المعلوماتية > اتصالات وشبكات

الذكاء الصنعي يدق أبواب الشبكات اللاسلكية!

يعدُّ مؤتمرالهواتف النقالة السنويّ العالميّ (MWC) في برشلونة البوصلةَ الّتي توجه صناعة الهواتف المحمولة وتقنيات المعلومات والاتصالات، وقد كانت أتمتة الشبكات في اجتماع CTO الذي استضافته هواوي في MWC 2018 أحد أكثر الموضوعات أهمّية نظرًا إلى تزايد الأبحاث وتطبيقات الذّكاء الصنعيّ AI على شبكات الهواتف المحمولة، ولعلّ أبرز الأسباب هي الميّزات والتّعقيدات الكبيرة الّتي تقدمها شبكات الجيل الخامس 5G.

في عصر شبكات الجيل الخامس؛ أصبحت الشّبكات أكبر، وتتضمن المزيد من نطاقات التردد وقنواته، وتوفر مجموعة واسعة من أنواع عمل المحطات (البوابات) الرئيسة وآليّاته، (يُذكر هنا أنّ المحطات الرئيسة هي جهاز استقبال/إرسال راديويّ يعمل بصفة موزع للشّبكة اللاسلكيّة المحليّة، وقد تكون البوابة gateway بين شبكة سلكيّة وشبكة لاسلكيّة)، ولكن؛ ستزيد هذه الميزات على نحوٍ كبير من تعقيد برامج تشغيل الشبكات وصيانتها (O&M)، وسيؤدي ذلك إلى انخفاض في كفاءة استخدام الموارد اللاسلكيّة، وأما على مستوى الخدمات الّتي ستقدمها فهناك زيادة ملحوظة وتنوع في أنواع الخدمات؛ بدءًا بالخدمات التّقليديّة مثل الاتصال وإرسال البيانات، وصولًا إلى خدمات متقدّمة مثل إنترنت الأشياء الذي يفتح أبوابًا واسعة في التقنيات الرّقميّة.

ويبقى السؤال؛ كيف ستتعامل الصناعة مع التحديات الناجمة عن تشغيل الشبكات المستقبلية وصيانتها المعقدة؟

يبدو أن الاعتماد على الذكاء الصنعيّ هو الجواب الوحيد لذلك؛ ففي منتدى Global Mobile Broadband في لندن 2017 أعلن Edward Deng رئيس شركة Huawei Wireless Solutions أول شبكة لاسلكية مزودة بذكاء صنعيّ Wireless AI، الّتي من المقرر أن تصبح عنصرًا أساسًا في تطوير الشّبكات في المستقبل، وتَعدُّ هواوي هذه الطّريقة هي الأفضل لحل ثلاثة تحديّات رئيسة في عصر الجيل الخامس؛ مثل تعقيد برامج التّشغيل والصّيانة، وانخفاض كفاءة استخدام الموارد، وتقديم تجربة مستخدم جيدة. وأوضح Deng أن إدخال الذكاء الصنعيّ يمكن أن يزيد من كفاءة التّشغيل والصّيانة بنسبة تصل إلى عشر مرّات، ويحسن من تجربة المستخدم بنسبة 20٪، ويزيد من دقة تحديد المواقع من ثلاث إلى عشر مرات، وتوفر محطات Multiple Inputs Multiple Outputs -متعددة الدخل والخرج وتعرف اختصارًا MIMO- العملاقة الخاصة بشبكات الجيل الخامس تغطيةً عاليّة السّعة وتحسّن الكفاءة الطيفيّة على نحوٍ كبير (أي نقل أكبر قدر من البيانات وبأقل قدر ممكن من الأخطاء)، وتتميز بأنها توفر قرابة 10.000 مجموعة من حزم البحث التي تساعد على توسيع التّغطية الخلويّة مقارنة بشبكات الجيل الرابع المحسنة 4.5G التي توفر تقريبًا 300 مجموعة، ولكن بهذا العدد الهائل من الحزم سيكون من الصّعب التّعامل مع سيناريوهات معينة ونماذج حركة البيانات وتبادلها اعتمادًا على الطّرائق التّقليديّة، لكن مع اعتماد نظام تحسين تلقائيّ قائم على التعلّم (أيّ الذكاء الصنعيّ) سيكون ذلك أسهل وأيسر، وأظهر اختبار أجرته شركة Huawei مع مشغل في اليابان زيادة محتملة بنسبة 20 بالمائة في معدل نقل البيانات وعدد المستخدمين المتصلين.

ومع بروز إنترنت الأشياء وخصوصًا Narrowband Internet of Things إنترنت الأشياء ضيّق النطاق وتعرف اختصارًا NB-IoT؛ سيزداد الطلب على ميزة تحديد الموقع التي تعتمد عليها خدمات عديدة؛ مثل خدمة مشاركة الدراجات Bike Share (خدمة توفِّر دراجات هوائية للاستخدام فترة قصيرة مجانيًّا أو على نحوٍ مدفوع)، وسيجري العمل على تحسين خدمات نظام تحديد المواقع GPS وجعلها أكثر دقة؛ إذ إنها -حاليًّا- تحدد الموقع بنسبة خطأ تصل إلى بضعة أمتار، ومن الممكن تقليل نسبة الخطاً إلى أجزاء من المتر.

لا يُعد تطوير شبكات لاسلكيّة مزودة بذكاء صنعيّ شيئًا يمكن تحقيقه بين ليلةٍ وضحاها؛ إذ يجب توفير بنية تحتية متماسكة من الخوارزميات والبيانات. وقد بَنَت هواوي مكتبة خوارزميّات تعلّم الآلة للشبكات اللاسلكيّة بناء على خبرتها في مجال الاتصالات، وتولد هذه المكتبة نماذج بيانات مختلفة تتطابق مع سيناريوهات تطبيقات الشّبكات، بالإضافة إلى تغطية 90 بالمائة من سيناريوهات الهواتف المحمولة، وفي الوقت نفسه؛ تتشارك هواوي أيضًا مع الجامعات بما يخص أبحاث الذكاء الصنعيّ واستكشاف نماذج جديدة للخوارزميّات، وتعدّ هواوي أول من طور تقنية AutoML (تعلّم الآلة الآلي Automatic Machine learning) لشبكات الاتصال، وساهمت في خفض دورة حياة نمذجة البيانات من أشهر إلى أيام؛ مما يؤدي إلى تسريع احتضان تطبيقات الذكاء الصنعيّ الخاص بالشبكات اللاسلكية (Wireless AI).

تولد شبكات المحمول كميات هائلة من البيانات كل يوم، ولكن الكثير من البيانات الّتي تُولَّد في وقت التّشغيل real-time تكون "للقراءة والحرق فورًا"، ولا توجد أماكن لتخزينها، لذا سيساهم الذكاء الصّنعيّ في مجال الاتصالات في نقلات نوعيّة فيما يخص تخزين البيانات النّاتجة في أثناء التّشغيل ومعالجتها وتنظيمها، وعلى المدى الطّويل؛ ستصبح محطات الهواتف المحمولة أنظمة متخصصة في تحليل البيانات الكبيرة.

لا تزال فكرة دمج الشبكات اللاسلكية والذكاء الصنعيّ في بدايتها، في حين نستعدّ لدخول عصر شبكات الجيل الخامس، ولربما سيثمر هذا التكامل في إنتاج شبكات تتفاعل مع مستخدميها، وتقدم خدمات تناسب كل شخصٍ حسب حاجته.

المصدر:

هنا