الكيمياء والصيدلة > الإنسان والإدمان

أخطر رحلات السلوك من العادة إلى الإدمان

لطالما ترافقت كلمتا الإدمان والمخدرات معًا، ولكن؛ هل يقتصر الإدمان على المخدرات فقط؟ سنعرض عليكم نوعًا آخرَ من الإدمان يدعى الإدمان السلوكي.

ما إدمان السلوك؟ وما الفارق بين إدمان السلوك وإدمان العقاقير؟

أكَّد خبراء علم السلوك على أن كل ما هو قادر على تحفيز الشخص قد يُسبِّب الإدمان في حال تحوله من عادة إلى واجب؛ إذ يعتقد الباحثون أن هناك أوجه تشابه واختلاف من ناحية الأعراض التشخيصية لكليهما.

فمثلًا الإدمان السلوكي (مثل إدمان الإنترنت والتلفاز) مشابه لإدمان العقاقير، باستثناء أن الفرد لم يُدمن على مادة معينة وإنما على السلوك أو الإحساس الناجم عن الفعل ذي الصلة. (1)

فالإدمان السلوكي؛ هو اضطراب يتميَّز بتكرار سلوكيات وأفعال معينة ـحتى وإن كانت مضرةـ مع ضعف التحكم بتواتر هذا السلوك نتيجة فشل مقاومة رغبة الفعل ذاته أو إغرائه. (2) (3)

ويُعرَّف إدمان العقاقير (مثل المواد المخدرة كالكوكائين أو المهلوسة كالـ DMT وغيرهم الكثير) بأنه اضطراب مزمن انتكاسي يتميز بالبحث عن عقار على نحو قهري واستمرار استخدامه على الرغم من العواقب الضارة والتغيرات الطويلة الأمد في الدماغ للوصول إلى خليط من المشاعر مثل النشوة أو المتعة. وغالبًا ما يترافق مع تطوير الاعتماد الجسدي تجاه هذا العقار. فلإدمان العقاقير شكلان أساسيان هما الإدمان الفيزيائي physical addiction؛ وهي عندما يعتاد الجسم نوع معين من العقاقير، فتنشأ حاجة جسدية تجاه العقار. والتعود النفسي psychological dependence؛ وهي الحالة الذهنية المتمثِّلة في الرغبة النفسية لاستهلاك عقار ما؛ فالحاجة هنا نفسية وليست جسدية. (4) (5)

يجب علينا التنبيه أنه من الممكن للإدمان الفيزيائي أن يحدث بسبب مواد قانونية أيضًا مثل الكافيين؛ ذلك لأن الجسم يتكيَّف طبيعيًّا مع التعرض المنتظم لمادة ما. (4)

وعلى عكس إدمان العقاقير؛ لا يمتلك الإدمان السلوكي أية أعراض إدمان فيزيائية. ولكن هنالك بعض الأعراض المحددة مثل التعب والإحباط ومعاناة الوحدة والخجل -حسب وصف العالم  Urzack-، وكذلك يخضع الأفراد المدمنين سلوكيًّا للعواقب نفسها الناجمة عن إدمان الكحول وإدمان المخدرات. (1)

ومن وجهة نظر علماء الأعصاب؛ فإن الإدمان السلوكي الذي يُؤثِّر في أنظمة النقل العصبي في الدماغ على نحو غير مباشر يمكن أن يكون بمثابة معزز يقارن بالمواد الكيميائية التي تؤثر في هذه الأنظمة مباشرة.

كيف يُكشف الإدمان السلوكي؟

يُكشف الإدمان السلوكي عن طريق عدة معايير.. سنذكر المعايير التي وضعها العالم GRIFFITHS منذ عام 1996:

- بروز النشاط دونًا عن غيره؛ أي عندما يصبح أحد النشاطات الأهم لدى حياة الأشخاص، ويُهيمن على تفكيرهم ومشاعرهم وسلوكهم أيضًا.

- تغيير المزاج نتيجة للانخراط في نشاط محدد (مثل الدفعة التحفيزية الناتجة عن أي نشاط مثير)؛ إذ إنه من الممكن أن يعدَّ إستراتيجيةً للتكييف.

- التعوُّد؛ إذ يحتاج الفرد إلى تأدية النشاط المرغوب على نحو متزايد من أجل الوصول إلى النشوة المنشودة.

- أعراض الانسحاب التي تتجسد في حالات من الشعور السيئ وتقلُّب في المزاج إضافة إلى التأثيرات الفيزيائية مثل الرجفة.

- الصراع؛ ويتمثل في العديد من الأشكال مثل: صراع المدمنين مع من حولهم أو الصراع الداخلي الدائم بين رغبة ممارسة النشاط ورغبة عدم الاستسلام للتوتر الناتج عن إدمان هذا النشاط.

- الانتكاس؛ إذ يميل الفرد إلى العودة إلى الأنماط السابقة المعهودة بعد الانقطاع عن ممارسة النشاط مدة زمنية. (1)

يُعدُّ الإدمان السلوكي مماثل لإدمان العقاقير من حيث معاناة الأفراد من تبعاته من فقدان السيطرة والسلوك المفرط والتوق إلى ممارسة النشاط المعهود، وأيضًا تبدو الآلية المسببة للإدمان ونموه وتطوره متماثلة في الحالتين. وبهذا؛ يمكن تصنيف النشاطات الممارسة على نحو مفرط وهي التي تؤدي إلى المعاناة بوصفها إدمانًا سلوكيًّا.

وعلى غرار الوقاية من تعاطي المخدرات؛ يجب على المختصين التوعية بهدف التثقيف فيما يخص علامات الإدمان السلوكي التحذيرية للإدمان؛ وذلك من أجل المساعدة على كشف هذا الاضطراب مبكرًا والحيلولة دون حدوثه.

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا

4- هنا

5- هنا