العمارة والتشييد > ثلاثون مدينة ومدينة

29. البندقية - Venice

29. البندقية:

زرتُ البندقية - إيطاليا مرتين؛ مرة في (حزيران/ يونيو 2014) ومرة ثانية في (كانون الأول/ ديسمبر 2015)، وبدَت المدينةُ مختلفةً في المرتين؛ ففي فصلِ الشتاء كانت المدينةُ أهدأ، وتشعِرُ بالأصالةِ والروح المحلية للمدينة، وبدَت في الصيف غارقةً تحتَ فيضٍ من السياح، وتكادُ لا تتمكَّنُ من رؤية المدينة والتمتع بها.

يزورُ البندقية قرابة (22 مليون سائح) كلَّ عام؛ أي أكثر من (60000 سائح) يوميًّا، وهذا العدد أكبر من عددِ سكَّان المدينة نفسها، إذ انخفض تعداد سكان البندقية (عام 2016) ليصل إلى (55000 نسمة)، بعد أن كان يبلغ (175000 نسمة) في الستينيات، وإذا استمرَّ إخلاءُ السكان على هذا النحو ستكون المدينة خاليةً تمامًا من السكان المحليين بحلولِ (عام 2030).

عبّرَ أهلُ البندقية عن مشاعرهم بوضوح في السنوات الأخيرة احتجاجًا على التدفُّق الهائل من السياح، إذ تظاهر (2000 شخص) من السكان المحليين وسط المدينة في وقتٍ سابقٍ من (العام 2018) إعرابًا عن الغضب من ارتفاع الإيجارات وتأثير السفن السياحية الضخمة والتلوث الذي تسبِّبه في البيئة الحساسة للمدينة.

وستمنعُ السلطات في البندقية إنشاء فنادق أو نزلٍ جديدةٍ في وسطها التاريخي جزءًا من الجهود المتواصلة لحمايةِ المدينةِ من تأثيرِ السياحة بأعدادٍ ضخمة، ويُعَدُّ الحظرُ المقترح الأحدثَ فى سلسلةٍ من الاجراءات التى تهدف إلى حماية المدينة الإيطالية الشهيرة وإجراءً ضروريًّا لحمايتها؛ إذ يشعرُ السكان المحليون الباقون بالتهميش على نحوٍ متزايد.

استحوذت الفنادق على المباني السكنية في المدينة على نحوٍ متزايد، ممَّا دفع السكان المحليين من الذين اعتادوا رؤيةَ منازلهم تباع إلى تحويلها إلى مطاعم وفنادق، ممَّا أدَّى إلى إفقار النسيج الاجتماعي للمدينة.

ونفذَّت سلطاتُ البندقية تدابير أخرى للتخفيف من آثار السياحة بأعدادٍ ضخمة، كسياسة "السكان المحليين أولاً" لحافلاتها المائية وحظر بعض سفن الرحلات البحرية، وقد ألغت السلطة الإقليمية هذا الإجراء لاحقًا.

ومنعت سلطات البندقية إقامة مطاعم الوجبات السريعة الجديدة في المدينةِ أيضًا للحفاظِ على سحرها التاريخي، وأطلقت (حملة Enjoy Respect Venezia) التي هدفت إلى تعليم السياح كيفية التصرف عند استكشافهم المدينة.

وتُدرَسُ خطةٌ أخرى تشجِّع الزوار على القدوم إلى البندقية في أيام الأسبوع، وفي الفترة الممتدة من تشرين الأول/ أكتوبر إلى نيسان/ أبريل، إذ يحدث الاكتظاظُ على نحوٍ مكثَّفٍ في عطلة نهاية الأسبوع من أيار/ مايو إلى أيلول/ سبتمبر، وسيتطلَّب الأمرالتوصُّل إلى اتفاقٍ مع شركات الرحلات البحرية لجلب السفن في جميع أيَّام الأسبوع، وليس فقط في عطلة نهاية الأسبوع.

وصوَّتت المدينة لوقف تدخُّل السلطات الإقليمية في شؤون سياسات المدينة في شهر تشرين الأول/ أكتوبر من (العام 2018)، لذلك قد يكون أهل البندقية هم المنقذين للمدينة العائمة على المدى الطويل.

وعلى الرغم من المخاوف بشأن انخفاض عائدات السياحة فإنَّ السلطات تتطلَّع إلى المضي قدمًا في فرض حظرٍ على الفنادق الجديدة، وهي ليست خطوةً غير مسبوقة؛ إذ أجرت أمستردام تدبيرًا مماثلًا لوقفِ تحول المدينة إلى "ديزني لاند"، وحدث ذلك في برشلونة أيضًا.

فإلى أي درجةٍ يمكن أن تصبح الأعداد المتزايدة من السياح مصدر قلقٍ وإزعاج للسكان المحليين؟

#البندقية #Venice #السياحة_بأعداد_ضخمة #أكتوبر_الحضري #31_يوم_حضري #ثلاثون_مدينة_ومدينة

بطاقة تعريف:

راما النمري: مهندسة عمارة وتخطيط مدن، تحمل درجة الماجيستير في التخطيط الحضري وتصميم التشريعات، وتعمل مع منظّمات الأمم المتّحدة منذ عام 2014 في مجال الاستجابة الإنسانية الحضرية،والسياسات الحضرية الوطنية، والتخطيط الإقليمي والتنمية المستدامة، وحاليًا تعمل مع مفوضيّة الأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين في مخيّمات اللاجئين والعمليات الحدودية، إذ تقدّم دعمًا متخصصًا في تصميم مستوطنات اللاجئين وتطويرها.

فيسبوك:

هنا

انستغرام:

هنا

عيسى بدور: مهندس معماري ومصمم بصري، يحمل درجة الماجيستير في التصميم المعماري، ويعمل في ميلانو مخرجًا فنيًّا لأعمال التواصل الرقمي والترويج المجتمعي.

فيسبوك:

هنا

انستغرام:

هنا