الغذاء والتغذية > منوعات غذائية

البندورة.. خضار أم فاكهة؟؟

تعدُّ البندورة من أكثر المنتجات الزراعية المرغوبة من قبل المستهلكين، ويحظى استخدامها بإقبال شديد سواء كانت طازجةً أم مطبوخة، ويعلم معظمنا أنها تصنف مع الخضار في عالم الطهي.. وتكمن الحيرة والتعجُّب عندما يأتي أحدهم قائلًا أنَّها من الفاكهة! فما الحقيقة؟؟

قبل الإجابة عن هذا السؤال، دعونا نتعرف الفرق بين الفاكهة والخضار..

تغذويًا، تحظى الفواكه Fruits والخضار Vegetables بكثيرٍ من الاهتمام فهي غنيةٌ بالفيتامينات والمعادن والألياف، وعلى الرَّغم من تشارك هاتين المجموعتين كثيرًا من القواسم المشتركة، لكنَّهما تنفصلان وفق معيارَين مهمَّين، هما:

- التصنيف النباتي Botanical Classification:

يعتمد التصنيف النباتي للفاكهة والخضار أساسًا على بنية ووظيفة الجزء النباتي قيد البحث، فالفاكهة Fruits تتشكل من الزهور، وتحتوي بذرةً أو أكثر مهمَّتها المساعدة على إعادة إنتاج نبات جديد مشابهٍ للنبات الأم، ومن أهم أنواع الفاكهة الشائعة التفاح والخوخ والعنب البري والتوت.

وبالمقابل نجد أن مجموعة الخضار Vegetables تشمل الجذور والسوق والأوراق وغيرها من الأجزاء المساعدة في النبات، ومنها السبانخ والخس من الخضار الورقية، والجزر والشوندر من الخضار الجذرية، والكرفس الذي يمكن أن تؤكل سوقه وأوراقه.

- التصنيف في الطهي Culinary Classification:

يتغير تصنيف الفاكهة والخضار عندما يتعلق الأمر بفنون الطهي مقارنةً بما ذُكر من المعايير القائمة على علم النبات، ويعتمد الطُهاة في استخدامها وتطبيقاتها في الطهي على ملامح النكهة الخاصة بكلٍّ منها بالدرجة الأولى.

وعمومًا، نجد أن الفاكهة تتميز بنسيجٍ ناعم وتميل إلى إعطاء شعورٍ بالطعم الحلو، علمًا أنَّها قد تكون لاذعةً أو منعشةً أحيانًا، وتعدُّ أكثر ملاءمةً للحلويات والعصائر والمربيات أو تؤكل وجبةً خفيفة في خلال النهار، في حين تكون الخضار ذات نكهةٍ خفيفة عمومًا ومرَّةً أحيانًا، وقوامٍ أكثر قساوةً ومتانةً من الفاكهة.

وعلى الرغم من إمكانية تناول بعضِ الخضار بحالتها طازجة، نجد أن كثيرًا منها يستدعي الطهي قبل التمكن من تناوله بسهولة، وعادةً ما تتماشى جيدًا مع الأطباق المالحة مثل الوجبات الرئيسية والبطاطا المقلية واليخنات والسلطات والطواجن.

ومما سبق، يمكننا تلخيص الآتي:

عندما نفكر بتصنيفِ الخضار والفاكهة علينا أن نأخذ بالحسبان نوع التصنيف الذي نستند إليه والمصطلحات التي نستخدمها، فقد تكون معنيةً بالطهي وفنون الطبخ، ونعتمد وقتها على النكهة وإمكانية تطبيق الوصفة المطلوبة، أو تكون متعلقةً بعلم النبات، وهنا يؤخذ هيكل النبات ووظيفته بعين النظر.

حسنًا لنعد الآن إلى مشكلة البندورة!

نباتيًا، تعدُّ البندورة نوعًا من الفاكهة، فكل ثمرة تنتج عن مبيض زهرة واحدة، وتحتوي بذورًا متعددةً يمكن أن تُجمع وتُجفَّف لاحقًا كي تستخدم في إنتاج مزيدٍ من النباتات. ومن المثير للاهتمام إجراء محاولاتٍ لاستنباط أصنافٍ من نباتات البندورة بهدف وقف إنتاج هذه البذور، لكنَّ ذلك لا ينفي كونها ثمرةً لنبات البندورة من الناحية النباتية.

أما في عالم الطهي، نجد أن البندورة تستخدم وحدها أو جنبًا إلى جنب مع غيرها من الخضار الحقيقية في تحضير الأطباق الرئيسية، ممَّا جعلها تصنَّف مع الخضار!

الطريف في الأمر أن طريقة التصنيف هذه استُخدمت من قبل المحكمة الأمريكية العليا US Supreme Court عام 1893 في خلال نزاع قانوني مع أحد مستوردي البندورة، إذ جادل الأخير بوجوب تصنيف البندورة مع الفاكهة في محاولة منه لتجنب دفع الضرائب التي فُرضت وقتها على استيراد الخضار، لكنَّ المحكمة استندت إلى استخدامات البندورة في الطهي وعليه أصدرت حكمها الذي قضى بعدِّ البندورة نوعًا من الخضار. لكنَّ البندورة ليست الفاكهة الوحيدة التي تعاني أزمة الهوية هذه، إذ يُشاركها في ذلك كثيرٌ من أنواعِ الفاكهة التي نستخدمها يوميًا على أنها خضار، ومنها الخيار والقرع وقرون البازلاء والفليفلة والباذنجان والبامية!

حسنًا، هل تساءلتم عن وجود خضارٍ تعامل معاملة الفاكهة!؟

نعم، على الرغم من ندرة ذلك، تستخدم بعض أنواع الخضار أحيانًا على نحو معاكس؛ مثل الروبارب Rhubarb (أو الرواند) الذي يُضاف إلى وصفات الحلوى، والجزر والبطاطا الحلوة في الكعكات والفطائر!

المصادر:

1.     هنا

2.     هنا

3.     هنا