البحث العلمي والمنهجية العلمية > البحث العلمي

مبادئ إحصائيّة بديهيّة لأيّ باحث مستقبليّ

ربّما سمعتَ أنّه من الأفضل استخدام الاختبارات اللامعياريّة في حال لم تكن بياناتك موزّعة توزيعًا طبيعيًّا، وأنّ استخدام الاختبارات المعيارية عند ممارسة اختبارات الفرضيّات الإحصائيّة أمر عمليٌّ أكثر. يصفُ بعض علماء الإحصاء الاختباراتِ اللامعياريّة بأنّها ظلّ الاختبارات المعياريّة.

فما هما؟ وما أهميّتهما في عالم الإحصاء الطبي؟

1) الاختبارات المعياريّة Parametric Tests :

تفترض هذه الاختبارات أنّ البيانات تتبع المقياس الكميّ أو العددي (ما يمكن قياسه بالأعداد كالعمر، والطول، ودرجة الحرارة....) بتوزّع طبيعي للمجتمع المدروس، وأنّ العيّنات جميعها لها التباين نفسه؛ إذ تُختار عشوائيًّا من المجتمع ومن الملاحظات المشاهدة ضمن المجموعات مستقلّة بعضها عن بعض،  هذا كلّه؛ يجعل من الاختبارات المعيارية اختبارات جديرة بالثقة وذات قوّة إحصائيّة كبيرة عند اختيار عيّنات بمتغيّرات عديدة ومختلفة.

الاختبارات المعياريّة الأكثر شيوعًا:

يعبَّر عنه رياضيًّا بأنّه فرق متوسّطات المجموعات مقسومًا على الخطأ المعياري standard error لهذا الفرق، ويُستخدم لاختبار فرضيّة العدم في الحالات الثلاث الآتية:

1- اختبار مدى اختلاف متوسط العينة عن متوسط المجتمع.

2- اختبار مدى اختلاف متوسط عينتين مستقلتين عن بعضهما.

3- اختبار مدى اختلاف متوسط عينتين يمكن ربط الملاحظات ضمن إحداها مع الملاحظات المشاهدة في العيّنة الأخرى، ويدعى اختبار ستيودنت في هذه الحالة "اختبار t للعينات المرتبطة  paired sample t-test"

أدّى اقتصارُ اختبار ستيودنت على مقارنة متوسطات مجموعتين فقط إلى ظهور اختبار ANOVA على يد عالم الإحصاء Ronald Fisher، هذا الاختبار قادر على إيجاد أي اختلاف في المتوسط بين مجموعتين أو أكثر، وعلى قياس مدى أهميّة نتائج دراسة أو تجربة ما.

مثال:

طُلِبت من مجموعة من المرضى النفسيِّين تجربة ثلاثة أنماط من العلاج  بهدف معرفة الأفضل بينهم: الاستشارة النفسيّة والأدوية والارتجاع البيولوجي ( بحدث عن طريق وصل المريض إلى أجهزة الاستشعار الإلكتروني لمساعدته على التحكّم بوظائف الجسم كدقات القلب وغيرها)  

يعتمد اختبار ANOVA على دراسة نوعين من التباين (تباين ضمن المجموعات وتباين ما بين المجموعات).

التباين ضمن المجموعات (تباين الخطأ):  هو اختلاف لا يمكن تمثيله في مرحلة تصميم الدراسة؛ إذ يعتمد على اختلافات عشوائيّة ظاهرة ضمن العيّنات.

تباين ما بين المجموعات (تباين التأثير):  هو نتاج التفاعل ما بين العيّنات، ويقارن بين التباينين  عن طريق اختبار F أو F-test :

  F=MSb/MSw    والمتحولات: MSb  مربع المتوسط بين المجموعات

                                   MSw  مربع المتوسط ضمن المجموعات

2) الاختبارات اللامعياريّة Nonparametric Tests :

هي منهج إحصائي مهم في حال لم تكن البيانات موزّعة توزيعًا طبيعيًّا، وتُوصفُ عادةً  بأنّها أقل فعّالية من نظيرتها المعياريّة؛ ذلك لكونها تفشل في إعطاء نتائج دقيقة عند وجود عدّة متغيّرات بين المجموعات المدروسة، ومع ذلك نرى أنها قادرة على تحليل البيانات ذي المقياس الرَّتبوَي دون تأثّرها بالقيم المتطرّفة؛ على العكس  من الاختبارات المعياريّة.

مثال:

شملَت تجربة سريريّة عشرين مريضًا لأجل تقييم شدّة الأعراض لديهم على مدار ستة أسابيع من فترة العلاج، وقِيسَت شدّة الأعراض تبعًا لمقياسٍ تراتبي مؤلف من خمسِ نقاط:

-  تدهور الأعراض على نحوٍ كبير.

- تدهورها على نحوٍ طفيف.

- لم يحصل فرق.

- تحسّن بسيط بالأعراض.

- تحسّن كبير بالأعراض.

وتظهر أهميتها في بعض الدراسات التي تعتمد على تقييم الوسيط بدلًا من المتوسط، ومن أهم هذه الاختبارات: اختبارات الوسيط لعيّنة واحدة ( اختبار ساين sign test واختبار ويلكوكسون  wilcoxon's signed rank test ) واختبار فرضيّة العدم لعينتين مستقلتين غير مترابطتين لهما الوسيط نفسه ( اختبار مان-ويتني Mann-Whitney ).

من أبسط الاختبارات اللامعياريّة الخاصة بمجموعة البيانات المرتبطة بعضها مع بعض، ويعتمد منهجيّة تحليل إشارات فَرق النتائج؛ إذ يتجاهل القيم الفعليّة ويستخدم إشارات الموجب (+) والسالب (-) لعرض النتائج، ولهذا؛ يُعدّ اختبارًا مفيدًا عند صعوبة قياس القيم الحقيقيّة.

على غرار اختبار ساين، يعتمد اختبار ويلكوكسون على تحليل إشارة فرق النتائج، ولكن؛ تجعل  خسارة القيم الفعليّة الكميّة في اختبار ساين منه اختبارًا غير دقيق تمامًا وبنتائج ضعيفة في بعض الأحيان؛ إذ لا يفحص اختبار ويلكاختبار مان-ويتنيوكسون  هذه القيم ويحللها فقط، بل يأخذ حجم الفروقات الملاحظة بعين النظر.

مثال:

عيّنة مؤلفة من ستة مرضى مشخَّصين بضغط الدم، طُلب منهم اختبار دواء جديد لعلاج الضغط، وقِيس ضغط الدم لديهم قبل إعطائهم هذا الدواء وبعده.

فإذا اقتصرت الدراسة على إعطاء نتائج إيجابيّة أو سالبة عن مدى كفاءة هذا الدواء؛ يكون الباحث معتمد على اختبار ساين في دراسته، في حين إذا  أظهرت نتائج الدراسة الفروقات بالضغط لدى المرضى بالقيم الحقيقيّة الملاحظة؛ نكون أمام اختبار ويلكوكسون، وهنا تظهر أهميته بوصفه واحدًا من الاختبارات الإحصائيّة القويّة بالنسبة إلى عيّنة واحدة.

على العكس من الاختبارين السابقين؛ يُستخدم اختبار مان-ويتني لاختبار فرضيّة العدم لعينتين مستقلتين لهما الوسيط نفسه وليس للعيّنات المترابطة؛ إذ يقارن بيانات xi للمجموعة X مع بيانات yi للمجموعة Y ثمّ يحسب احتمال( P(xi>yi

مثال:

ملف يحوي درجات الطلاب والطالبات الخاصة بـ 20 مقررًا، والمطلوب التحقق من عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائيّة بين رتب درجات الطلاب والطالبات (فرضيّة العدم).

تعد هذه الاختبارات الثلاثة هي الاختبارات الأشيع والأهم في الإحصاء اللامعياريّ، والجدير بالذكر وجود اختبارات أخرى مثل:

علم الإحصاء ليس مجرّد علم رياضي بقوانين وأعداد مجرّدة، بل يعد الآن أداةً مفتاحيّة في العديد من الأبحاث الطبيّة التي تحاول ربط المضاعفات المحتملة التي قد يتعرّض لها المريض مع مفاهيم معقّدة بعدّة أبعاد وجوانب؛ كالكينونة السريريّة وعلم التاريخ الطبيعي والاستجابات السريرية والمخاطر السريريّة، وعليكَ أنتَ -الباحث المستقبلي- معرفة مبادئ الإحصاء الأساسيّة وفهمها جيدًا؛ إذ تساعد هذه الخطوة على إخراج دراسة بحثيّة  شاملة ومحكمة من الجوانب جميعها وبنتائج موثوقة.

المصادر:

1) هنا

2) هنا

3) هنا