التوعية الجنسية > الحياة والحقوق الجنسية والجندرية

ماذا لو انتابت المراهق ميول مثلية جنسيًّا؟

أن يثير اهتمامك شخصٌ من الجنس نفسه فهذا لا يعني بالضرورة أن تكون مثليَّ الجنس، كما لا يعني أنَّ اهتمامك بشخص من الجنس الآخر أن تكونَ غيريًّا.

فمن الشائع أن ينجذبَ المراهقون أو أن يمتلكوا أفكارًا جنسية عن أشخاص من الجنس نفسه ومن الجنس الآخر، وقد يتعدّى الموضوع عند بعض الأشخاص كونَه مجرد أفكار إلى أن يختبروا مشاعرهم الجنسية ويدخلوا في تجارب جنسية مع أشخاص من الجنس نفسه أو من الجنس الآخر، وحتى هذا كلّه لا يحدد وحدَه كونكَ غيريَّ الجنس أو مثليًّا.

هل يختار الأشخاص ميولهم الجنسية؟

الميول الجنسي هو الانجذاب العاطفي أو الرومانسي أو الجنسي تجاه شخص آخر، ولا توجد إجابة بسيطة عن سبب كون بعض الأشخاص غيريّي الجنس أو مثليّيه، ويعتقد معظم الخبراء الطبيين -متضمّنين الخبراء في أكاديمية طب الأطفال الأمريكية وجمعية علم النفس الأمريكية- أنَّ الميولَ الجنسي يتضمن مزيجًا معقّدًا من علم الأحياء وعلم النفس والعوامل البيئية، وإضافةً إلى ذلك؛ يعتقد العلماء أنَّ جينات الأشخاص وهرموناتهم تؤدّي دورًا مهمًّا في ذلك.

ويعتقد معظم الخبراء الطبيين أنَّ الميول الجنسي عامّةً ليس شيئًا يختاره الشخص طواعية؛ فالميول الجنسي بدلًا من ذلك هو مجرد جزء طبيعي من الشخص.

ليس من المعيب أن تكونَ أحد أفراد مجتمع الميم، ولكن لايعتقد الجميع بذلك، وقد تجعل هذه المعتقدات في المجتمع الأمورَ صعبةً لمراهقي مجتمع الميم.

كيف هو الوضع عند مراهقي مجتمع الميم؟

قد يشعر بعض المراهقين المثليين أو مزدوجو الميول الجنسية أو المُصححون جنسيًّا بأنَّهم مختلفون عن أقرانهم عندما يبدأ أقرانهم الغيريون بالحديث عن المشاعر الرومنسية والمواعدة والجنس، وقد وجدَت دراسةٌ استقصائيةٌ أجرتها حملة حقوق الإنسان عام 2012 أنَّ 92٪ من المراهقين المثليين قد سمعوا أشياء سلبية عن كونهم مثليين أو مزدوجي الميول الجنسية أو مصححين جنسيًّا.

وقد يشعر مراهقو مجتمع الميم أنهم مضطرون إلى التظاهر بنقيضِ ما هم عليه ليتناسبوا مع محيطهم، وقد يشعرون أنهم مضطرون لإنكار من هم أو أنَّ عليهم إخفاءَ جزء مهم من أنفسهم.

ويمكن أن تؤدي المخاوف من التحامل أو الرفض أو التنمر ضد الأشخاص ذوي التوجهات الجنسية غير المغايرة إلى عدمِ الإفصاح بتوجهاتهم الجنسية، حتَّى للأصدقاء والعائلة الذين قد يدعمونهم.

وإضافةً إلى أنَّ الأشخاص الذين يشعرون أنهم بحاجة إلى إخفاء هوياتهم أو يخشون التمييز والعنف؛ يمكن أن يكونوا أكثر عرضة للمشكلات العاطفية مثل القلق والاكتئاب. ويمكن أن يكون بعضُ مراهقي مجتمع الميم الذين يفتقرون إلى أنظمة دعمٍ أكثرَ عرضةً للتسرب من المدرسة، والعيش في الشوارع، وتعاطي الكحول والمخدرات، ومحاولة الإضرار بأنفسهم.

وعادةً ما يشار إلى عملية إعلان الميول الجنسية المثلية بمصطلح "coming out"، وهي التي يمكن أن تبدأ بالخيالات أو الأحلام المثلية مع إدراك المرء انجذابَه إلى أشخاص من الجنس نفسه، ثمَّ شعوره باختلافه عن أقرانه، أو تبدأ بتجربة جنسية. وقد يعاني المراهق في هذه المرحلة ارتباكَ الهوية الجنسية، إذ يكون على علم بانجذابه للجنس نفسه ولكنه مضطرب من ذلك، ويتأثر هذا الارتباك بالوصمة المرتبطة بالمثلية الجنسية، والمعرفة غير الدقيقة، وقلة الفرص للاختلاط بأشخاص يتقاسم معهم المشاعر نفسها.

وقد ينتج مزيدٌ من الارتباك إذا ما كان اليافعون يختبرون الانجذاب نحو الجنس الآخر أيضًا، فقد لا يعترف المراهق بتوجهه الجنسي، أو يتجنَّبُ التفكيرَ فيه أو قد يقدم تفسيرًا بديلًا لمشاعره.

ومن المهم التمييزُ بين المراهقين المثليين والمراهقين الذين يعانون اضطرابَ الهوية الجندرية، فالغالبية من المغايرين والمثليين لديهم هويات ذكورية أو أنثوية بما يتوافق مع جنسهم التشريحي، وعادةً ما يشار إلى أولئك الأشخاص الذين لا تتطابق هويتهم الجندرية مع جنسهم البيولوجي بمغايري الهوية الجنسية.

ما النهج الذي يجب اتباعه؟

إنَّ وجود بيئة يشعر فيها المراهق بالأمان هو أمر مهم جدًّا، فقد يشكل الخوف من انعدام الخصوصية حاجزًا كبيرًا أمام المراهقين للإفصاح عن أيِّ شيء ذي طبيعة شخصية.

يجب إعطاء المراهقين الفرصة لمناقشة قضايا الانجذاب والميول الجنسي، والصحة العقلية، وتعاطي الكحول، وممارسة الجنس الآمن، والقضايا المدرسية، وقضايا العائلة والأصدقاء.

ولدى جميع الأشخاص من التوجهات الجنسية كلّها؛ قد يكون من الصعب التعرُّف إلى الجنس والعلاقات، لذلك يمكن أن يساعد التحدث إلى شخص ما عن المشاعر المربكة، مع العلم أنَّه ليس من السهل دائمًا العثور على شخص تتحدث معه في هذه المواضيع، لذلك يجب الحذر في انتقاء أولئك الأشخاص.

في بعض المجتمعات؛ يمكن أن توفر مجموعات الشباب فرصًا لمراهقي مجتمع الميم من أجل التحدث مع أشخاص آخرين يواجهون المشكلات نفسها، كذلك علماء النفس والأطباء النفسيون وأطباء الأسرة بمقدورهم تقديم المساعدة سريًّا في تلك المجتمعات.

ولدى أطباء الأطفال العديدُ من الفرص لإحداث التغيير داخل مجتمعاتهم؛ إذ يمكنهم التأكد من أنَّ المؤسسات اللاتي يعملون بها تعالج جميع اليافعين دون تحيز، ويمكن توعية المدارس والمنظمات المجتمعية بهذه القضايا بوصفها مهمةً، وتشجيعها على تقديم المواد العلمية عن التوجهات الجنسية.

سواء كنت مثليًا أم مغاير الجنس أم مزدوج الميول الجنسية أم غير متأكد ممَّا أنت عليه؛ فالجميع تقريبًا لديه أسئلة عن النضج الجسدي وعن الصحة الجنسية، كالتساؤل فيما لو كانت بعض التغييرات الجسدية "طبيعية"، ثم ما الطريقة الصحيحة للتصرف، أو كيفية تجنب الأمراض المنقولة جنسيًا. ومن المهم العثور على طبيب، أو ممرضة، أو مستشار، أو شخص بالغ مطّلع كي تتمكن من مناقشة هذه المشكلات معه، ومن المهم أن يكون شخصًا متقبّلًا وتثق فيه كي لا تعرّضَ نفسك للخطر في مجتمعات تجرمُ المثلية الجنسية.

المصدر:

هنا