الغذاء والتغذية > منوعات غذائية

بوشار الميكروويف ذو الرائحة الكريهة!

كم مرةً شعرت بالملل في أثناء مشاهدة فيلم ما وتبادر إلى ذهنك تحضير قليلٍ من البوشار الجاهز في الميكروويف.. إنه لأمرٌ سهل جدًا، مجرد وضعه في الميكروويف سيمنحك وجبةً مسليةً تلتهمها بسرعة وخفة..! لكن ماذا عن رائحته الواخزة!؟ هل فكرتم بالسر وراءها؟ دعونا نستكشف ذلك معًا في هذا المقال..

يفضي البحث عن أسباب الرائحة القوية للبوشار الجاهز والقابل للتحضير في الميكروويف إلى عدة آراء متضاربة، فالبعض يراها رائحة مقبولة، في حين يرى آخرون أن رائحته كريهة وقد يصل بهم الاشمئزاز أحيانًا إلى تشبيهها بشتَّى الروائح المقززة.. وبغض النظر عن رأيك بها عزيزي القارئ، عليك أن تعلم أن السبب وراءها واحد! المضافات الغذائية! فماذا تعرف عن المضافات المستخدمة في صناعة البوشار الجاهز للتحضير؟ وما هي المواد الكيميائية المسؤولة عن منحه تلك الرائحة الخاصة؟

تصدر هذه الرائحة عن عدة منكهاتٍ صناعية، وعلى الرَّغم من تكرر ظهور أسماء تلك المضافات ووصفها بالمواد الضارة، إلا أن الأدلة لم تثبت تأثيرها السلبي في صحة المستهلكين على نحو قاطع، لكنَّها أجمعت على تأثيرها في صحة العاملين في منشآت صناعة البوشار المحضر في المكيروويف وذلك بسبب استنشاقهم تلك الروائح بكمياتٍ كبيرةٍ.

ومن أهم تلك المواد المضافة للبوشار المحضر بالميكروويف مركبٌ يدعى ثنائي الأسيتيل diacetyl، يوجد طبيعيًا في بعض الأطعمة كالزبدة والقشدة الحامضية ويعدّ السبب الأساسي في نكهتها المميزة، وتكون هذه النكهة مرغوبة عادةً في منتجاتٍ مثل البوشار، وهو ما يدفع المصنِّعين إلى إضافته صناعيًا وذلك عن طريق إزالة الهيدروجين من مادة أخرى تدعى بوتانيديول 2،3-butanediol وهي من المضافات الغذائية أيضًا.

تعرَّضت مادة ثنائي الأسيتيل إلى العديد من الانتقادات عندما نشر باحثون نتيجة ما وجدوه في معمل لتصنيع البوشار المعدِّ للتحضير في الميكروويف، وذلك إثر معاناة ثمانية عمال من داء رئوي انسدادي شديد، وقد وُجد وقتها أن مركب ثنائي الأسيتيل كان أحد أهم المواد الموجودة في هواء المعمل. وقادت هذه الحادثة إلى مزيد من الدراسات الوبائية والدراسات على الحيوانات للتحقق من تأثيرات هذه المادة، وقد تبين على نحو مؤكد أن هذه المادة يمكن أن تؤذي الخلايا المبطنة للرئتين والرغامى مسببةً مرضًا يدعى التهاب القصيبات السادّ obliterative bronchiolitis الذي يُحدث التهابًا يليه تليفٌ حاد قد يؤدي إلى الحاجة إلى زرع رئة للمريض.

بعد تلك الدراسات، توقفت عدة شركاتٍ عن استخدام تلك المادة في منتجاتها، لكنَّ الطامة الكبرى كانت باستخدام مواد بديلة لا تقلُّ سوءًا عن سابقتها! ومن أهم تلك المواد مركبات هما بينتانيديون 2،3-pentanedione (وهو مركب خماسي ذرات الكربون) وهيكسانيديون 2،3-hexanedione (وهو مركبا سداسي ذرات الكربون) اللتان وُجد أنهما تسببان أذية رئوية أيضًا، وتعود فعالية هذين المركبين إلى مجموعة الداي كربونيل dicarbonyl group، ويمكن لهذين المركبين أن يسببا تلفًا في بروتينات السبل الهوائية عند ملامسة الطبقة المبطنة للجهاز التنفسي نتيجة تفاعلهما مع حمض أميني يدعى الأرجينين، وتكون نتيجة هذا التفاعل أذيةً سنخيّة غير عكوسة، وتدعى هذه الحالة بـ"رئتي البوشار popcorn lung".

يذكر أن حيوان binturong الذي يعيش في جنوب شرق آسيا يشتهر برائحةٍ شبيهة برائحة البوشار، ويعود ذلك إلى وجود أحد المركبات التي تنتج عن تفاعل ميلارد الشهير في بول هذا الحيوان، ويعرف ذاك المركب باسم 2-أستيل-1-بيرولين، وهو أيضًا من المركبات التي تُضاف في صناعة البوشار المحضر في الميكروويف.

يُذكر أن ظهور رائحة شبيهةٍ برائحة تلك المركبات؛ أي برائحة البوشار الجاهز، في بول أي شخص يستدعي مراجعة الطبيب، إذ يمكن أن يكون ذلك عرضًا لداء السكري، علمًا أنه قد يكون مجرد حالة مؤقتة تترافق أحيانًا مع تناول بعض الأطعمة الغنية بالكيتونات Ketones أو شرب مشروبات غنيةٍ بها.

المصدر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا