الهندسة والآليات > التكنولوجيا

أداة جديدة لمعالجة القلب "المكسور"

بعد تعرُّض المريض لنوبة قلبية، وبعد توالي عدَّة أحداث تؤدي إلى فشل قلب المريض في نهاية المطاف؛ يستجيب القلب بعد أن يؤدي الضَّرر الواقع مكانَ الوعاء الدمويِّ المسدود في القلب إلى تضرُّر الأنسجة وتندبها ، فيخضع لعملية إعادة بناء للتَّعويض عن النقص في الأنسجة، ولا بدَّ لهذه العملية من أن تُفضي إلى فشل صمامي أو بطيني.

ويأمل فريق من الباحثين إيقافَ تطوُّر هذه الحالة من النوبة القلبية إلى الفشل القلبي؛ عن طريق أداة صغيرة تُسَمَّى "ثيراباي"؛ والتي توصل إلى القلب المُصاب توصيلًا مباشرًا؛ وتوصل الدواء من أداة مزروعة  تحت جلد المريض (منفذ الحقن المركزي) إلى القلب بهدف زيادة نشاطه وتحسين وظائفه.

وتحتوي هذه الأداة على مستودع يتصل بالأنسجة القلبية المتضررة مباشرة، ويتصل المستودع بمنفذ للحقن المركزي موجود على جلد المريض أو تحته عن طريق خطِّ لإعادة التعبئة؛ إذ تُحقَن العلاج في المنفذ من قِبَل المريض نفسه أو أخصائيِّ عناية صحية.

وقد أظهرت دراسة نشرت في Nature Biomedical Engineering تفاصيلَ جديدة عن كيفية استعادة الوظائف القلبية عن طريق "ثيراباي" وتضمَّنتِ الدراسة باحثين من MIT، وجامعة هارفرد، والكلية الملكية للجراحين في إيرلندا، وكلية ترينيتي في دبلن، ومركز AMBER في دبلن - إيرلندا، والجامعة الوطنية في غالوي إيرلندا.

ويشرح العلماء: "من الممكن استخدام هذه الأداة؛ في حال كان المريض يعاني فشلًا قلبيًّا إلى حدّ ما؛ وذلك لتخفيف تطوِّر الحالة."

وتُعدُّ طريقتان من أكثر الطرق المستعملة حاليًا في إيصال العلاج إلى القلب غير فعَّالتين؛ ففي الطريقة الأولى؛ تُوصَل الأدوية إلى القلب عن طريق أجهزة الجسم بدلًا من إيصالها إلى المكان المُتضرِّر مباشرةً، وتكون جرعة الدواء محدودة؛ لتفادي الأعراض الجانبية السُمِّية؛ وبهذه الحالة لا يَصِل إلا مقدار ضئيل من الدواء إلى المنطقة المصابة (الأنسجة القلبية).                              

ويتحدَّث الباحثون من وجهة نظر دوائية: "إنَّ حَقْن مواد لا تستطيع البقاء فترةً كافية في المنطقة المصابة لإحداث فرق، مشكلةٌ كبيرة".

أمَّا الطريقة الثانية؛ فتكون بحَقْن مباشر للمواد في عضلة القلب، ولكن لا بدَّ من إجراء عدَّة عمليات للقلب؛ بسبب الحاجة إلى أكثر من جرعة.

وتُعالج "ثيراباي" مشكلة إيصال الدواء الحالية عن طريق تطبيق علاج موضعيٍّ عدَّة مرات حسب الحاجة؛ إذ من الممكن زَرْع المستودع على القلب عن طريق إجراء جراحيٍّ واحد فحسب.

يتكون المستودع المتصل بالقلب من بوليمير ذي أساس جيلاتينيٍّ، و شَكْل نصف كرويّ، وقاعدة مسطَّحة تلتصق بالأنسجة المتضرِّرة؛ وهذه القاعدة هي غشاءٌ شِبْه نفوذ، نتحكَّم عن طريقه بكمية الدواء المارَّة إلى الأنسجة المتضرِّرة.

ويوضح الباحثون: "كان اختيار المادة التي صُنِع منها المخزون، النقطةَ الأكثر أهمية؛ فنحن بحاجة إلى مادة بطبيعة إسفنجية، تستطيع الاحتفاظ بالعلاج في المكان المُحتاج له، وتحقيق هذا الأمر ليس سهلًا لمّا كانت عضلة القلب تتحرَّك وتنبض باستمرار".

ويُعدُّ المستودع وسيلةً فريدة لتطبيق علاج الخلايا الجذعية؛ إذْ يمكن عدُّه مصنعًا للخلايا؛ فبدل أن تعبر المادة عن طريق الغشاء إلى القلب، تبقى الخلايا ضمن المخزون لتنتج عوامل نظيرة صماوية تُسهم في تحفيز الشفاء في الخلايا المتضرِّرة.

فعند إجراء التجربة على جرذ؛ اتَّضحتْ فعالية الأداة في تحسين الوظائف القلبية بعد حدوث نوبة قلبية؛ فقد طبَّق الباحثون جرعات متعدِّدة من الخلايا الجذعية على الخلايا المتضرِّرة مدَّة أربع أسابيع.

وبعد انقضاء هذه المدَّة؛ حلَّل الباحثون التغيرات التي طرأت على الدورة الدموية في الخلايا المُعالجة باستخدام قثطرة قياسِ الضغط الحجميّ والإيكو القلبي؛ لمقارنة الوظائف القلبية في أثناء مدة العلاج.

وأكد الباحثون لى استعادة الجرذان التي استخدمت "ثيراباي بعض الوظائف القلبية، إضافة إلى أنَّ الجرذان التي تلقَّت أكثر من جرعة من الدواء استعادتْ المزيد من الوظائف القلبية مقارنةً بتلك التي تلقَّتْ جرعةً واحدة أو لم تأخذْ أيَّ جرعة من العلاج.

إنَّ إمكانيات "ثيراباي" تتعدَّى معالجة الأمراض القلبية؛ إذ لمّا كانت تؤمِّن فرصة مناسبة لإيصال جرعات متعدِّدة، وذات مكان محدَّد؛ فإنّه بالإمكان استخدامُها كأداة لتحديد الجرعة المناسبة لمريض موجود ضمن ظروف معينة.

ويؤكد العلماء أيضًا: "نأمل استخدام ثيراباي بوصفها أداةً بحثية لتعلُّم المزيد عن كيفية تحديد الجرعة المثالية".

الآن؛ أصبحت لدى الباحثين فرصةٌ لمتابعة تكرار العلاج الموضع؛ عن طريق إعادة حقن الدواء في منفذ الحقن المركزي في أثناء مدَّة العلاج؛ لتحديد المدَّة الأمثل الفاصلة بين الجرعات، وكمية الجرعة المُثلى .

فعلى الرغم من تركيز فريق البحث على كيفية استخدام "ثيراباي" لتخفيف آثار الأمراض القلبية؛ يمكن استخدام هذه الأداة على أجزاء متعدِّدة من الجسم، ولمعالجة أمراض عديدة، وذلك بتعديل التصميم والمواد المُشَكِّلة للمستودع.

وتضيف فيريلا (أحد طلاب الدكتوراه في هارفرد): "تُعدُّ هذه الأداة منصَّةً يمكن أن تصمم لتناسب أعضاء مختلفة وبشروط مختلفة في الجسم؛ وهي مثال رائع عن قدرة الأبحاث المتداخلة في مساعدتنا على مواكبة الطرق الجديدة لعلاج الأمراض".

المصادر : 

1- هنا