هل تعلم والإنفوغرافيك > إنفوغرافيك

كيف يتعلم الصمّ ؟

ليتذكّر كل منا طفولته و مراحل تعليمه الأولى..كيف التقطنا لغتنا؟

سواءً المحكية أم الفصحى.. 

 

لنتمعن بالمبادئ التي امتلكناها بسهولة..مثلا الأحرف الأبجدية..رأينا شكلها..رأيناها كيف تشكّل كلمات..والأهم أننا سمعنا صوتها وعرفنا كيف نلفظها،و أن ما(ننطقه) بلا وعي هو هذه الرموز والأشكال.

 

بينما الأصم يراقب الرموز ويراها في كلمات..لكنه لا يضطر لاستخدامها في حياته الشخصية..فلغته الأم-لغة الإشارة-هي لغة صورية حركية..فيصعب عليه الربط بين ما يراه من أشكال وبين مفهومها كحروف(أبجدية لغوية)..مثل السامع حين تصفّ أمامه أحرُفاً صينيّة..يحفظ شكلها لشهر..شهرين..سنة..ولكن إن لم تُقوّى الروابط أكثر ولم يستمر المُدَرّس في تكرارها وربطها بالحواس أكثر فأكثر فلن يدوم أثر هذه الحروف.

 

وكذلك جدول الضرب..ليس من العدل أن يتم تلقينه للأصم كما يتم تلقينه للسامع..من المفروض أن تُبتكر أساليب بصرية لترسيخ جدول 

الضرب في ذهنه.

 

"اللغة وعاء الفكر"..جملة لم أكترث لها يوما..أنا حين تطوّعتُ في مجال تعليم الصّمّ..بدأتُ اشعر أن اللغة هي الفكر برمّته!

لأن ضعف تواصل الأصم مع السامعين لسبب(لغوي) أدى لنتائج سلبية (فكرياً)..فهناك صمٌّ يعتقدون أن التّنين كائن موجود،ومن الطبيعي وجود حيوان ينفث النّار من فمه!

 

نعم،فضعف التواصل مع الآخرين وعدم وجود مصادر علمية وثقافية موثّقة بلغته ستؤدي لنتائج كهذه..و سينتشر بسهولة اعتقاد بين الصم أن القمر قد يكون موزة قابعة في السماء!

 

نعم اللغة هي الفكر!

 

واكبر برهان على ذلك أن ضعف أساليب تعليم الصم اللغة العربية جعل عدد الصم السوريين الحاصلين على الشهادة الثانوية قبل 3 سنوات هو0 !

 

فمشكلة اللغة ستؤثر أثراً كبيراً على تعليم الأصم طالما يتم امتحانه بها ،و طالما يتم تقييم مستقبله العلمي والمهني باستخدامها..فالطالب الأصم يفهم التجارب الفيزيائية والكيميائية التي تعرض أمامه..يفهمها حين يشرحها له المدرس بلغته..فمن العدل أن يُمتَحن بلغته!لكن للأسف ليس هذا ما يحصل..الأصم (على الأقل في سوريا) لا يُخَصّص له منهاج خاص ولا سُلّم تصحيح امتحاني خاص..يتم تعليمه بنفس أسلوب تعليم السامع مع وجود بضع حركات إشارية..بل إيمائية..ينتقيها المعلم على مزاجه ليغيّرها زميله في العام القادم.

 

و يتسائل البعض..لمَ تعلّم اللغة صعب بالنسبة للأصم؟

 

كمثال بسيط:"ذهب الطفل إلى المدرسة" الجملة بلغة الأشارة تُتَرجم كما يلي"طفل-راح-مدرسة" ولكن كلمة (إلى) لن يفهم الأصم معناها وفائدتها وعلى أي أساس يجب أن يضعها في الجملة لأنها غير موجودة في لغة الإشارة،حالها حال الكثير من الرموز كأدوات التعريف والأسماء الموصولة،فسيتطلب شرحها للأصم جهود مضاعفة لا يبذِلُها 

المدرّسون للأسف. 

 

حسناً..لمَ الطفل السامع لا يتعثّر كثيراً بعقبات أو تساؤلات من هذا النوع ؟ لأنه عاش طفولته وذاكرته متخمة بجمل كـ (ابوك راح "عـ" الشغل/جيب الدفتر "يلي"لونو أحمر /اختك اجت "من" السفر) صحيح أن الأحرف قواعديا غير متطابقة تماماً بين لغتنا المحكيّة ولغتنا الفصحى،لكنّ لاوعينا اعتاد وجود حروف كهذه.

 

تعليم اللغة بحد ذاتها ليس أمراً مستحيلا بالنسبة للأصم..أعرف أصمّاً سوريّاً درس في النرويج الأدب الانكليزي والفرنسي والعربي،كان يفهم اللغات الثلاثة قراءةً وكتابة،و يقرأ الشفاه بهذه اللغات الثلاثة،كما انه تعلم نطقها!

حين عاد لسوريا..بات يعمل في محل لبيع الأحذية. ليست مشكلته ولا مشكلة ايّ أصم..المشكلة تكمن في أسلوب التعليم.

 

فمثلاً حين تمّت إعادة صياغة منهاج البكالوريا في سوريا من قبل متطوعين في جمعية إيماء لدعم الصم فحصلت 6 فتيات صمّاوات على الشهادة بعد جهد دام5سنوات.

نعم ثمّة نتائج..الموضوع يحتاج لجهد وصبر و وقت..و الهدف يستحق هذا الجهد..فتعليم 10 مليون أصم عربيّ..وتعليم 1/1000 طفل من اطفال سوريا هدف لا يُستهان به.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إعــداد: لينا بني المرجة-متطوعة في جمعية ايماء وفي مبادرة الباحثون السوريون