علم النفس > الصحة النفسية

مآل عالم وسائل التواصل الاجتماعي

مع تزايد استخدام وسائلِ التواصلِ الاجتماعي؛ يرى الباحثون أن هذه المنصّات مُتّهمةٌ بأنها عوامل مؤثرةٌ في تطوّر أعراضِ الاكتئاب والقلق وانخفاض تقدير الذات. لقد عُدَّت خصائص سلوك الشخص على الإنترنت من العوامل المساعدة في تحديد هذه الأعراض وتقييمها؛ إذ يمكن اليوم الاستفادة من شبكات التواصل الاجتماعي كالفيسبوك للكشف الباكر عن الأعراض الاكتئابية بين المستخدمين. نشر Park وآخرون مؤخراً دراسةً أشاروا فيها إلى أنه كلما كان المستخدم أكثر اكتئاباً، استخدم شبكات التواصل الاجتماعي أكثر، وتحديداً موقع فيسبوك.

وفي هذا السياق نفى الدكتور جاكوب باركلي (أستاذ العلوم الصحية بجامعة ولاية كينت) أية فائدةٍ مرتبطة بمهارات التواصل الاجتماعي قد تعود على الفرد نتيجة استخدامه شبكات التواصل الاجتماعي. ويقول: "إن كثرة استخدام الهاتف المحمول لتصفح شبكات التواصل الاجتماعي يصاحبُ ارتفاعَ مستوى القلق"، ويضيف: "في الواقع، تسوء العلاقات الحقيقية بين الأفراد بالاستخدام المضطرد للهاتف المحمول".

أشارت دراسةٌ لمعهد الأبحاث الاجتماعية والاقتصادية في بريطانيا إلى أن هناك ارتباطاً قوياً بين استخدام شبكات التواصل الاجتماعي والصحة العقلية؛ فقد حدد عددٌ من الدراسات أن استخدام الأطفال والمراهقين تحديداً شبكات التواصل الاجتماعي طويلاً مرتبطٌ بعلاماتِ نقصِ تقدير الذات وأعراضها. إحدى التفسيرات المحتملة في ما يخصُّ العلاقةَ السلبيةَ بين فيسبوك واحترام الذات تفترض أن الأفراد ذوي الثقة العالية بالنفس يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي لتعزيز سلوكهم النرجسي، فنجدهم أكثر نشاطاً للحصول على محتوى يروِّجون ذواتهم عن طريقه. في حين قدّمت دراساتٌ استنتاجاتٍ مختلفةً عن التأثير الإيجابي لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي في صورة الذات لدى المتصفحين، وهذا يدل على أن العلاقة بين وسائل التواصل الاجتماعي والصحة العقلية هذه الأيام تبقى جدليةً وتواجه العديد من التحديات.

- آثار استخدام شبكات التواصل الاجتماعي طويلاً في المراهقين:

 يُؤثِّر استخدام شبكات التواصل الاجتماعي المفرط سلباً في حياة الفرد الاجتماعية وفي علاقته بمحيطه، وهي تضرُّ صحتَه العقلية والنفسية وإدراكَه لذاته، فتؤدي إلى هشاشة صورته عن ذاته، مُقارناً نفسه دائماً بالآخرين، علاوةً على التعرّض لمشاكلات كالتنمر الإلكتروني. وأكد ذلك بحثٌ نُشر عام ١٩٩٨ أشار إلى أن زيادة الوقتِ لتصفّح شبكات التواصل الاجتماعي والإنترنت مرتبطٌ بوضوحٍ باختزالِ علاقة الشخص الاجتماعية بأعضاءِ أسرته، وتقلّص دائرته الاجتماعية؛ ما يؤدي إلى تعزيز الشعور بالاكتئاب والوحدة.

وقد بدأت العلاقةُ بين استخدام الإنترنت وتأثيرها في الحياة الاجتماعية لمستخدميها منذ سنواتٍ طويلة، فقد يجد بعض الباحثين مصطلحَ التواصل الاجتماعي مناقضاً لما ينبغي أن يعنيه، حتى يمكن عدّه مصطلحاً مضللاً؛ فالأعراضُ التي يمكن أن تسببها هذه الظاهرة أحدُ العوامل التي قد تثير أفكار الانتحار لدى المراهقين.

ويوضح ما سبق أن آثار وسائل التواصل الاجتماعي الممكنة في المراهقين تتجلّى في 4 جوانب:

1- الصحة: يؤثر التفاعل عبر شبكات التواصل الاجتماعي سلباً في معدّل النوم، ويورثُ المرءَ صورةً مزعزعةً عن النفس، ويزيد معدّلات الإصابة بالاكتئاب والقلق.

2- العلاقات الاجتماعية: يشعر المراهقُ مع تزايد أعداد الأصدقاء على حسابه الشخصي أنه ليس بحاجةٍ إلى أن يعود والديه أو أية جهاتٍ أخرى موثوقةٍ طلباً للنصيحة. إذ يظنّ أن بالإمكان السؤال والبحث على شبكات التواصل الاجتماعي، ما يعرّضه لتلقي معلوماتٍ مؤذيةٍ وخاطئةٍ لا يمكن الكشف عن صحتها.

3- إدراكٌ مشوّهٌ ومقارناتٌ اجتماعية: يعاني الكثيرُ من المراهقين ولا سيما الفتياتُ ضغوطاً كي يظهروا مثاليين على الإنترنت، فالحاجة إلى الظهور بصورةٍ مثاليةٍ وفق معايير مجتمعهم أو أن يحظوا بمجموعةٍ كبيرة من الأصدقاء تستهلك وقتاً ومجهوداً كبيرَين، وعدم استيفاء هذه المعايير يرتدُّ عليهم بكراهيةٍ لذاتهم وانتقاصٍ من ثقتهم فى النفس.

4- خلافاتُ وصراعات: تلك التي يخوضها المراهقون مع غرباء أو مع أصدقاءٍ مختبئين خلف الشاشة. تلك الخلافات تدفعهم لقول أشياء ربما لا يستطيعون قولها وجهاً لوجه، ما يسبب أذىً كبيراً بين الأفراد.

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا

4- هنا