الفنون البصرية > أيقونات فنية خالدة

لوحة رامبرانت الأشهر (لوحة درس التشريح للدكتور تولب)

وُلِد الفنان "رامبرانت" "Rembrandt Harmenszoon van Rijn" في مدينة "ليدن" "Leiden"الهولندية في عام 1606م، ويعدُّ من أهم  فناني عصر الباروك الهولندي، فقد أنجز قرابة 400 لوحة، وأكثر من 1000 رسم، وقرابة 300 نقشاً، إضافةً إلى أنه دُعِمَ من الطبقة الوسطى الثرية البروتستانتية  مع فنانين هولنديين، وقد كانت تمرُّ هولندا بفترة توسع الطبقة الغنية المتوسطة حينها، ولذلك؛ كانت الكنيسة الكاثوليكية تطلب من الفنانين كثيراً من الأعمال الفنية دعماً للإصلاح.

فأصبحت أنواع الفن المختلفة تحظى بشعبية كبيرة في ذلك الوقت؛ أي حظيت اللوحات الفنية واللوحات الصغيرة للحياة اليومية  -في فترة الباروك الهولندي- بشعبية استثنائية لدى زبائن من الطبقة المتوسطة، وكانت الحياة والمناظر الطبيعية والمطبوعات في متناول الجميع، إضافةً إلى كونها صغيرة بما يكفي لعرضها بسهولة في المنازل.

وبعد نجاح "رامبرانت" في مدينة "ليدن"، انتقل إلى أمستردام في عام 1631، وقد كان ذلك قراراً حكيماً؛ لأنها كانت من أكبر الدول في أوروبا وأغناها.

وبعد مرور عام على وصوله إلى أمستردام، عُرِضَ على رامبرانت مهمة استكمال لوحة  صور جماعية خاصة برابطة نقابة الأطباء في أمستردام؛ وأصبح هذا العمل معروفاً باسم "درس التشريح للدكتور تولب"، ومن المُلفِت أنه قد استلم هذا العمل بصفته وافد جديد إلى أمستردام عندما كان هناك فنانين آخرين وُلِدُوا في البلاد مثل :  "Nicolaes Pickeno " و "Thomas de Keyser" أكثر خبرة في مجال رسم البورتريه، في حين أعدّ رامبرانت رسماً يُعدُّ واحداً من أكثر اللوحات تميزاً في العالم، فقد رسم صورة لسبعة جراحين والطبيب "نيكولاس تولب" في عام 1632م، وهذه اللوحة تُعدُّ واحدةً من سلسلة كاملةٍ من صور المجموعة التي صُنِعَت لغرفة نقابة الجراحين، ويرجع تاريخ أقدمها إلى عام 1603م، وكان الدكتور "تولب" منتدباً (أستاذاً أو محاضراً) في نقابة علم التشريح بأمستردام في عام 1628م، وكان من مسؤوليات هذا المنصب تقديم محاضرة عامة في جوانب علم التشريح البشريّ، وأُلقيت هذه المحاضرة في 16 يناير عام 1632م.

والصورة الآتية هي المشهد الذي يصوره "رامبرانت" في درس علم التشريح للدكتور "تولب".

كان أحد عناصر هذا التدريب الإضافي هو الحضور؛ إذ كانوا في مجموعات عمليَّة في مسرح التشريح من أجل الحصول على فهم أفضل لجسم الإنسان، وكان هناك تشريح شامل واحد في كلِّ عام، وأجريت هذه المحاضرة في فصل الشتاء؛ لأن رائحة الجسم لن تُطَاق في أي وقت آخر.

شرَّح الدكتور تولب جثةً عام 1631م  أول مرة، وفي مرة ثانية عام 1632م، وكانت لوحة "رامبرانت " الشهيرة واحدة من هذين الحدثين، وكان إنجازاً فنياً مذهلاً خصوصاً أنه رسم رسوماً قليلة نسبياً حتى هذا الوقت، وفي الواقع؛ إن هذه اللوحة كانت تكويناً دقيقاً ومدروساً، وقد وضح في اللوحة انتباه المشاهد إلى الدكتور "تولب " الذي يوضح كيفية ارتباط عضلات الذراع، وقد وضعت ذراع الجثة مفتوحة لهذا الغرض.

كان "رامبرانت" قادراً على إنشاء صورة جماعية حقيقية واحدة ضمن مجموعة واحدة فقط، بدلاً من مجموعة الأفراد.

ومن الجدير بالذكر أنه كان من المهم أن الفنان قد أخذ بعض الدروس في التشريح ومنها يستطيع أي طالب في علم التشريح وعلم وظائف الأعضاء اليوم أن يشهد بأن تشريح جسم الإنسان يبدأ بالكشف عن منطقة الصدر والبطن، وأجزاء الجسم البشري الأكثر عرضة للتحليل.

أثرت هذه اللوحة في فنانين كُثر بعد "رامبرانت" إلى وقتنا الحالي، فمن الدقة والإبداع أطلقت هذه اللوحة العنان لشهرة "رامبرانت" و زيادة ثروته.

المصادر : 

1- هنا

2- هنا