التوعية الجنسية > الحياة والحقوق الجنسية والجندرية

هل فياغرا الأنثى حقيقة؟

قبل ثلاث سنوات، كان الدواء الأول والوحيد الذي وافقت عليه منظمة الغذاء والدواء الأمريكية (the U.S. Food and Drug Administration) -من أجل تحسين الرغبة الجنسية لدى النساء- يغزو رفوف الصيدليات.

وللحظة، بدا أنَّ النساء حصلن -أخيرًا- على نسختهن الخاصة من الفياغرا (Viagra) الخاص بالذكور فقط.

وقد حملت هذه الحبوب الوردية الصغيرة -والتي تُدعى (Addyi)- كثيرًا من الوعود بمساعدة النساء على تنشيط حياتهن الجنسية، وحالما أُطلق الدواء؛ بيعت الشركة المطورة له (Sprout Pharmaceuticals) وتلاشى الحماس المُرافق لظهور هذا الدواء الجديد.

وفي الوقت الحالي، أُعيد إطلاق الدواء من قبل شركة (Pharmaceuticals Sprout) بسعر مغري ونماذج متنوعة، وأصبح دواء (Addyi) متوافرًا من جديد بطريقة -الطبابة عن بُعد- بحيث يُشخِّص الأطباء الأعراض ويصفون الدواء لمرضاهم عن طريق الإنترنت.

وفي حين كانت تكلفة الحبة الأصلية (800 دولار) شهريًّا، ستصبح الآن مقابل (99 دولار) شهريًّا فقط، بل إنَّها ستصل إلى (25 دولار) فقط؛ إن كان تأمينك الصحي يغطِّي هذا النوع من الأدوية!

ويُعدُّ دواء (Addyi) -والذي يُدعى ب(Flibanserin) أيضًا- دواءً غير هرموني تأخذه النساء يوميًّا في فترة ما قبل سن اليأس، واللواتي يعانين اضطرابَ انخفاض الرغبة الجنسية (HSDD- hypoactive sexual desire disorder)، الذي بدوره يسبِّب توتُّرًا وضيقًا للمرأة.

وتنظر بعض النساء إلى هذه الاضطرابات على أنَّها تبدُّلٌ عاديٌّ في الرغبة الجنسية، ولكن، حتى تُشخَّص الإصابة بهذا الاضطراب؛ يجب أن تستمرَّ الأعراض لدى المرأة مدة ستة أشهر على الأقل، والتي تتمثَّل في نقص الرغبة تدريجيًّا إلى انعدام الاهتمام نهائيًّا بأيِّ نشاط جنسي، وغياب أيِّ حسٍّ بالسعادة والنشوة عند تنبيه الأعضاء التناسلية وإثارتها.

وما تزال أسباب حدوث هذا الاضطراب (HSDD) محيِّرة قليلًا للأطباء، لكن كما هو مبيَّن في النشرة الطبية المرافقة للدواء (Addyi)؛ فإنَّ هذا الاضطراب غير ناتج من مشكلات طبية، أو عقلية، أو مشكلات في العلاقة مع الشريك، ولا يمكن عدُّه اختلاطًا لدواء آخر أيضًا.

لطالما انتظر الكثير من النساء تصنيعَ فياغرا أنثوية لتنهضن برغباتهن الجنسية إلى حالٍ أفضل، ولكن من الجدير ذكره أنَّ آلية عمل دواء (Addyi) تختلف عن نظيره الذكري "الفياغرا"؛  فالأخير يعمل على زيادة الانتصاب عند الرجل عبر زيادة تدفُّق الدم إلى القضيب، أمَّا ال(Addyi) فيستهدف رغبة المرأة في ممارسة الجنس بدلًا من استهداف أعضائها التناسلية؛ إذ يؤثِّر الأخير في الجزء المسؤول عن الرغبة الجنسية في الدماغ، ويستهدف النواقل العصبية: الدوبامين (dopamine)، والنورأدرينالين (norepinephrine)، والسيروتونين (serotonin)؛ الأمر الذي يقوِّي الرغبة، وذلك بإشباع حاجاتها الجنسية شهريًّا سواء عبر الجنس المهبلي، أو الجنس الفموي، أو الاستمناء، أو مداعبة شريكها لأعضائها التناسلية، مع ملاحظة أنَّ النساء اللاتي استخدمن ال(Addyi) قد وصلن إلى علاقة جنسية مُرضِية لهن بمقدار النصف من العلاقات في أثناء شهرٍ من مراقبة النتائج.

ويعتقد بعض العلماء أنَّ التأثيرات الإجمالية لهذا الدواء تُعَدُّ قليلةَ الأهمية بالنسبة إلى دواء يُؤخذ يوميًّا لبقية حياة المرأة. ويوجد على علبة الدواء مربع أسود يحذِّر من أعراضه الجانبية التي تتمثَّل ب:

جفاف الفم، والأرق، والدوار، والنعاس، والغثيان، إضافة إلى هبوط شديد في ضغط الدم. وأخيرًا، فإنَّ هذا الدواء لا يؤثِّر في أيِّ من الهرمونات: الإستروجين، التستوستيرون، أو البروجستيرون، والتي تكون مضطربة عند المرأة التي تعاني (HSDD).

وبحسب بعض الخبراء؛ فإنَّ انخفاض الرغبة لدى بعض النساء يعود غالبًا إلى مشكلات مع الشريك؛ أي أنَّه ليس انخفاضًا حقيقيًّا، ولذلك، وفي مثل حالات كهذه؛ يُعَدُّ علاج الزوجين السلوكي (couples therapy) أمرًا مساعدًا أكثر من غيره.

وفي النهاية، يجدر الذكر أنَّ هذه الأدوية ليست وصفةً سحرية تحوِّل المرأة التي تأخذها إلى شخص آخر كليًّا بومضة عين! فالنساء اللواتي يأخذن هذه الحبوب ما يزلن بحاجة إلى العمل على عدَّة مناحٍ حياتية أخرى نذكر منها: المزاج المناسب، ومستوى التوتر النفسي في الحياة اليومية، والإجهاد، ووجود الشريك المناسب لهن بالتأكيد. وقد تستدعي كلُّ تلك المناحي من المرأة -ولو تطلَّب الأمر من شريكها أيضًا- زيارة الاختصاصي النفسي، ومساعدة الطبيب الخاص للحصول على التقييم الطبي الأمثل لكلِّ حالة فردية.

المصادر:

1- هنا

2- هنا