الطب > مقالات طبية

هل يؤثر الذكور في توائمهم الإناث ضمن الرحم؟

تعمل الهرمونات الجنسيَّة المُنتَجة من المبايض والخصيتين في المرحلة الجنينية -على رأسها التستوستيرون- عملًا رئيسًا في تنظيم الاختلافات الوظيفية بين الذكور والإناث.

تتركب هذه الهرمونات من الستيروئيدات القشرية التي تُعدُّ قابلة للذوبان في الدهون؛ ما يسمح لها بالانتقال في  مجرى الدم، وتنتقل منفعلةً بواسطة السائل الأمنيوسي في الحياة الجنينيَّة، ما يؤدي إلى تعرض الأجنة لتركيزات كبيرة من هذه الهرمونات المنتقلة عن طريق جيرانها النامية. وقد ثبت أن لهذه العملية عواقبَ وخيمةً على التشكل الفردي، وعلم وظائف الأعضاء والسلوك؛ إذ وجدت بعض الدراسات أن مستوى هرمون التستوستيرون قبل الولادة يرتبط عكسًا مع نتائج الاختبارات المعرفية في مرحلة الطفولة المبكرة عند الإناث.

وفي دراسة على مجموعة من التوائم في النرويج على مدى ١٢ عامًا، وجد الباحثون أن الإناث اللواتي تشاركن الرحم مع شقيق ذكر قد كانت احتمالات التسيّب المدرسي أو الفشل الجامعي لديهن أكبر، وكان تحصيلهم المادي في أوائل الثلاثينات من العمر أقل، أمّا عن معدلات الخصوبة والزواج لديهن فقد كانت منخفضة مقارنةً بالتوائم المتماثلة الجنس.

وتدعم هذه الدراسة "فرضية انتقال التستوستيرون التوءمي" التي تفترض أن الإناث في التوائم المختلطة (ذكر-أنثى) معرضات للمزيد من هرمون التستوستيرون في الرحم عن طريق السائل الأمنيوسي، أو بواسطة دم الأم الذي يُشارَك مع الشقيق التوءم.

وعلى عكس الإناث، وجد الباحثون أن التوائم الذكورية لا تعاني العواقب الطويلة المدى في حال مشاركتها توءم أنثى في الرحم.

وعندما أُجريت دراسة على الأداء الأكاديمي لتوائم مختلفة الجنس، قُورنت نتائج التوائم المختلفة الجنس مع التوائم المتوافقة الجنس في الرياضيات والفيزياء والكيمياء واللغات الدنماركية والإنكليزية.

ووجد الباحثون أنّ الذكور قد حصَّلوا درجات أعلى في الرياضيات من الإناث، في حين كانت نتائج الإناث أفضل في اللغات الدنماركية والإنكليزية.

وفي حال أنَّ السبب الرئيس في هذه الاختلافات بين الشقيق الذكر والأنثى يرجع إلى تأثير التربية والوسط الاجتماعي، فقد أعاد فريق البحث تحليلاته التي تركّز على التوائم الإناث فقط اللواتي قد توفي شقيقهن التوءم بعد الولادة بفترة قصيرة، وبهذا رُبِّيَت بوصفها طفلًا وحيدًا، وذلك بهدف فصل آثار هرمون التستوستيرون الجنيني عن آثار التنشئة الاجتماعية بعد الولادة.

فتوصل فريق البحث أنّ النتائج لم تتغير في هذه العينة، ممّا يوفر دليلًا قويًّا على أنّ التأثيرات الطويلة المدى التي توثقها الدراسة تعود إلى التعرض الهرموني قبل الولادة، وليست من التنشئة الاجتماعية بعد الولادة.

ولا بدَّ من الإشارة هنا إلى أنّ تأثير هرمون التستوستيرون -السابق الذكر- يرجع إلى تقليله من الحساسية لهرمونات المبيض في فترة البلوغ، ممّا يؤدي -في حال تعرّض الإناث باكرًا للهرمون قبل الولادة وبتراكيز عالية- إلى تنظيم الجهاز العصبي المركزي ليكون شبيهًا بالذكور، فقد أظهرت الدراسات أن التعرض الباكر لمستويات منخفضة من التستوستيرون تُمكِّن الدماغ من الاستجابة لهرمونات المبيض بعد البلوغ، في حين أنّ التعرض المبكر لمستويات عالية يؤدي إلى الآثار المباشرة للتستوستيرون في الوظائف التناسلية الأنثوية متضمنة الخصوبة؛ إذ أظهرت الدراسات أنّه يعزّز ظهور أمراض مهددة للخصوبة، مثل المبيض المتعدد الكيسات، وسرطانات الجهاز التناسلي، ويزيد من احتمالية السلوكيات العدوانية والمعادية للمجتمع أيضًا.

ثمَّ إنَّ التعرض لهرمون التستوستيرون في الفترة المحيطة بالولادة يؤثر في سلوك التغذية مشجِّعًا على حدوث اضطرابات الأكل في مرحلة البلوغ.

وفي الختام يجدر التنبيه لأن الباحثين ما يزالون يفتقرون إلى المعلومات في النتائج المحتملة؛ إذ ينجم عن التعرض المبكر للتستوستيرون آثارًا إيجابية في الأنثى التي يختلف تصنيفها تبعًا للمجتمع.

علاوةً على ذلك، فإن الآثار الطويلة المدى -الناتجة عن هرمون التستوستيرون قبل الولادة التي من المحتمل أن ينطوي عليها تغيرات سلوكية- قد تتبدّل مع تغير المعايير الاجتماعية المحيطة بالجنس؛ إذ إنه لن يتأثر الجميع بالطريقة نفسها، وقد لا تتأثر بعض التوائم الإناث على الإطلاق.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا