الطب > مقالات طبية

الديسك (القرص المُنفتق) - الجزء الأول

نبدأ معكم بالجزء الأول من سلسلة مرض الديسك؛ إذ سنُعرِّف هذا المرض وسنتحدث عن أهم أسبابه وأعراضه ومضاعفاته.

قبل البَدء بالحديث عن الديسك أو ما يُسمّى (الانزلاق الغضروفيّ) أو (القرص المُنفتق) أو (فتق النواة اللبيّة)، سنبدأ بلمحةٍ تشريحيَّةٍ عن القرص بين الفقريّ.

يتألفُ كلّ قرصٍ من حلقةٍ خارجيّة قويّة من الألياف تُسمى الحلقة الليفيّة، ومن مركزٍ يشبه الهلام ويُسمّى النواة اللبيّة. إن الحلقة الليفيّة المنطقةُ الأقوى في القرص؛ إذ تُمثِّل الرباط المسؤول عن ربط الفقرات، أمّا النواة اللبيّة فتعمل بصفتها ممتصَّة رئيسيَّة للصدمات.

إنّ الأقراص بين الفقريّة بمثابة وسائدَ ممتصةٍ للصدمات، تتوضع بين فقرات العمود الفقريّ، فيزدادُ حجم الأقراص في العمود الفقري عندما نتجه من الرّقبة إلى أسفل الظهر؛ ويعود ذلك إلى ازدياد حاجة امتصاص الصّدمات بسبب الوزن والجاذبية.

وتسمح هذه الأربطة للعمود الفقري بالحركة لنتمكن من الانحناء إلى الأمام وإلى الخلف وإلى الجانب، ويمكن أن تُصابَ هذه الأقراص ببعض الأذيّات مثل الأربطة الأخرى الموجودة في جسمنا تمامًا.  المصدر 3

ما القرص المُنفتق؟

هو الجزء الذي يخرج من نواةِ القرص بواسطة الحلقة الليفيّة إلى القناة الشوكيّة، وذلك بواسطة فتقٍ أو تمزّق في هذه الحلقة، وتحوي القناة الشوكية مساحةً محدودة، وهي غيرُ كافيةٍ للعصب الشوكيّ ولأجزاء القرص بين الفقريّ المتشظيّة؛ ولهذا السبب سيضغط القرص المُنفتق على الأعصاب الشوكيّة مسبِّبًا آلامًا قد تكون شديدة.

يُمكن أن يحدثَ فتق النواة اللبية في أيِّ جزءٍ من العمود الفقري، ولكن تكونُ الأقراص المُنفتقة أكثرَ شيوعًا في أسفل الظهر (أي في الفقرات القطنيّة)؛ إذ إنَّها قد تحدثُ في الرّقبة أيضًا (العمود الفقريّ الرقبيّ).

الأسباب:

يحدثُ الفتق عند ممارسة كثير من الضغط على القرصِ الفقريّ السليم؛ إذ يكونُ الضغطُ المطبّق على الرّقبة أو أسفل الظهر أكثرَ من اللازم، فلا يمكنُ للقرص السّليم امتصاصه.

فعلى سبيل المثال يمكن أن يُسبِّب السّقوط من ارتفاعٍ كبير(كالسقوط من أعلى السلم)  ضغطًا كبيرًا على العمود الفقري، فإن كان هذا الضغطُ قويًّا وكافيًا؛ يمكن أن تنكسَر فقرةٌ أو يمكن للقرص أن ينفتق.

ويُسبِّب الانحناء ضغطًا كبيرًا على الأقراص، كما يسبب رفعَ جسمٍ ثقيل تمزقاً في القرص بين الفقريّ.  

إضافة إلى أنّ مادة القرص تتنكس مع التقدم في العمر، وتضعف الأربطة التي تثبته في مكانه، ومع استمرار هذا التنكس يمكن أن يسبِّب ضغطًا ضئيلًا نسبيًّا، أو قد تسبب حركةُ انعطاف تمزّقًا في القرص.

ومن الأسباب الأُخرى الوضعيات المُتعِبة  للعضلات، والوضعيات الخاطئة، مثل تقريب الكتفين إلى الأمام؛ إذ ينجرف الرأس فيها إلى الأمام مما يولّد توترًا مُفرطًا على الأقراص والأربطة والمفاصل في العمود الفقريّ الرقبيّ، فكلُّ إنش من وضعية تقريب الرأس نحو الأمام يضيفُ 10 أرطال إضافية من الضغط على العمود الفقريّ، ومع مرور الوقت  ينتج عن ذلك ضعفٌ في القرص بين الفقري والتهاب المفاصل والأربطة.

وتكونُ الأقراص المُنفتقة أكثرَ شيوعًا لدى البالغين الشباب، والبالغين في مرحلة منتصف العمر، ونادرًا ما تحدثُ عند الأطفال.

الأعراض:

تختلفُ الأعراضُ اختلافًا كبيرًا اعتمادًاعلى مكان القرص المُنفتق وعلى حجم الفتق، فإن لم يضغط القرصُ المُنفتق على العصب، قد لا يشعر المريض بأيّ ألمٍ على الإطلاق، أو قد يعاني المريضُ في بعض الحالات ألمًا في أسفل الظهر.

أمّا عندما يضغط القرص المُنفتق على العصب، فقد يشعر المريض بألم أو خَدر أو ضعف في المنطقة من الجسم التي يعصبها هذا العصب، وعادةً ما يُسبَقُ فتق النواة اللبية بسلسلةٍ من آلام أسفل الظهر، أو بتاريخٍ طويل من نوبات الألم المتقطعة أسفل الظهر.

وينجم عن القرص المُنفتق في أسفل الظهر ألم عرق النسا؛ إذ  يمكنُ أن يسبّب الضغطُ الألمَ والحرقَ والوخزَ والخدرَ، وعادةً ما يتأثرُ جانبٌ واحد من الجسم، ويُوصفُ هذا الألم على هيئة صدمةٍ حادةٍ وكهربائيّة غالبًا؛ إذ ينتشر من الأرداف إلى السّاق وأحيانًا إلى القدم، ويكون أكثر شدةً مع الوقوف أو المشي أو الجلوس، إضافة  إلى آلام أسفل الظهر.

لمزيد من المعلومات عن عرق النسا هنا .

أما في العمود الفقري الرقبي؛ فقد تشملُ الأعراض ألمًا حادًّا في الرّقبة، أو بين لوحيّ الكتف، وقد ينتشر نحو الأسفل إلى  الذراع وإلى اليد أو الأصابع، وربما يكون هناك شعور نَمَل، أو وخز في الكتف أو الذراع، وقد يزداد الألم مع وضعيات أو حركات معينة في الرقبة.

المضاعفات:

نادرًا ما يضغط القرصُ المُنفتق على منطقة ذيل الفرس* بالكامل؛ مما يستدعي إجراء جراحةٍ طارئةٍ لتجنّب الإصابة بالعجز أو الشلل الدائمَين.

المضاعفات المرافقة للضغط على ذيل الفرس:

- تفاقم الأعراض: إذ يزداد الشعور بالألم أو الخدر أو الضعف إلى درجة لا يمكن أداء الأنشطة اليومية العادية.

- ضعف المثانة أو الأمعاء: قد يصبح الأشخاص الذين يعانون متلازمة ذيل الفرس مصابين بسلس البول، أو قد يواجهون صعوبة في التبول عند امتلاء المثانة.

- الخدر السرجي: يؤثر الفقدان التدريجي للإحساس في المنطقة التي تلامس السرج (وهي المنطقة ما بين الجزء الداخلي من الفخذين، والجزء الخلفي من الساقين، والمنطقة المحيطة بالمستقيم).

نصل معكم إلى نهاية الجزء الأول، ونستكمل حديثنا عن الديسك في الجزء الثاني الذي سنستعرضُ فيه عوامل الخطورة ووسائل التشخيص وطرائق العلاج.

*تمثل نهاية الحبل الشوكي داخل الجزء السفلي من القناة الشوكيّة؛ إذ ينقسمُ الحبل الشوكيّ أسفل الخصرِ مباشرةً إلى مجموعة من الجذورِ العصبيّة الطويلة، تُسمّى ذيل الفرس.

المصادر:

1-هنا

2-هنا

3-هنا