العمارة والتشييد > ثلاثون مدينة ومدينة

26. فلورنسا - Florence

26. فلورنسا:

زرت فلورنسا - إيطاليا عدَّة مرات، وكانت آخر مرة في (فبراير/ شباط عام 2015).

تضمُّ فلورنسا قرابة ثلث كنوز العالم الفنية وفقًا لليونسكو، وهي موطن بعض أكبر المعالم المعمارية والفنية في العالم مثل كاتدرائية سانتا ماريا ديل فيوري وغاليريا ديلي أوفيزي وتحفة مايكل أنجلو؛ تمثال داوود.

ولِدَ عصرُ النهضةِ وليوناردو دا فنشي هنا، لذلك كلُّ شيءٍ في فلورنسا مكرَّسٌ لهذه الفترة الحاسمة في التاريخ الأوروبي، ويمكن القول أنَّ فلورنسا ظلَّت عالقةً في عصر النهضة ولم تترك إلا مساحة صغيرة جدًّا لأشكالٍ جديدةٍ من الفنِّ المعاصر للظهور من قبل الفنَّانين الشباب، وعلى الرغم من ذلك أثبتت فلورنسا -مثل العديد من المدن الكبيرة الأخرى- أنَّها مكانٌ يمكن أن تزدهر فيه الحركات الإبداعية المبتكرة والمفاجئة، إذ ازدهر حسٌّ حضريٌّ شبابي في فلورنسا في السنوات الأخيرة وظهر جيلٌ جديدٌ من الفنانين الذين بدأوا عصر نهضةٍ جديد لجلبِ الفن أقرب إلى الناس مرَّةً أخرى، فأصبحت شوارع فلورنسا وجدران القصور لوحاتهم ولم تسلم حتى إشارات المرور منهم، وسعى فنانو عصر النهضة الحضرية جاهدين إلى جعل المدينة ملوَّنةً أكثر بقليل ووضع ابتسامةٍ على وجهك أو إلهامك وتحفيزك على التفكُّر.

تضمُّ حركةُ فنِّ الشوارع هذه العديد من الأساليب المميزة، وبمجرَّدِ معرفةِ ما تبحث عنه ستبدأ بملاحظةِ هذه اللوحات في جميع أنحاء المدينة. وهناك اسمان لأشهر الفنانين وتتميز لوحاتهما بأنها فريدةٌ من نوعها في التعبير الفني وهما "كليت" و"بلوب".

يضع "كليت" الرسَّام والنحَّات الفرنسي -الذي يعيش في إيطاليا منذ أكثر من 20 عامًا- ملصقاتٍ مصمَّمةً خصيصًا على لوحات المرور معدِّلا إياها على نحوٍ مضحكٍ واستفزازي، ولكن دون إخفاء شكلها الأصلي لتخدم الهدف الأساسي لها، وهو شكلٌ خاص جدًّا من فنِّ الشوارع.

بدأت ملصقاتٌ مضحكةٌ بالظهورعلى لوحات المرور في فلورنسا على نحوٍ غامض، وسرعان ما أصبح واضحًا أنَّها تعود لـ "كليت" الذي يركب دراجته ويجول في جميع أنحاء المدينة ليلًا، ليزيِّن اللوحات بملصقاته. مارسَ "كليت" فنَّه المميَّز هذا في مدنٍ أوروبيةٍ مختلفةٍ وفي نيويورك وأوساكا في اليابان أيضًا.

الفنان الثاني المسمَّى "بلوب" فنانٌ غامضٌ يُعرف باسمه الفني هذا فقط، واستطاع عن طريق مشروعه المسمى "الفن يستطيع السباحة" أن يصوِّر أعمالًا فنيَّةً كلاسيكيةً شهيرة باللون الأزرق والأبيض والأسود لشخصياتٍ ترتدي أقنعةَ غطسٍ ومعدَّات الغوص وهي تحت الماء.

يستخدم "بلوب" الأبواب المعدنية لساعات الغاز والكهرباء غالبًا، إذ رسمَ عليها مباشرةً في البداية، ثمَّ انتقل لاحقًا ليرسم على ملصقاتٍ توضع على الأبواب المعدنية وتزال بانتظام.

يظهر التباين المبتكر المتناقض والقوي بصريًّا من العصور المختلفة الواضحة في أجزاءٍ كثيرةٍ من المدينة، فهي متحفٌ في الهواء الطلق لعددٍ لا يُحصى من روائع  تاريخ الفن وعصر النهضة تشبِعُ الحواس بكمٍّ هائلٍ من الجمال، وتعكس اليوم حركةُ فنِّ الشوارع في فلورنسا نوعًا من الثقافة الشبابية في البيئة الحضرية.

على الرغم من أن إدارة المدينة أقل حماسًا لهذا النوع من الفن ويمكن أن تعدَّه أعمالًا تخربيةً لأزقَّة المدينة، لكنَّ أعمال "بلوب" و"كليت" مبدعةٌ خلَّاقةٌ وتحترم المدينة في الوقت ذاته، وتستعيد الفن على نحوٍ مألوفٍ قريبٍ من الناس ويمكن الوصول إليه.

فإلى أي درجة يمكن أن يعبِّر فنُّ الشوارع عن تطلُّعات السكَّان ورغبتهم في إضافة طابعٍ مميَّزٍ إلى مدينتهم؟

#فلورنسا #Florence #فن_الشوارع #أكتوبر_الحضري #31_يوم_حضري #ثلاثون_مدينة_ومدينة

بطاقة تعريف:

راما النمري: مهندسة عمارة وتخطيط مدن، تحمل درجة الماجيستير في التخطيط الحضري وتصميم التشريعات، وتعمل مع منظّمات الأمم المتّحدة منذ عام 2014 في مجال الاستجابة الإنسانية الحضرية،والسياسات الحضرية الوطنية، والتخطيط الإقليمي والتنمية المستدامة، وحاليًا تعمل مع مفوضيّة الأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين في مخيّمات اللاجئين والعمليات الحدودية، إذ تقدّم دعمًا متخصصًا في تصميم مستوطنات اللاجئين وتطويرها.

فيسبوك:

هنا

انستغرام:

هنا

عيسى بدور: مهندس معماري ومصمم بصري، يحمل درجة الماجيستير في التصميم المعماري، ويعمل في ميلانو مخرجًا فنيًّا لأعمال التواصل الرقمي والترويج المجتمعي.

فيسبوك:

هنا

انستغرام:

هنا