الغذاء والتغذية > الرياضة وتغذية الرياضيين

هل من الجيد أن نمارس الرياضة في أثناء المرض؟

"أشعر بأني مريضٌ اليوم.. تُرى هل سأتمكن من ممارسة الرياضة، أم أنني سأخسر أحد أيام التمرين؟!"

سؤالٌ يخطر على بال كل رياضيٍّ ملتزمٍ، فالتوقف عن التمرين يومًا واحدًا يعني تخلفًا عن الخطة الأسبوعية. فهل تسرِّع ممارسة الرياضة الشفاء، أم أنَّها أمرٌ خاطئٌ وخطير؟؟

يظن بعض الرياضيين أن ممارسة التمارين الرياضية في أثناء المرض أمرٌ جيدٌ ويسرع الشفاء، ويمكن لذلك أن يكون صحيحاً في بعض الأحيان وخاطئًا في أحيانٍ أخرى، فكيف نحدد ذلك؟ وما القاعدة التي يمكن اتباعها لاتخاذ قرار التمرين أو الراحة؟

تُسهم التمارين الرياضية في تحسين لياقة الجسم عمومًا، وتساعد على تعزيز الجهاز المناعي والدفاعاتِ تجاه الالتهابات، وقد أظهرت بعض الدراسات أن التمارين الرياضية "معتدلة الكثافة" يمكن أن تقلِّل عدد نزلات البرد التي قد تصيب الشخص؛ ويشمل هذا النوع من الأنشطة عدة أنواعٍ من التمارين مثل المشي مدة 20 إلى 30 دقيقة يوميًا، والذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية كل يوم، وركوب الدراجة عدَّة مراتٍ في الأسبوع. ويمكنكم قراءة مزيدٍ من المعلومات عن تصنيف التمارين الرياضية هنا.

وقد وُجد في إحدى الدراسات المنشورةِ في المجلة الأمريكية للطب American Journal of Medicine، أن النساء اللواتي يمشين مدة نصفِ ساعةٍ يوميًا على مدى عامٍ كامل قد أُصبن بنصف عدد نزلات البرد التي تصاب بها النساء اللواتي لا يمارسن الرياضة عادةً. كذلك وجد الباحثون أن المشي المنتظم يمكن أن يساعد على إنتاج عددٍ أكبر من خلايا الدم البيض التي تحارب الالتهابات، وهو ما يتوافق مع ما توصلت إليه دراسةٌ أخرى وجد الباحثون فيها أن عدد الخلايا التائية؛ وهي نوع معين من خلايا الدم البيض، قد ازداد لدى الأشخاص الذين بلغ عمرهم الـ 65 عامًا ويمارسون التمارين الرياضية بانتظام حتى قارب العددَ الذي يُلحظ عادةً في الثلاثينات من العمر.

ولكنْ، هل يبقى خيارُ ممارسة التمارين الرياضية صحيحاً بعد حدوث المرض؟

قد يتساءل المرء عند بدء شعورِه بالمرض عن إمكانية ممارسة الرياضة في هذه الفترة المُجهدة للجسم، وللمساعدة على اتخاذ هذا القرار يجب أن يبدأ المرء بتمييز الأعراض؛ هل تتركَّز فوق منطقة العنق أم تحتها؟

تعدُّ أعراض ما "فوق العنق"، مثل سيلان الأنف واحتقانه والعطاس وألم الحلق، أعراضًا نموذجيةً لنزلاتِ البرد الشائعة التي تسببها الفيروسات المعروفة باسم الفيروسات التاجية Coronaviruses أو الفيروسات الأنفية Rhinoviruses، ولا بأس بممارسة التمارين الرياضية في هذه الحالة، لكنْ يُفضَّل أن يحدَّ المرء من كثافة جلسة التدريب وشدَّتها ومدَّتها، فمن شأن التمارين الخفيفة أن تقلِّل القلق والانزعاج الذي قد يحس به الرياضي عند عدم ممارسة التمارين التي خطط لها مسبقًا، كذلك يمكن للنشاط البدني المعتدل أن يكون مفيدًا في حالة المعاناة من نزلات البرد العادية، إذ يمكن أن يسهم في فتح الممرات الأنفية وتخفيف احتقان الأنف مؤقتًا.

ويُنصح باستشارة الطبيب قبل تناول الأدوية المزيلة للاحتقان والمحتوية على مركب السودوإيفيدرين Pseudoephedrin، فمن شأنه أن يزيد معدلَ ضربات القلب، الأمر الذي قد يُشكِّل خطرًا عند ترافقه بارتفاع معدل ضربات القلب الناتج عن التمارين الرياضية.

وفي حال ظهور علاماتٍ وأعراضٍ في منطقة "تحت الرقبة"، مثل احتقان الصدر أو السعال الشديد أو اضطراب المعدة، فلا بدَّ من التوقف عن ممارسة التمارين الرياضية، كذلك يجب التوقف عنها في حال المعاناة من الحمى أو التعب أو الآلام العضلية الواسعةِ الانتشار؛ ويعدُّ ارتفاع حرارة الجسم داخليًا الخطرَ الرئيسَ الذي يمكن أن ينتج عن ممارسة التمارين الرياضية في أثناء الحمى.

أمَّا عند الإصابة بالانفلونزا (النزلة الوافدة) Flu التي تسببها الفيروسات المعروفة باسم Influenza A أو Influenza B، يجب على الشخص التفكيرُ ملياً قبل ممارسة الرياضة، فممارسة أي نوعٍ من التمارين الرياضية معها قد يؤدي إلى الإصابة بعدوى أكثرَ سوءًا وشدةً، مثل الالتهاب الرئوي Pneumonia أو التهاب الشعب الهوائية Bronchitis، ويُنصح دائمًا بالاتصال بالطبيب إذا ساءت الأعراض أو لم تتحسن.

وفيما يأتي بعض الاعتبارات التي يُنصح بأخذها دليلًا عامًا لممارسة الرياضة في أثناء المرض:

يعمل الجهاز المناعيى على نحوٍ أفضل عندما لا يكون مجهداً، لذا فإنَّ الرياضيين الذين يتدربون على نحو مكثفٍ دون الاهتمام بأيام الراحة الضرورية للاستشفاء يكونون أكثرَ عُرضةً للإصابة بنزلات البرد أو الأنفلونزا.

امتنع عن ممارسة التمارين عند الشعور بضيقِ التنفس أو الدوار أو مشاكلِ التوازن.

يُنصح باستغلالِ أيامِ الراحة للتَّركيز على التغذية الجيدة وشرب كمياتٍ كبيرةٍ من السوائل، مثل الماء والمشروبات الغنية بالشوارد (الكهرليتات).

إنَّ بضعةَ أيامٍ من الراحة عند المرض لن تؤثر على أدائك، اجعل جسمك مرشدك الحقيقيّ، وخذ قسطًا كافيًا من الراحة إذا كنت تشعر بالتعب الشديد.

عندما تبدأ بالتحسن، عُد إلى روتينك الطبيعي تدريجيًا، وابدأ بنسبة 50% تقريبًا من شدة التمارين الرياضية المعتادة، مع فترة استراحة أطول نسبيًا بين التمارين.

استشر طبيبك إذا كنت غير متأكدٍ من سلامة ممارسة التمارين.

وكما ذكرنا آنفًا:

يكون التمرين مفيدًا إذا كانت الأعراض "فوق الرقبة"، وتشمل الأعراض والعلامات تلك التي ترافق نزلات البرد، مثل سيلان الأنف واحتقان الأنف والعطاس والتهاب الحلق الطفيف، مع ضرورةِ الحدِّ من كثافة التمرين ومدته، مثل ممارسةِ المشي بدلًا من الجري.

لا تمارس التمارين الرياضية إذا كانت العلامات والأعراض "تحت العنق"، مثل احتقان الصدر أو السعال الشديد أو اضطراب المعدة.

لا تمارس الرياضة إذا كان لديك حمى أو تعبٌ شديدٌ أو آلامٌ عضلية واسعةُ الانتشار.

يمكن أن تتسبَّب بتراجع الإصابة وتحولها إلى حالةٍ أكثر خطورة إذا حاولت ممارسة التمارين الرياضية بالشدة المعتادة في أثناء إصابتك بأكثرَ من مجرد نزلة برد بسيطة.

يزداد معدَّل ضربات القلب مع زيادة النشاط البدني، ويمكن لبعض الأدوية أن تمتلك التأثير نفسه، لذا امتنع عن التمرين في أثناء تناول مضادات الاحتقان التي تزيد ضربات القلب وذلك تجنَّبًا للإصابة بصعوبةٍ في التنفس.

تأكَّد من مناقشة الأمر مع الطبيب إذا أُصبت بنزلةِ بردٍ وأنت من مرضى الربو.

انتظر بضعةَ أيامٍ قبل معاودة التمرين الرياضي المعتاد عندما يكون البرد مصحوبًا بالحمى، وذلك منعًا لزيادة الضغط على الجسم.

يمكن أن تسبب ممارسة التمارين الرياضية مع الأنفلونزا إلى عدوى أكثرَ سوءًا، مثل الالتهاب الرئوي أو التهاب الشعب الهوائية.

إذًا، متى يكون بمقدورك معاودةُ التمرين؟

تختفي نزلات البرد غير المعقدة كليًا في خلال سبعةِ أيام تقريبًا عند الشخص البالغ، أما الأنفلونزا المترافقة بمضاعفات أخرى، مثل التهاب القصبات أو التهاب الجيوب الأنفية، فيمكن أن تستمر أسبوعين. كذلك يمكن أن تستمر أعراض السعال والاحتقان عدة أسابيع إن لك تكن مترافقة بأي علاج، لذا تسبب الأنفلونزا ابتعادَك عن التمرين مدةً لا تقلَّ عن 10 أيام وقد تصل إلى أسبوعَين، وذلك حتى عندما تكون الحالة غيرَ معقدة.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا