الفيزياء والفلك > فيزياء

ما هي الليبتونات؟

قد يكون مصادم الهادرونات الكبير في سيرن مغلقاً لأعمال الصيانة حتى بداية 2015 لكن ما تزال التجارب قائمة على المسرع الدوراني التزامني الأصغر (السينكروترون) في النصف الثاني من هذا العام الذي يدرس انحلال الجسيمات إلى إلكترونات، ميونات ونيوترينات، المنتمية جميعها إلى عائلة تدعى بالليبتونات.

ما هي الليبتونات؟ دعونا نبدأ بالأساسيات.

تتكون المادة من الذرات وتتألف الذرة بدورها من إلكترونات ونواة، التي تجمعها القوة الكهرمغنطيسية.

للإلكترونات شحنة سالبة وكتلة صغيرة مقارنةً بكتلة النواة. في داخل النواة توجد البروتونات والنترونات. وبدورها تتألف البروتونات والنترونات من جسيمات نقطية تدعى كواركات "فوق" و"تحت"، على حد علمنا حتى الأن الإلكترونات هي جسيمات نقطية أيضاً أي لا تتكون من أية جسيمات أخرى.

الكواركات والليبتونات :

يقترح النموذج المعياري لفيزياء الجسيمات وهو أكثر النماذج المدعومة بنتائج تجريبية أن الكون المادي مكون من كواركات وأجسام شبيهة بالإلكترونات تدعى ليبتونات.

تتحد الكواركات مع بعضها لتكون بروتونات ونترونات وغيرها عبر ما يسمى التفاعل القوي الذي يعتمد على القوة النووية القوية وهي أحد أنواع القوى الأساسية الأربع. لا تلعب الليبتونات دوراً في الاندماج القوي وتتفاعل فيما بينها عبر القوى الكهرمغنطيسية والقوى النووية الضعيفة فقط.

لا تتواجد الكوراكات بمفردها في الظروف الاعتيادية أما الليبتونات فيمكن رصدها بمفردها.

أنواع الليبتونات :

نملك حتى الآن نتائج تجريبية تؤكد وجود ستة أنواع مختلفة من الليبتونات-ثلاثة منها ذات شحنة سالبة وكتلة معتبرة (كبيرة نسبياً) هي:الإلكترونات (e) ، الميونات (μ) ،جسيمات تاو (τ).

والليبتونات الغير مشحونة وكتلتها صغيرة للغاية. هي النيوترينات المرافقة لكل من الجسيمات السابقة وهي:نيوترينو الإلكترون، (νe)نيوترينو الميون، (νμ)نيوترينو جسيم تاو (νε).

كل واحد من هذه الجسيمات لديه جسيم مضاد مرتبط به له نفس الكتلة ولكن يتمتع بشحنة معاكسة.

يعرف الجميع الإلكترون، فهو مرتبط بشكل مباشر بكل الخواص الكيميائية للذرات بالإضافة إلى كونه أصغر الجسيمات المشحونة التي نعرفها كما أنه مستقر للغاية. يملك البوزيترون وهو الجسيم المضاد للإلكترون نفس الكتلة لكنه مشحون بشحنة إيجابية. وقد كان البوزيترون أول الجسيمات المضادة التي تم اكتشافها.

الميونات وجسيمات تاو:

هي أشباه الإلكترونات لكن تكون غير مستقرة. تملك الميونات كتلة تعادل 207 ضعف كتلة الإلكترونات ومدى حياة يبلغ حوالي 2.20 ميكرو ثانية (الوقت الذي يمكن أن يمضيه الجسيم دون اتحاد أو انحلال إلى جسيم آخر). يمكن أن تُشكل الميونات في الأشعة الكونية على ارتفاعات مختلفة عن سطح الأرض_تشكل الميونات أكثر من نصف الإشعاع الكوني عند مستوى سطح البحر يتركيز يبلغ ميون لكل سنتمتر مربع في الدقيقة ، وماتبقى من الأشعة الكونيةمكون من الإلكترونات، البوزيترونات والفوتونات-. _تم اكتشاف الميونات في عام 1936 وجسيمات تاو بين عامي 1974 و1977 في تجارب المصادمات ذات الطاقة العالية في مسرع ستانفورد الخطي في كاليفورنيا. تساوي كتلة جسيم تاو حوالي 3،490 مرة كتلة الإلكترون و17 مرة كتلة الميون. مدى حياته حوالي 100 ألف مرة أقل من مدى حياة الميون.

النيوترينات :

يتم إنتاج النيوترينات في العديد من التفاعلات. فعلى سبيل المثال تنتج التفاعلات التي تجري داخل الشمس ملايين النيوترينات كل ثانية، وبما أنها لا تتفاعل في مجال القوة الكهرمغنطيسية أو القوة النووية الثقيلة فهي بالكاد تتفاعل مع أية جسيمات أخرى، حيث أن معظم النيوترينات تمر عبر الكرة الأرضية دون أن تتفاعل مع أية ذرة. وبما أنه تم إنتاج هذه الجسيمات بأعداد هائلة في بداية الكون ونادراً ما تتفاعل مع غيرها من الجسيمات فهي تتواجد بأعداد هائلة.

مع اكتشاف أن للنيوترينات كتلة صغيرة جداً –أقل من كتلة الإلكترون بمليون مرة- وجد اعتقاد أن النيوترينات تكسب كتلتها من عمليات مجهولة قد تكون غير مرتبطة بجسيم هيغز الذي تم اكتشافه مؤخراً.

تنتظم كل الجسيمات الأساسية لأسباب غامضة حتى الأن في شجرة عائلة مقسمة إلى ثلاث عوائل مختلفة.

تتضمن العائلة الأولى الإلكترون، ونيوترينو الإلكترون وكواركات فوق وتحت، التي تعطينا المادة المعروفة على هيئة بروتونات ونيوترينات وإلكترونات. (تتضمن العائلتان الثانية والثالثة جسيمات لا تدخل في تركيب المادة التي نعرفها التي تتواجد فبها الميون وتاو ، حيث أنها تواجدت في أول جزء من الثانية من حياة الكون، ولكنها تفككت فيما بعد لتكون جسيمات من العائلة الأولى) .

تنص النظرية الحالية في الفيزياء على أنه لا يوجد أكثر من ثلاثة عوائل من الليبتونات. وهذا وفقاً لنتائج تجريبية تنص على وجود ثلاثة أنواع من النيوترينات، وبالتالي ثلاثة عوائل من الليبتونات.

بالرغم من نجاح النموذج المعياري للجسيمات الفيزيائية حتى الأن إلا أنه فشل في الاجابة عن تساؤلات مثل لماذا هناك عدة أنواع من الليبتونات _ولماذا يوجد هذا الاختلاف بالكتلة بينها .

فقط الدراسات التجريبية المفصلة لخواص الليبتونات ستقدم نظرة أوضح لحل هذا اللغز .

المصادر: هنا