الفلسفة وعلم الاجتماع > الفلسفة

ذكرى ميلاد جورج بركلي 2019

جورج بركلي  "١٦٨٥- ١٧٥٣"

هو فيلسوفٌ إيرلندي ذو أصول إنجليزية ولد في مقاطعة كيلكيني إيرلندا في عام ١٦٨٥، اشتهر بفلسفته التجريبية المثالية، وتأثر بالفكر التجريبي لدى الفيلسوف الإنجليزي جون لوك.

أهمُّ أفكاره تنطوي على أن الواقعَ يتكوّن فقط من العقول، فليس ثمة وجود للمادة مستقلٌّ عن الإدراك، فالإدراك هو الحقيقة الواقعة في الوجود.

نوّه بركلي بأفكاره إلى موضوع الإدراك عن طريق إدراك الشخصِ شيئًا ما أو تخيُّله؛ موضحاً أنه عندما يتخيل الشخص الأشجار أو الكتب، لا يعني ذلك أنَّ الأشجار والكتب غير موجودة، وذلك لأنَّ الأشجار أو الكتب المتخيلة هي أشياء مُدرَكة بالضرورة.

ويرى بركلي ما سَمّاه "الإدراك الممكن" موجوداً مثل "الإدراك الفعلي"؛ إذ قَبِلَ وجودَ شيءٍ لم يُدركه -فعلياً- شخصٌ ما، لكن قد يدركه إذا اتبع الخطوات الصحيحة.

أمّا بعضُ الفلاسفة الأخرين -ومن بينهم الماديون- فقد عارضوا هذه الفكرة وأيّدوا النظرة المعاكسة وهم مُجبرون -بالنسبة لبركلي- على القبول بـ "الشيء غير المُدرَك" وفقاً لمبادئهم الخاصة.

إلا أن بركلي تقبَّلَ هذه الأراء ورفض أن تُعدَّ سخيفة أو غير منطقية لكنه رفض اعتناقها وأعلن عن تنصله  صراحةً من هذه الأراء رافضاً أن تكونَ قد نتجت بشكل أو بآخر عن مبادئه.

وكانَ في الحقيقة، قد أعربَ لقُرَّائِه عن ذلك التنصل بقوله: "يمكنكم -إن أردتم تبني تلك الأفكار واعتناقها تلك القائلة بأنَّ وجودَ الموضوعات الحسية أو عدم وجودها، متوقِّفٌ على مقدار انتباه الشخص لها لكن لا تُرجِعوها إليَّ فأنا لا أتبناها"  

كتبَ بركلي في مذكراته: "الموجوداتُ إما مُدرَكة أو مُدرٍكة، فالحصان مثلاً في الإسطبل…والكتب موجودة للدراسة فإن لم يدرك أيُّ شخصٍ الكتبَ أو الحصانَ فهذا لا يعني أنَّها غير مدركة...فهي لا تزال موجودةً قابلةً للإدراك".

وقد بنى أفكاره على "فكرتين متقابلتين"؛ الأولى: العقل "الروح" النشيط بوظائفه المتعددة؛ والإدراك، والتفكير، والإرادة، والثَّانية: الجوانب الكسولة غير الفعَّالة من العقل، أو ماتُسمَّى الأفكار المحسوسة أو الأفكار التي يمكن تخيلها.

● الفترة التي أنتج فيها بيركلي أعماله العظيمة:

نشر بركلي أوّل أعماله عام ١٧٠٩ في مقال "نحو نظرية جديدة للإبصار"؛ وناقش فيها المسافة البصرية، والحجم، ومشاكل البصر واللمس، وخلص إلى أنَّ "الأجسام السليمة (أو الحقيقية) القابلة للرؤية" ليست بعيدةً عن العقل، وأنَّ الأشياءَ المرئية ليست أشياءً ماديّةً، بل هي مجرَّد ضوء ولون.

عام ١٧١٠ نشرَ كتابه أصول المعرفة الإنسانية، الجزء الأول، أهمُّ أفكاره تتلخص بأنّ الأشياء القابلة للإدراك جميعها، بما في ذلك الملموسة منها تعود إلى داخل العقل، رافضاً ماهو ماديٌّ بما في ذلك.

وأكّدَ على الجوهر الروحي وردَّ على العديد من الاعتراضات على نظريته ونوّه إلى الأهمية اللاهوتية والمعرفية للنظرية.

وفي عام ١٧١٣ نشرَ ثلاثةَ حواراتٍ بين هيلاس وفيلونوس

‏Three Dialogues between Hylas and Philonous

‏ عُرضتْ على لسان هيلاس (Hylas) باليونانية: (المادة ‏بينما ‏فيلونوس Philonous ) وهي في اليونانية حب الحكمة، وهو الشخص الذي يعبر عن رأي بركلي نفسه ممثلاً بالاتجاه المثالي.

في عام ١٧٢١ نشر كتابه (دي موتو De Motu)؛ الذي رفضَ فيه نظريَّةَ الفراغِ المطلقِ والزمن والحركة للفيزيائي الإنجليزي إسحاق نيوتن، وأعطى تلميحاً مستتراً عن معتقداته غير المادية، وفي القرن العشرين أكسبه كتابه دي موتو لقبَ "سلف ماخ وأينشتاين".

ويتناول كتابه Querist -المنشور في ثلاثة أجزاء بين عامي ١٧٣٥-١٧٣٧- الاقتصادَ الأساسي، والائتمان والصناعة، والمفهوم الحقيقي للمال، وعُنِيَ بمشكلاتٍ استثنائية منها الأعمال المصرفية، والعملة والترف، وتجارة الصوف.

ونشر بركلي عامَ ١٧٣٤ كتاب "المحلل" أو "خطاب موجه إلى عالم رياضي ملحد".

وكان له تأثير كبير في تطور الرياضيات والتحليل الهندسي الميكانيكي.

‏وقد وصفه المؤرخ الرياضي الأمريكي فلوريان كاجوري بأنه "الحدث الأكثر إثارة في تاريخ الرياضيات البريطانية في القرون الأخيرة".

في عام ١٧٥٣ توفي الفيلسوف جورج بركلي تاركاً وراءه إرثاً فكريّاً مثاليّاً تجريبيّاً مناهضاً للمادية، وهو يُعد أبا الفلسفة المثالية.

المصادر: 

1- هنا

2- هنا