجة أنه لم يظهر تدخين الماريجوانا "الغفل" أية تغيرات فيزيولوجية، ولم يظهر تدخين الماريجوانا تغيرات على معدّلات التهوية والأكسجة وضغط الدم الانقباضي والانبساطي، ولكنّه سبب ارتفاعًا ملحوظًا في معدّل ضربات القلب، استمرّ في أثناء التمرين وفي فترة الانتعاش وذلك بنسبة 34% في فترة الراحة و18%في أثناء ممارسة التمرين وحتى 50%في فترة الانتعاش (الراحة بعد التمرين) فتدخين الماريجوانا يزيد الإجهاد القلبي في كل الأحوال.

وأخيرًا نستطيع القول أنّ الماريجوانا لها تأثيراتها الضّارّة على كافّة الأصعدة والمهن الرياضيّة منها وغير الرياضيّة، فهي تضر بمستقبل الفرد وتؤثّرعلى صحّته وتركيزه وإدراكه حتمًا، الأمر الذي يسبب تراجعه على المستوى الصحّي والمهني والاجتماعي.

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا