الرياضيات > رياضيات في دقيقة

كيف لنا أن نتصور الأبعاد العليا؟

إذا ذكرنا فضاءات ذات أربعة أبعاد أو أكثر يظنُّ البعض أنه خيال علمي، ولكن الأمر واقعيٌّ أكثر مما نتصور. نحن نُفكر في الأبعاد على أنها الاتجاهات التي نستطيع أن نتحرَّك ضمنها، وهي لدينا الحركة إلى الأعلى والأسفل يمينًا ويسارًا، وإلى الأمام والوراء، وهذا ما يقودنا إلى الاعتقاد بأننا نعيش في عالم ثلاثي الأبعاد؛ فمثلًا يُعرف موقع كل نقطة في هذا العالم باستخدام ثلاث إحداثيات، ولا يمكننا أن نتخيَّل العيش في عالم رباعي الأبعاد لأننا ببساطة لا نملك اتجاهًا رابعًا لنتحرك ضمنه.

لنتخيل الآن أننا نريد مقابلة أحدهم، لا يكفي –من الناحية النظرية– أن نُخبره إحداثيات موقع اللقاء الثلاث؛ بل علينا أن نُحدِّد موعد اللقاء زمنيًّا أيضًا. إذًا؛ يُشكِّل المكان والزمان مع بعضهما البُعدَ الرابع الذي نحتاج فيه إلى أربعة أرقام لنحدد نقطةً ما.

هناك حالات أخرى نحتاج فيها إلى أكثر من أربعة أرقام لكي نُحدِّد الأمر الذي نتحدث عنه؛ فمثلًا مهندس الصوت الذي يعمل على مزج الأصوات، قد يعمل على 12 و24 أو حتى 128 مقطع صوتي بآنٍ واحد. وفي كل لحظة من الزمن يملك كل واحد من هذه المقاطع الصوتية صوتًا محددًا؛ ويجعلنا هذا في حاجة إلى 24 رقمًا لتمثيل نقطة من فضاء صوتي ذي 24 بُعدًا.

يمثِّل الشكل إسقاطًا لشكل المكعب رباعي الأبعاد، والمسمى بـ tesseract على فضاء ثلاثي الأبعاد.

إذًا مفهوم الأبعاد العُليا ليس غريبًا عنا كما كنا نظنُّ، فالنقطة الموجودة في فضاء ذي n بعد، تحتاج إلى n رقم أو n إحداثيًا لتمثيلها (n عدد طبيعي أكبر من 3)، الأمر بهذه البساطة.

ولكنْ يُعامل علماء الرياضيات الفضاءات ذات الأبعاد العُليا والأغراض الموجودة داخلها على أنها أجسام هندسية، على الرغم من أنه لا يمكننا تصورُها. ويساعدهم على هذا علمُ الجبر؛ إذ يُقدِّم لهم الأدوات اللازمة؛ فلننظر على سبيل المثال إلى المعادلة الآتية:

إنها معادلة كرة؛ وهي عبارة عن جسم يعيش في عالم ثلاثي الأبعاد، وقياسًا على ذلك نقول إن المعادلة الآتية:

هي معادلة كرة رباعية الأبعاد «hypersphere»؛ وهي عبارة عن جسم يعيش في عالم رباعي الأبعاد. ويمكننا تعريف الكرات في الفضاءات ذات الأبعاد العُليا من ذلك بطريقة مشابهة، ويمكننا تعريف العديد من الأشكال الأخرى أيضًا كالمكعب العالي الأبعاد «hypercubes». ونُلاحظ دائمًا أنه ما إن يبرهن علماء الرياضيات صحةَ نتيجة ما في البعدين الثاني والثالث حتى يبدؤوا بالبحث في إمكانية برهانها في أبعاد عُليا؛ الأمر الذي يكون أحيانًا سهلًا وأحيانًا لا.

المصدر:

هنا