التعليم واللغات > اللغويات

أبجدية (بريل) للمكفوفين..وخلايا الدماغ البصرية

هل يعالج دماغُ الكفيف الذي يقرأ بطريقة (بريل) للمكفوفين الكلماتِ بطريقة مختلفة عمّن يقرأ باستخدام نظره؟ يدلُّ التفكير السائد في علم الأعصاب على أن الإجابة هي نعم؛ لأن الحواس المختلفة تتلقى المعلومات، ولكن وجدت دراسة في علم الأحياء بأنَّ المعالجة هي نفسها، إضافة إلى الأدلة المتزايدة على أنَّ استخدام المعالجة الحسية أساسًا لفهم الدماغ قد يرسم صورة غير كاملة.

استخدم الباحثون في عدة دول تصويرَ الدماغ لمراقبة النشاط العصبي لدى ثمانية أشخاص مكفوفين في أثناء القراءة بطريقة (بريل) -التي تعتمد على النقاط البارزة وسُمِّيت نسبةً إلى مخترعها الفرنسي (لويس بريل)- ووجدوا أنه على الرغم من أنَّ المكفوفين يستخدمون اللمس، أظهرت أدمغتهم نشاطًا في المنطقة البصرية نفسها التي يستخدمها المُبصرون عند القراءة، ويتعارضُ هذا الاكتشاف مع الاعتقاد السَّائد بأن وظائف مناطق الدماغ تُحددها الحواس التي تُغذي تلك المناطق بالمعلومات، فهو يشير بدلًا من ذلك إلى أنَّ بعض المناطق على الأقل تطوَّرت على نحو أساسيٍّ لأداء وظيفة محددة.

يقول باحثُ الدراسة الرئيسُ (أمير عميدي) إن الدماغ سيستخدمُ أية معلومات يمكنه الحصول عليها لإنجاز هذه المهمة. وعلى الرغم من أنَّ دراسة (عميدي) تمحورت حول القراءة فقط، هو يعتقدُ أنَّ العديد من مناطق الدماغ تركِّز بصورة متماثلة على إنجاز مهام محددة، ويشيرُ إلى دراسة أجريت في عام  2005، وجد فيها الباحثون بأنَّ المشاركين الذين تحسَّسوا الأشياء وعاينوها باستخدام أيديهم أو أعينهم استخدموا منطقة الدماغ نفسها لتحديده في نهاية المطاف، ويضيفُ قائلًا إننا عندما ننظر إلى كلب أو مطرقة ونتعرَّفُه أو نتعرَّفُها، يُنشَّط مركزٌ محددٌ للغاية في الدماغ، وهو الشيء نفسه بالضبط عند اللمس. ووفقًا لـ(ماري هيلين إيموردينو-يانغ)، وهي عالمةُ أعصاب في جامعة جنوب كاليفورنيا غيرُ مشاركة في دراسات القراءة أو اللمس، أصبح المختصون في علم الأعصاب المعرفي يقبلون هذه النظرة المتمحورة حول مهام الدماغ على نطاق واسع، ولكنَّ زملاءهم الصارمين في علم الأعصاب تجاهلوها بالكامل تقريبًا، وتقول إنَّ علماء الأعصاب الذين يعملون على بيولوجيا الدماغ يميلون إلى الاعتقاد بأنَّ البشر مُسيَّرون بحسب ما تُمليه الحياة عليهم -بعبارة أخرى يخضعون للمؤثرات الحسية- ولم يروا أنَّ السِّمة التي تميِّز البشرية هي القدرة على تجاوز المدخلات الحسية.

أحد الانتقادات التي يوجهها علماء الأعصاب الصارمون إلى تلك النظرة فيما يتعلق بمهام الدماغ هو أنَّ بعض العمليات المعرفية هي ببساطة جديدة للغاية بالنسبة للبشر؛ فهم لم يطوِّروا منطقة معينة في الدماغ لمعالجتها؛ على سبيل المثال: كانت القراءة موجودة منذ نحو 5000 سنة فقط، فاختراعُها حديث جدًّا إلى درجة أنه لم يكن لها تأثيرٌ في تطور الدماغ البشري؛ فكيف يمكن إذًا أن يكون هناك جزء من الدماغ مخصص للقراءة؟

يتفقُ كلٌّ من (إيموردينو-يانغ) و(عميدي) على أنَّ هذا السؤال مُهم، وترى (إيموردينو-يانغ) التوضيحَ دليلًا مُثبتًا على قدرة الدماغ على استيعاب الاختراعات البشرية في العالم الحديث، وتقول إنه لأمر مدهش كيف أن دماغنا يتمتع بالمرونة؛ إذ تُختارُ باستمرار أجزاءٌ من الدماغ لمعالجة الابتكارات التكنولوجية. ويوافق (عميدي) قائلًا إننا نستخدم أفضل الشبكات التي أنجزت شيئًا مشابهًا لهذه المهمة، وهذا ما يسمح لنا بالتطور.

المصدر:

هنا

هنا00763-5