الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة

دفن الكربون في باطن الأرض قد يسبب الزلازل

للأسف، على الرغم من الثورة التي يَعِد بها التقاط الكربون وتخزينه بحماية البيئة وجعل الكوكب مكاناً صحياً ونظيفاً أكثر، إلا أن لكل تقنية جديدة مآخذها ومساوئها؛ ففي الوقت الذي دمر فيه الإنسان توازن الغلاف الجوي لجأ إلى حقن المسبب (غاز ثاني أكسيد الكربون) في الأرض مما أفقدها توازنها هي الأخرى فانتهى به الأمر ليعالج المشكلة بمشكلة أكبر. يعتقد أن حقن الكربون في أعماق الأرض قد يساهم في كوارث قاتلة ونتائج لا يمكن التحكم بها كالزلازل .... لكن كيف يمكن ذلك؟

أثار الباحثون الجيوفيزيائيون والخبراء حديثاً شكوكاً حول أن التقاط الكربون وتجميعه سيلعب دوراً رئيسياً في تخفيف آثار التغيرات البيئية ….. أفاد تقرير نشر من قبل مجلس البحث الوطني الأمريكي تحذيراً من أن حقن مليون طن من غاز ثاني الكربون المسال والقادم من محطات أو مناطق استخراج واستعمال الوقود الأحفوري إلى التشكيلات الجيولوجية العميقة هو مشابه تماماً لإحداث زلازل في الصخور الكتيمة المحيطة وسيسمح لغازات الدفيئة أو الغازات المسببة للاحتباس الحراري بالعودة إلى السطح. أشار مهندسون جيوفيزيائيون من جامعة ستانفورد إلى أن حقن كميات ضخمة من غاز ثاني أوكسيد الكربون في الصخور الموجودة في الكتلة القارية الداخلية قد يسبب الزلازل ومن أن التوقعات الضخمة لمشروع التقاط الكربون وتجميعه قد يكون له أثار خطيرة، كما قامت باحثة جيولوجية في كولورادو بالإشارة في إحدى الدوريات العلمية إلى أن توازن السوائل الصافية وحجم السوائل المحقونة سيحددان بشكل كبير فيما إذا ما كان ضخ السوائل إلى التشكيلات تحت الأرضية سيسبب الزلازل.

استناداً إلى التقرير الصادر عن المدرسة الجيولوجية في كولورادو فإن مشاريع إنتاج النفط والغاز التي تأخذ بالحسبان التوازن بين السوائل المحقونة والسوائل المسحوبة أو التي يتم استخراجها فإن لهما آثاراً زلزالية خفيفة بالمقارنة بالمشاريع التي تتجاهل توازن السوائل. ما تجدر الإشارة إليه أن مشروع التقاط الكربون وتجميعه يتم بدون استخراج الماء الذي يبقى موجوداً في التشكيلات.

إن أكبر مشروع لالتقاط الكربون وتخزينه حتى الآن يستوعب ما نسبته 2.8 مليون طن بالسنة ابتداء من عام 2000، وأكد الخبراء عدم حدوث زلازل جديدة أو تنشيط لأخرى سابقة بعد القيام بحقن أكثر من 21 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون، مع ذلك فإن الاختيار الحريص لمواقع التخزين يبقى ذو أهمية قصوى. لم يسجل في حقل ويبوورن ميدالي (Weyburn & Midale) في كندا أي زلازل كما لم يتم ملاحظة استعادة نشاطات الفوالق التي هي كسور في القشرة الأرضية.

من الممكن التحكم بالضغط خلال عمليات الحقن من أجل عدم حدوث تشققات أو تصدعات للغطاء الصخري لكن يجدر الانتباه إلى أن الضغط المنخفض المرافق لعمليات الحقن يعني استيعاب وتخزين أقل وبالتالي رفع كلفة التقاط الكربون وتخزينه. ضمن ذات السياق قامت مجموعة باحثين باكتشاف إدارة فعالة للخزانات النشطة المحتملة لتخفيف التناقص في ضغط الخزانات (كلمة خزانات هنا تعني التشكيلات تحت الارضية المتشكلة طبيعياً وجيولوجياً وليس كلمة خزان ماء أو ما شابه) وبالتالي فان هدفهم استخراج السوائل المالحة الناتجة عن عمليات حقن الكربون ومن ثم القيام بتحويل هذه المياه إلى مياه محلاة أو صالحة للاستخدام بالعودة مرة أخرى إلى موضوع حقن أو استخراج السوائل الذي كنا أشرنا اليه في مقدمة المقالة من أنه يسبب حدوث الزلازل هذا الموضوع تم اعتماده من مدرسة كولورادو للجيولوجيا اعتبارا من العام 1923 كما نبهت شركة شل العالمية في السنوات الماضية من أن الكثير من الزلازل التي تحدث اثناء عمليات التكسير الهيدروليكي أو اختصاراً من خلال عمليات حقن السوائل

ذات نسبة قليلة جداً مقارنةً بالزلازل التي تحدث بشكل طبيعي لكن لا ينفي ذلك الحاجة إلى دراسة العديد من المعطيات قبل البدء بعمليات حقن او التقاط الكربون. إن الأحداث الزلزالية الصغيرة التي تحدث خلال عمليات التكسير تحرر طاقة هي بالمتوسط تعادل رش كمية من الحليب في ساحة مطبخ وذلك لأن عمليات التكسير تؤثر على حجم محدد فقط من الصخور قد تبلغ عدة مئات من الأمتار المكعبة ولعدة ساعات فقط، وعلى النقيض من هذا فأن عمليات حقن الكربون الواعدة لمئات من السنين القادمة سوف يخلق أو ينشئ ضغطاً ضعيفاً على الخزانات، والغريب أن عمليات الخرق في الأغطية الصخرية التي تغلف مخزن الكربون لن تؤدي بالضرورة إلى عودة غاز الكربون المحقون إلى الغلاف الجوي أي أن يخرج مرة أخرى إلى سطح الأرض أو الغلاف الجوي وذلك لأن الغطاء تحت الأرضي الجيولوجي متنوع ولديه وحدات حماية كثيرة ومتنوعة.

إذا فالموضوع لا يزال مثار جدل، وفي الوقت الذي تحتاج بعض دول المنطقة إلى التفكير ببناء منشآت التخلص من غاز ثاني أكسيد الكربون المنطلق من صناعاتها ونشاطاتها فإنه يتوجب عليها أيضاً التفكير بالعواقب المحتملة، تخيلوا دولاً مثل إيران تبني هكذا منشآت في الوقت التي تمتلك فيه أصلاً احتمالات لحدوث الزلازل الطبيعية.

المصدر:

هنا