المكتب الإعلامي > أنشطة وفعاليات

زيارة فريق الباحثون السوريون لمتحف الدكتور فواز الأزكي

شمسُ الكونِ تشرقُ كلَ نهارٍ لتنير الأرض لكامل المخلوقات و لترهف أحاسيسهم و تحرك بهم ما كان هاجعا ليلا هكذا هم العلماء في كل يوم يشعلون أفكارا جديدة في عقول البشرية لتتراكم المعرفة و ليتعالى العلم و لتصبح البشرية أكثر قدرة على مواجهة الحياة و الصعاب ، و ما فتئ الإنسان يتفانى بتجربة تلو التجربة و يرتقي بخطوات تتلوها خطوات في الأمس البعيد اخترع نارا من قدح أحجار الطبيعة ببعضها و في الأمس القريب علم أن الكون محدبا بفضل النظريات النسبية لألبرت أينشتاين و اليوم يكتشف المزيد من الجزيئات الدقيقة بفضل مجهره و قلبه المفعم بالحب و عقله النابض بإحساس الحدث الذي كان و مازال مغناطيسا ينجذب لكل ما هو ممتع و مفيد هذا هو العلم و هكذا تكون العلماء .
و لأنّ ( العلم هو الحل) شعارنا الذي نطرحه و نؤمن به ،هذا ما دفع فريق الباحثون السوريون في اللاذقية للقيام بزيارة إلى المتحف الجيولوجي الوحيد في سوريا المقام في منزل الدكتور فواز الأزكي في قرية قسمين باللاذقية الذي نظر إلى أرض سورية نظرة مختلفة فقرأ بها تاريخا يعود إلى ملايين السنين و اكتشف فيها قصص زلازل و براكين و ديناصورات انقرضت عن وجه الأرض لكنها تركت في تربتها ذكرى مستحاثة له ليعيد الحكاية على مسامعينا بلغة عربية و بهمة قوية و بنشاط علمي دؤوب لا يلين ، وبمحض الصدفة كان توقيت الزيارة يصادف اليوم الذي اكتشف به الأزكي بيضة الديناصور السوري ،إذ أنه لا يقوم بعرضها للزوار بغير هذا اليوم .
وهذا ما جاء في مقابلة فريق الباحثون مع الباحث الجيولوجي السوري فواز الأزكي :
اكتشافي الجميل كان بالصدفة ، فقد كنت ذاهباً بجولة جيولوجية لجلب صخور و مستحاثات لطلاب قسم الجيولوجيا و بالصدفة اكتشفت مستحاثة جنين ديناصور و كان ذلك في ستة آذار عام 2001 في قرية العامود ، صلنفة اللاذقية ، ثم تابعت البحث الجيولوجي سعياً لإيجاد مستحاثات أخرى فعثرت على بيضة الديناصور في 3 نيسان عام 2001 في قرية الشمالي ، بعدها قمت بمسح جيولوجي كامل لجميع صخور الجوراسي المنتشرة في سلسلة الجبال الساحلية السورية ، و مشيت أكثر من 740 كم من جبل الأقرع حتى سلسلة لبنان الشرقية ( علماً أن مجموع ما مشيته في حياتي حوالي 44 ألف كم ).
" بعد اكتشاف الجنين ثم البيضة هل قامت أي منظمة بإلقاء نظرة على أي منها؟ "
قمت بالذهاب إلى المؤتمر الدولي للمستحاثات الفقارية في 10 تموز 2001 في مدينة سيبيو في رومانيا ، و ألقيت محاضرة باللغة الإنكليزية بوجود كبار مكتشفي الديناصورات في العالم ، و حينها كانت مستحاثة الديناصور المكتشفة في سورية هي الأحدث عالمياً لذا طبعت صورة جنين الديناصور السوري على قمصان المؤتمرين .
" ما هو رجاءك بالنسبة لوطننا سورية ؟ "
أريد للعالم أجمع أن يدرك براعة الجيولوجي السوري و تفوقه في هذا المجال ، قد لا يتحقق هذا الطموح و أنا على قيد الحياة و لكن حتماً هناك من سيأتي إلى ذكري بعد أن أكون قد أصبحت مستحاثة ليقول لي انهض يا فواز لقد حققنا طموحك ، فأنا أزرع بذوراً جيدة و لا بدّ أن تثمر .
" منذ صغرك و أنت تطمح لتكون باحثاً في الجيولوجيا ؟ "
لقد كنت متفوقا في دراستي ، و أذكر حينما كنت في المرحلة الابتدائية أن المعلم طلب إلينا أن نكتب موضوعاً نعبر فيه عن طموحاتنا المستقبلية ، فاخترت علم الأرض ، و أذكر حينها أن والدي سخر من الأمر و أشفق علي و ذكرني أنه يتوجب علي السعي لدراسة الطب ، و لكن تعلقي بالصخور كان أقوى من ذلك فلم أكترث بل قمت في الصف الأول الثانوي بأول جولة جيولوجية في حياتي سيراً على الأقدام من مصب نهر الكبير الشمالي إلى منبعه ، من اليعربية في اللاذقية حتى تركيا .
" هل قدمت لك المؤسسة العلمية السورية الدعم الذي تستحقه ؟ "
لا أنتظر أي دعم من أي أحد لا من مؤسسة و لا من فرد ، فأعمالي طوعية و هذه هي رسالتي حملتها و أحملها بصدق و أسير بها بصدق و حتماً ستقتدي بها الأجيال القادمة .
" نعلم أن ما تكتنزه الأرض يخضع لضوابط معينة فكيف نجد هذه الاكتشافات هنا و ليست في متحف اللاذقية مثلاً ؟ "
المتاحف أينما وجدت تعتني بالآثار ، و الآثار من نتاج العقل البشري كالمنحوتات و اللوحات ، أما المستحاثات فهي أثر الكائن الحي و ليست من نتاج العقل البشري ، و ما بنيته حتى اليوم ليس متحف آثار بل متحفاً جيولوجياً .

" قرأنا أن البيضة ما تزال قيد الدراسة فما هو الهدف من هذه الدراسة ؟ "
تهدف الدراسة إلى تحديد الجنس الذي تتبع إليه هذه البيضة و بذلك نستطيع تحديد العصر الذي ينتمي إليه الديناصور صاحب البيضة ، و هذه أمانة علمية .

كلمة السيد الدكتور فواز الأزكي ل ((الباحثون السوريون)) :
أيها الباحثون السوريون علينا أن نبحث طوعياً كي نصنع القادم الأجمل ، و أخاطب كل عـزيز منكم إن كان يعاني أية معاناة فليعي معاناته لأننا إذا أضفنا إلى المعاناة وعي المعاناة تفـجـرت العبقرية ، و أود أن أخبركم أن الباحث الذي يسعى لتحصيل ثروة هو باحث فاشل ، فالباحث الحقيقي يدفع ضريبة الحـرمان من كل شيء ، من الوقت و من الأكل و من النوم و من المسكن .. و من الحب .
على الإنسان أن يسعى ليتعدى الأرقام ، فالثروة أرقام و الإنجاب أرقام و السلطة أرقام ، أما العلم و البحث العلمي هي أمور تتعدى الرقم ، ففي سورية حوالي 800 ألف شقة و 50 ألف فيلا و متحف جيولوجي وحيد ، فهو إذاً ليس رقماً .
لا أجد في الكون ما يجلب لي السعادة كالبحث العلمي ، فأنا غير قادر على وصف سعادتي باكتشافي لمستحاثة أو فلز ، لهذا أدعوكم إلى البحث العلمي بجدية و أهنئكم لأنكم من المتميزين و أطمح بل أنا واثق أنني سأجد أسماءكم بين الباحثين العالميين مستقبلاً ، و سأفخر بكم فأنتم آمالي الواعدة ، و لولا وجود أمثالكم لكنت تلكأت في السير و سقطت .

ببالغ السرور و المحبة نتوجه بالشكر الجزيل للعالم الدكتور فواز الأزكي الذي أخذنا و إياه في رحلة جميلة إلى عالمه السحري الخيالي الذي عانقنا به الأحجار و الفلزات و الزخرفات الرائعة كانت رحلة تاريخية بامتياز أعادنا بها إلى عقود الأرض الغابرة حيثما اللاحمة و العاشبة من الديناصورات الجميلة و عالم البراكين الذي أعجزت حرارته الإنسان تسهيل اكتشافه لكن الدكتور فواز أزال تلك الحرارة القاتلة واستضافنا بحرارة الكرم و المحبة و حرارة شمس العلم التي لا تشع إلا دفئا و ضياء ....

مقال سابق عن الباحث الدكتور فواز الأزكي :
هنا