الطب > مقالات طبية

السرطان والنشاط الفيزيائي

النشاطُ الفيزيائي هو حركةٌ تتضمن استخدام العضلات الهيكلية، واستهلاك الطاقة، ويعدُّ عاملًا مُهمًّا لإحلال التوازن بين السعرات الحرارية الداخلة والمحروقة، إضافةً إلى أنَّه يعزز المناعة ويحسن المزاج، ويساعد على الحفاظ على وزن صحي، إضافةً إلى فوائد أخرى، ولكن هل من أثرٍ إيجابي لنشاط مريض السرطان في صحته؟

يجب على مرضى السرطان الراحة الجسديَّة، وعدم بذل أي جهد، لذلك نجد ممارستهم للنشاطات والتمارين الجسدية أمرًا غير منطقي، ولكن قلة النشاط البدني للأفراد الأصحاء مرتبط بخطر الإصابة بالبدانة، والأمراض القلبية الوعائية، وداء السكري (النمط الثاني)، وتناقص في الكتلة العضلية، والإصابة ببعض السرطانات أيضًا!

دلّت دراسات عديدة أُجريت على مرضى السرطان (مثل: الثدي، والقولون، والمستقيم)، تتعلق بالآثار الإيجابية الناتجة عن ممارستِهم النشاطات الفيزيائية، والتمارين الرياضية؛ إذ قللت من الآثار الجانبية المرافقة للمعالجة الكيميائيَّة مثل: (الغثيان، والتعب، والأرق)، وحسَّنت من النتائج المتوقعة منها، وعزَّزت من القدرة الجسديَّة، ومن حالة المرضى النفسيَّة (كالاكتئاب، والقلق)، مقارنةً بالمرضى الذين لم يمارسوا التمارين الرياضية في فترة مرضهم.

دفعت هذه النتائج الواعدة مختصي أمراض السرطان إلى وضع التمارين والنشاطات البدنية جنبًا إلى جنب مع العلاجات التقليدية (كيميائية، وشعاعية، وجراحية) بوصفها علاجًا مُتمِّمًا ومساعدًا.

النشاط الجسدي الذي ينصح به الباحثون والمختصون:

- ممارسة  التمارين الهوائيَّة المُعتدلة 150 دقيقة أسبوعيًّا، كالمشي، وركوب الدراجات، والسباحة، أوممارستها بأسلوب مُكثَّف (75 دقيقة أسبوعيًّا)؛ إذ أظهر المرضى تحسنًا في القوة العضلية، واستجابةً مناعيَّة أفضل، إضافة إلى استعادة وظائف الجهاز القلبي، والجهازالتنفسيcardiorespiratory functions الناتجة عن قبط الرئتين للأوكسجين بأداء أفضل، وهبوط في مستويات الضغط المرتفع.

- أداء مجموعة من تمارين المقاومة كرفع الأثقال (من جلستين إلى ثلاثة أسبوعيًّا)؛ إذ تساعد هذه التمارين على زيادة معدل الاستقلاب، واستعادة الكتلة العضلية، وقد ساعدت هذه التمارين على ظهور تحسنٍ كبير في قدرة المرضى على أداء نشاطاتهم اليوميَة الضروريّة أيضًا.

وعلى الرغم من الآثار الإيجابية، ولكن يجب أخذ مضادات الاستطباب عند البدء بهذه المعالجة المساعدة؛ إذ إنَّ:

- استخدام الأدوية الكيميائية له سمية عضلية قلبية ورئوية تحدُّ من أداء التمارين؛ لذلك من الضروري إجراء الفحوص المخبرية والسريرية لتقييم الوظائف القلبية والتنفسية للمرضى قبل البدء بالتمارين، وبذلك معرفة أيٍّ منها يكون مناسب لحالة المرضى.

- قد تحدُّ العمليات الجراحية من حركة المرضى فيصعِّب أداء التمارين المساعدة في وقت العلاج.

- لا يمكن للمرضى المعالجين بالمثبطات المناعية أداء التمارين بسبب نقص الكريات البيض، ولكن يمكنهم ممارستها ضمن ظروف بيئية نظيفة من العوامل الممرضة.

إنّ التمارين الرياضية ضرورية في مرحلتي التشخيص والمعالجة على حدٍّ سواء؛ إذ إنها تقي من خطر النكس بعد الشفاء، ومعاودة الإصابة من جديد، إضافة إلى أنَّها عامل وقاية نسبي لعدد من السرطانات (مثل سرطان الثدي، والقولون، والمستقيم، والبروستات)، ولِلأشخاصِ الأصحاء أيضًا؛ إذ إن ممارسة التمارين تُخفض نسبة الهرمونات كالإستروجين، والأنسولين، وعوامل النمو المساهمة في إحداث السرطان، وتحسن وظائف الجهاز المناعي، وتغير معدل استقلاب الحموض الصفراوية، وتحسن وظائف الجهاز الهضمي كاملة؛ إذ يقلل من تماس ظهارة الأمعاء مع المواد المسرطنة.

وأخيرًا: قالت الباحثة الطبيبة "برو كورمي، Prue Comrie" عضو الجمعية الأسترالية لطب الأورام COSA:

"إدخال التمارين الرياضية ضمن العلاج النموذجي لمرضى السرطان، سيسبب قفزة نوعيّة في الميدان الطبي، ولو كان باستطاعتنا تحويل فوائد التمارين إلى حبَّة علاجية، لطلبها كل المرضى، ووصفها كلُّ مختص في السرطان، ودعمتها الحكومات أيضًا".

المصادر:

1-هنا

2-هنا

3-هنا

4-هنا

5-هنا