الفيزياء والفلك > فيزياء

لوحات مخفية تكشفها الفيزياء

إنَّ الاكتشافات الفيزيائية تكون في كثير من الحالات معقَّدة وعسيرة الفهم علينا، ولكن ماذا لو كشفت لنا الفيزياء عن أعمال فنية مخبَّأة تحت ناظرنا، لم نستطع إبصارها من قبل؟!

فكما أنَّ الكون لوحة فنية نسعى إلى اكتشاف خفاياه وما يحمله من أسرار في كل مستوياته ونحاول جاهدين فهمَ سبب وجوده وكيف وُجِد؛ فكذلك هي إبداعات الرسامين والنحَّاتين تخبِّئ في جعبتها الكثير.

عام 1902 عندما كان بيكاسو يرسم لوحته La Miséreuse accroupie؛ لم تخطر في باله فكرة أنَّ أحدًا ما سيفحص لوحته بعد أكثر من قرن؛ فقد فحص فريق من الباحثين (يتألف من فيزيائيين وكيميائيين وأخصائيي حفظ الأعمال الفنية) عددًا من أعمال بيكاسو لفهم آلية عمله وتفاعله مع الألوان وقماش الرسم وكشْف النقاب عمَّا هو مخبَّأ. وقد لُوحظ ما كان وراء عمل بيكاسو باستعمال الأشعة السينية، واتَّضح أنه قد رسمها على قماش مستعمل للوحةٍ تبدو منظرًا طبيعيًّا قد رسمها فنانٌ ما.

ولم يتوقف الأمر عند هذه اللوحة؛ إذ بالفحوصات التي أُجريَت على عمله Mother and Child by the Sea الذي أنجزه عام 1902 أيضًا؛ اتَّضح أنه غطَّى قماشَ لوحة قديمة بعدد من صحيفة Le Journal يعود تاريخه إلى ذلك العام؛ وذلك كي يبدأ برسم تحفته فوق الأحرف المطبوعة على الجريدة التي استطاع العلماء رؤيتها بوضوح بعد تصوير اللوحة فوق الطيفيِّ.

وعن طريق هذه التجارب والأبحاث يأمل العلماء أن يطوُّروا مجالات استعمال الأشعة السينية في التصوير؛ وذلك عن طريق تطوير أدوات استكشاف الحساسية المطيافية للمواد المختلفة؛ إذ يُكشَف عن البقايا المخفية خلف اللوحات والمنحوتات بقراءة البيانات المُنبعثة من الألوان أو الحبر وحتى من بعض المعادن عند تعرُّضها للأشعة المُستعمَلة في الفحص.

ليس ذلك فسحب؛ بل يُحاول الباحثون رصد الانبعاثات الحرارية الصادرة عن بعض الأعمال الفنية والقطع الأثرية؛ وذلك بوضعها في غرف شديدة البرودة والظلمة؛ إذ إن هذه الأبحاث قد تفتح أفقًا جديدًا لدراسة الآثار والأعمال الفنية بعيدًا عن أضواء الكاميرات التي قد تُسبِّب لها الأذى.

وربما يقودنا كلُّ هذا وأكثر -يومًا ما- إلى فهم طريقة تفكير مبدعٍ أو حتى شخص عاديٍّ عاش في زمن ماضٍ عن طريق فحص خربشاته على ورقةٍ بين أيدينا أو على جدران كهف منسيٍّ يقبع في زاويةٍ من اللوحة الكبيرة التي نعيش داخلها.

المصادر

هنا

هنا