الطب > مقالات طبية

الموسيقا والقلب

إن الموسيقا جزء أساسيًُ في حياة كثير منا، وغالبًا تحفِّز حواس المستمع والجوانب الفكرية مثل الحركة واللغة والذاكرة؛ فبهذا تشرك أجزاءً من دماغنا في الاستماع لنغمات الموسيقا.

لكن أغلبنا ينصت للموسيقا بهدف الاستمتاع بها ولكونها تخلق فينا عواطف عديدة.

فكيف تؤثر الألحان المختلفة في حالتنا النفسية؟ وهل يمكننا قياس هذه التأثيرات في القلب عمليًّا؟

في دراسة نُشرَت عام ٢٠١٣م تابعت التأثيرات الحادة للأنماط المختلفة من المُوسيقا في المؤشرات الهندسية لتغيير معدل ضربات القلب؛ إذ اختبرعلى نطاق واسع من الأنماط متضمنة مُوسيقا عصر الباروك الهادئة، وموسيقا الروك المثيرة بترددات مختلفة، وكانت الدراسة على 21 من النساء الأصحاء، تراوحت أعمارهن بين 18، و35 سنة؛ إذ استُبعِد أصحاب الخبرة السابقة في الآلات الموسيقيَّة والأشخاص المحبين وأصحاب المعرفة بالأنماط الموسيقيَّة المختبرة تحديدًا،؛ لأن هذا التفضيل قد يؤثر في استجابات القلب والأوعية الدمويَّة.

كانت الدراسة على مجموعتين من النساء، الأولى عُرِض عليها  نوعان من الموسيقَا الهادئة، والصاخبة، مع فاصل دامَ خمس دقائق، بين النمط الأول والثاني مقارنةً بالمجموعة الثانية التي تعرضت لكلا النمطين أيضًا، إضافةً إلى التَّحفيز السمعي بواسطة الضوضاء البيضاء من أجل التحقق من التباين في مستوى صوت الأغاني، وتأثيره في تقلب معدل ضربات القلب.

أظهرت النتائج على هذه المجموعات أن التعرض لكلا النمطين يُسبِّب انخفاضًا طفيفًا في معدل ضربات القلب بسبب التكافؤ في مستوى الصوت بين النمطين، وذلك عند عرضهما على عينات الدراسة؛ إذ إن هذا الانخفاض يمكن ربطه بإطلاق الدوبامين في الدماغ للمشاركة في التحفيز العاطفي عند الاستماع للموسيقَا.

وتدعم هذه النتائج دراسات عديدة أظهرت أن للموسيقا قدرة على تغيير كيمياء الدماغ، وهذه التغيرات قد تفيد القلب والأوعية الدموية بسبب استرخاء الشرايين وتمكينها من تخفيف القلق، لدى الناجين من النوبات القلبية في بعض الحالات، إضافةً إلى مساعدتها على ممارسة الرياضة فترة أطول، وذلك في اختبار الإجهاد القلبي على جهاز المشي على سبيل المثال.

وتظهر هذه النظريات في دراسة نُشرَت عام 1991م، كانت على 24 طالبًا جامعيًّا، تطوعوا للمشاركة في ثلاث جولات من المشي، والركض على جهاز المشي حتى الإرهاق، وتضمَّنت اثنين من هذه الجولات الاستماع  إلى نمط معين من الألحان، مقارنة بجولة خالية من الموسيقا، مع مراقبة سرعة الإرهاق ومعدل ضربات القلب لديهم.

إحدى هذه الجولات كانت للموسيقا الهادئة والبطيئة نسبيًّا؛ إذ سُجِّلَت بيانات أظهرت أن الأعضاء المشاركين استغرقوا وقتًا أطول؛ لاستنفاد طاقتهم عند التعرض لهذا النمط، مقارنةً بالجولة الخالية من الموسيقا، وكانت ضربات القلب في هذه الجولة -بعد 6 دقائق من بدايتها- أخفض من الجولة الخالية من الموسيقا؛ إذ يدعم فرضية أن الموسيقا الهادئة تزيد من القدرة على التحمل، وتقلل من الإثارة الفيزيولوجية والنفسيَّة في التمرين.

إنَّ كثيرًا من الأبحاث تدل على أن تفضيل نمط معين هو عامل مؤثر كبير، فإن الموسيقا التي يختارها المريض، تُظهر تأثيرات مفيدة أكثر من الموسيقا التي يختارها له شخص آخر؛ لأن الموسيقا تثير الاستجابات الجسدية في ألفتها، ومشاعر الأمن المرتبطة بها لدى الشخص.

واستقبال الموسيقا يبدأ بجذع الدماغ الذي يتحكم أيضًا بمعدل ضربات القلب والتنفس، وهذا يُفسِّر سبب تخفيف الموسيقا لمعدل ضربات القلب، ومعدل التنفس، وضغط الدم، والألم، والتوتر، والقلق أحيانًا.  ويشرح براين هاريس (معالج للموسيقا العصبية، مُعتمَد في مستشفى التأهيل الصحي في جامعة هارفارد) بكلمات أخرى: "لا يوجد أيُّ حافز على الأرض ينشط أدمغتنا في آنٍ واحدٍ على نطاق واسع كالموسيقا".

المصادر:

1-هنا

2-هنا

3-هنا

4-هنا