العمارة والتشييد > ثلاثون مدينة ومدينة

31. بيروت - Beirut

31. بيروت:

زرت بيروت - لبنان في (حزيران/ يونيو 2015) وأمضيتُ عدَّةَ ساعاتٍ فقط بين الرحلات الجوية منتظرةً في مطار رفيق الحريري، وكانت هذه الساعات كافيةً للتجوُّل وسط المدينة "السوليدير" ورؤية مشاريع الواجهة البحرية الجديدة التي خضعت للخصخصة، ولاحظت لافتةً ضخمةً عُلِّقت على أحد مواقع البناء على الواجهة البحرية احتجاجًا على المشروع، ولفتت انتباهي فعلاً خصوصًا أنني من مدينةٍ لا يحدث فيها أي حراكٍ اجتماعيٍّ حضريٍّ يذكر.

في مدينةٍ مستقطبةٍ ومتنازعٍ عليها مثل بيروت لا يوجد نقص في الجدل الحضري والمناظرات المتعلقة بالمدينة، بدءًا من اتجاه القطاع الحضري نحو الخصخصة إلى السياسات والتدخُّلات الحضرية التي تخدم مجموعاتٍ معينة على حساب العامة، وشعور الشباب أنهم مستبعدين على نحوٍ متزايد عن عملية صنع القرار في مدينتهم، غاضبين من الطريقة التي كانت تدير بها السلطات المحلية السياسات الحضرية، ومهتمِّين بجعلِ مدينتهم مكانًا أفضل للمعيشة وأشمل، إذ بدأت حركةٌ اجتماعيةٌ حضريةٌ تتشكل تتدريجيًّا في العقد الماضي، أصبحت بيروت عن طريقها موقعًا رئيسيًّا لإنتاج الناشطين والحراكيين الحضريين الذين ينتظمون في مجموعاتٍ متنوعة ويستفيدون من تشكيلةٍ متنوعةٍ من الموارد؛ حسابات وسائل التواصل الاجتماعي والمدوَّنات التي تساهم في مناظراتٍ متعلِّقةٍ بالمدينة للمنظمات غير الحكومية والمجلات والمقاهي الحضرية، وتؤدِّي الكتابة على الجدران لفناني الجرافيك والغرافيتي دورًا مهمًّا أيضًا في المطالبة بالمدينة عن طريق الصور والنصوص، وآخر هذه النصوص وأشهرها حملة "طلعت ريحتكم!" ردًّا على فشلِ الحكومة في إيجادِ حلولٍ لأزمةِ النفايات.

تُظهِر العديد من قصص نجاح ناشطي الحراك الحضري الشباب النتائجَ المثمرة الملموسة للعمل الجماعي والتعبئة الحضرية، وقد تمكَّنت هذه الحركات الشعبية من تغيير قرارات البلدية مراتٍ عديدة، ومنها إعادة افتتاح أكبر حديقةٍ حضريةٍ في بيروت "حرش بيروت" التي تضم 75٪ من مساحات المدينة الخضراء التي ظلَّت مغلقةً عن العامة عدَّة عقود، وبعد عدة سنواتٍ من سياسة الضغط والتفاوض مع البلدية، وإستراتيجيات أكثر عدوانية كاستخدام وسائل الإعلام وتنظيم الاحتجاجات وبناء قضيةٍ قانونيةٍ ضدَّ قرار البلدية لإغلاق الحديقة، تمكَّن نشطاء بيروت في المناطق الحضرية من وقف تنفيذ الطريق السريع في حي "الأشرفية" الكثيف الذي كان يقطع المنطقة التراثية والتاريخية ويعطِّل نسيجها الحضري والاجتماعي عن طريق الضغط على البلدية لإجراء دراسةِ تقييمِ الأثر البيئي التي كانت ذات نتيجة سلبية وأدَّت إلى إيقاف المشروع.

يدرك هذا الجيل أهمية الحركات الاجتماعية الحضرية جيدًا التي بدأت تتبلور في جميع أنحاء العالم، مدفوعةً من الرغبة نفسها في المطالبة مرة أخرى بحقِّهم في المدينة والمشاركة في عمليات الإنتاج المكاني، وباستخدام أساليب عملٍ مبتكرةٍ لتعزيزِ الإدماج والمشاركة في عمليَّة صنع القرار والتنفيذ، وقد أصبح هذا الجيل الجديد من الناشطين الحضريين أكثر ظهورًا وصخبًا.

فإلى أي درجةٍ يمكن أن يؤثر الحراك الحضري في السياسات التي تتَّبعها بلديات مدننا ويساهم في تحسينها؟

#بيروت #Beirut #الحراك_الحضري #أكتوبر_الحضري #31_يوم_حضري #ثلاثون_مدينة_ومدينة

بطاقة تعريف:

راما النمري: مهندسة عمارة وتخطيط مدن، تحمل درجة الماجيستير في التخطيط الحضري وتصميم التشريعات، وتعمل مع منظّمات الأمم المتّحدة منذ عام 2014 في مجال الاستجابة الإنسانية الحضرية،والسياسات الحضرية الوطنية، والتخطيط الإقليمي والتنمية المستدامة، وحاليًا تعمل مع مفوضيّة الأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين في مخيّمات اللاجئين والعمليات الحدودية، إذ تقدّم دعمًا متخصصًا في تصميم مستوطنات اللاجئين وتطويرها.

فيسبوك:

هنا

انستغرام:

هنا

عيسى بدور: مهندس معماري ومصمم بصري، يحمل درجة الماجيستير في التصميم المعماري، ويعمل في ميلانو مخرجًا فنيًّا لأعمال التواصل الرقمي والترويج المجتمعي.

فيسبوك:

هنا

انستغرام:

هنا