الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة

الكنز المُخبَّأ في البكتيريا البنفسجية الضوئية التغذية

تطورت الأبحاث وتعددت الدراسات التي تهدف إلى تحقيق استفادة قصوى من الفضلات التي ينتجها الإنسان، وأحدث هذه الدراسات كانت عن تقليل انبعاثات الكربون من الفضلات وزيادة إنتاج الهيدروجين؛ وذلك عن طريق البكتيريا البنفسجية التي سنتعرف آلية عملها في هذا المقال، تابعوا معنا.

تعدُّ المركبات العضوية الموجودة في مياه المجاري المنزلية ومياه الصرف الصناعية مصدراً غنياً بالطاقة والبلاستيك الحيوي وحتى البروتينات المغذية للحيوانات، لكن غياب طرائق الاستخلاص الفعَّالة يُحوِّل هذه المركبات إلى ملوثات تتخلَّص منها منشآت المعالجة، لكن الباحثين وجدوا حلاً اقتصادياً وصديقاً للبيئة.

كشفت دراسةٌ حديثةٌ عن إمكانية استعادة ما يُقارب 100% من الكربون من أي نوع من الفضلات العضوية، وتوليد غاز الهيدروجين لإنتاج الكهرباء بعمليةٍ واحدة عن طريق توصيل تيارٍ كهربائيٍّ إلى البكتيريا البنفسجية الضوئية التغذية التي تستطيع تخزين الطاقة من الضوء؛ إذ تُواجه محطات المعالجة الحالية مشكلةً تتمثَّل في انبعاثات الكربون العالية، في حين يمكن أن تمنحنا عمليةُ التكرير الحيوية المعتمدة على الضوء وسيلةً لإنتاج طاقة من مياه الصرف بلا أية بصمةٍ كربونيةٍ.

عمل البكتيريا البنفسجية:

عندما يرتبط الأمر بالتركيب الضوئي؛ فإن اللون الأخضر هو ما يتبادر إلى أذهاننا، ولكن؛ ينعدم هذا اللون في فصل الخريف مع غياب الكلوروفيل تاركاً رفاقه -الأصفر والبرتقالي والأحمر- في الميدان. وفي الواقع فإن الأصبغة اللازمة للتركيب الضوئي تتوفر بجميع الألوان وفي جميع المنظومات الحية.

وهنا يأتي دور البكتيريا البنفسجية الضوئية التغذية التي تستمدُّ الطاقة من ضوء الشمس مستخدمةً أصبغةً متنوعةً تتحوَّل لاحقاً إلى درجاتٍ من ألوانٍ أخرى مثل البرتقالي والأحمر أو البني وحتى البنفسجي؛ ولكن تعدُّد أنواعِ استقلابها -وليس لونها فقط- هو ما يجعل هذه البكتيريا مثيرةً للاهتمام؛ إذ تُعدُّ البكتيريا البنفسجية الضوئية التغذية أداةً مثالية لاستعادة الموارد من الفضلات العضوية؛ وذلك بفضل تنوُّع عمليات استقلابها كثيراً.

تستخدم البكتيريا الجزيئات العضوية وغاز النتروجين عوضاً عن ثاني أوكسيد الكربون والماء لتوليد الكربون والإلكترونات والنتروجين من أجل عملية التركيب الضوئي؛ ويعني هذا بدوره أنها تنمو بسرعة أكبر من الطحالب والبكتيريا الضوئية التغذية الأخرى، وتستطيع توليد غاز الهيدروجين والبروتينات أو نوعاً من البوليستر القابل للتحلل حيوياً بوصفه ناتجاً ثانوياً عن الاستقلاب.

تغيير نواتج الاستقلاب اعتماداً على الكهرباء:

يعتمد ناتج الاستقلاب على الظروف البيئية المتوفِّرة للبكتيريا ككثافة الضوء ودرجة الحرارة وأنواع المواد العضوية والمغذيات الموجودة، وانطلاقاً من ذلك؛ عمل فريق الدراسة على ضبط استقلاب البكتيريا البنفسجية لاستخدامها في تطبيقات مختلفة بالتحكم بمصدر الفضلات العضوية ومتطلَّبات السوق، والفريد في البحث هو استخدام تيار كهربائي خارجي لتحسين منتجات استقلاب البكتيريا البنفسجية.

يستند هذا المبدأ -المعروف باسم "النظام الكهروكيمياحيوي"- إلى الصفة المشتركة لطرائق الاستقلاب المتنوعة في البكتيريا البنفسجية، وهذه الصفة هي الإلكترونات. وعلى سبيل المثال فإننا نحتاج إلى كميةٍ من الإلكترونات لالتقاط الطاقة الضوئية في حين أن تحويل النتروجين إلى الأمونيا يُطلق إلكترونات فائضة تتبدَّد فيما بعد، وبهذا؛ فإنه بتحسين تدفُّق الإلكترونات خلال البكتيريا يمكن للتيار الكهربائي الناتج عن الأقطاب السالبة والموجبة أن يُحدِّد هذه العمليات ويرفع معدَّل التركيب الضوئي إلى أقصى حد.

المزيد من التركيب الضوئي والقليل من البصمات الكربونية:

لجأ الباحثون إلى تحديد الظروف المثلى لزيادة إنتاج الهيدروجين إلى الحد الأقصى عن طريق مجموعةٍ من أنواع البكتيريا البنفسجية الضوئية التغذية، ثم إنهم اختبروا تأثير تيارٍ سالب -عبارة عن إلكترونات ناتجة عن أقطاب معدنية- في سلوك البكتيريا الاستقلابي.

كان اكتشافهم الأول هو أن مزيج العناصر الغذائية الذي أنتج أعلى كميةٍ من الهيدروجين قلَّل من إنتاج ثاني أكسيد الكربون أيضاً.

يدل هذا على إمكانية استخدام البكتيريا البنفسجية لاستخلاص وقود حيوي قيِّم من المواد العضوية التي توجد عادة في مياه الصرف الصحي كحمض الماليك (حمض التفاح) وغلوتامات أحادية الصوديوم (مشتق حمض أميني)، مع أثر منخفض للكربون.

لكنَّ النتيجة الأهم كانت عند استخدام الأقطاب الكهربائية؛ فقد أظهرت التجارب أن "النظام الكهروكيمياحيوي" أظهر تفاعلاً واضحاً بين البكتيريا البنفسجية والأقطاب الكهربائية؛ إذ أدى الاستقطاب السلبي للإلكترود إلى حدوث استهلاك للإلكترونات قابل للاكتشاف ومرتبط بانخفاض في إنتاج ثاني أكسيد الكربون، ويُشير هذا إلى أن البكتيريا البنفسجية تستخدم الإلكترونات من القطب السالب لالتقاط المزيد من الكربون من المركبات العضوية عن طريق التركيب الضوئي، لذلك تتحرَّر كمية أقل من ثاني أكسيد الكربون.

استخدام "النظام الكهروكيمياحيوي" لإنتاج الهيدروجين:

شمل هذا البحث على أول استخدام مُعلَن عنه لأنواعٍ مختلفة من البكتيريا البنفسجية في نظام كهروكيمياحيوي، وأول إثبات لتغيير استقلابيٍّ في منظومة معتمدة على الضوء ناتجٍ عن تفاعل مع قطب سالب.

يمكن أن يكون تجميع ثاني أوكسيد الكربون الذي تُنتجه البكتيريا البنفسجية مفيداً ليس فقط في تقليل انبعاثات الكربون؛ بل في الحصول على الغاز الحيوي من الفضلات العضوية لاستخدامه وقوداً.

وعلى الرغم من الاكتشافات السابقة؛ لكنَّ هدف البحث كان دراسة إمكانية زيادة إنتاج الهيدروجين الحيوي بتقديم إلكترونات من القطب السالب لاستقلاب البكتيريا البنفسجية، ولكن يبدو أن هذه البكتيريا تُفضِّل استعمال هذه الإلكترونات لتثبيت ثاني أوكسيد الكربون عوضاً عن إنتاج الهيدروجين.

ومن يعلم؛ قد تقود الاكتشافات القادمة في هذا الميدان إلى استخدامات أكثر تفرداً لتلك العمليات.

hr />

حمض الماليك: هنا

غلوتامات أحادية الصوديوم: هنا

المصادر:

هنا

هنا