الطب > طب الأسنان

هل يمكن لأطباء الأسنان اكتشاف الأمراض النفسية من فحص الفم؟ (الجزء الثاني)

تحدثنا في الجزء الأول عن بعض الأمراض النفسية وعلاقتها بالصحة الفموية؛ فقد ذكرنا الاكتئاب والاضطراب الثنائي القطب والفصام، وسنتحدث في هذا الجزء عن الخرف وإدمان الكحول والمخدرات وبعض اضطرابات الطعام وارتباطها بالصحة الفموية.

الخرف

صُنِّف الخرف مرضًا عصبيًّا أو اضطرابًا نفسيًّا؛ ويشمل داء ألزهايمر ويُعدُّ الأفراد الذين يبلغون من العمر 65 سنة أو أكثر معرضين للأمراض الدماغية على نحو أكبر. وتزداد نسبة انتشار ألزهايمر مع التقدم في العمر. يتصف مرضى الخرف بفقدان الذاكرة المؤقت والهياج والارتباك والسلوك غير المناسب، ويحدث في الحالات المتقدمة سلس بول وعدم القدرة على العناية الشخصية والنظافة وغيرها والدخول في الحالة الإنباتية والموت نهاية. ويفقد المريض أيضًا القدرة على استخدام الأدوات الصحيح كفرشاة الأسنان. ويوجد للخرف آثار في الصحة الفموية؛ وذلك بسبب تراجع الوظائف الفكرية والأدوية المضادة للذهان الموصوفة للمريض؛ إذ تحدث التظاهرات الفموية الآتية:

1.   الإصابات الوجهية الفكَّية (عادة بسبب الوقوع).

2.   القرحات الفموية الرضَّية.

3.   العناية الفموية السيئة.

4.   الحفر النخرية الواسعة.

5.   زيادة أمراض اللثة.

6.   فقدان العديد من الأسنان أو تخريبها.

7.   تآكل الأسنان وسحلها.

8.   خلل في وظائف الغدد اللعابية.

9.   الضمور الشديد في الحافة السنخية المتبقية.

10.  تصبح التعويضات السنية غير وظيفية.

11.  جفاف الفم.

12.  الإصابة بالفطور.

يجب أن تُجرى المعالجة السنية في أبكر وقت ممكن في حال الخرف المرتقي (ألزهايمر)؛ وذلك بسبب تراجع القدرة على التعاون، في حال وجود ضرورة للمعالجة السنية فترة طويلة؛ يجب أخذ صورة تشخيصية لكامل الفم التي يمكن الرجوع إليها مستقبلًا لأنه يصبح من المستحيل إجراء التصوير الشعاعي عند تقدم المرض.

وكما في جميع الأمراض النفسية الأخرى؛ فإنه من الواجب العمل مع كامل الفريق الطبي متضمنًا الطبيب النفسي خصوصًا؛ إذ يُساعد ذلك على معرفة مدى تدهور السلوك الحالي وفيما إذا كان سيتدهور أكثر مستقبلًا. وتسبب الأدوية المضادة للذهان الموصوفة جفافَ فمٍ وكما تُسبِّب الفطور الفموية عند 5-20% من المرضى، قد يوصف للمريض مضامض كلورهكسيدين أو غيرها. ويُعلَّم المريض أيضًا كيفية تنظيف جهازه السني وذلك حسب مستوى قدراته؛ ولكن المشكلة هي أن العديد من المرضى لا يستطيعون المضمضة مدة ثلاثين ثانية، وقد يبتلعون كل ما في فمهم؛ ما قد يُعرِّضهم للخطر. ويُوصف أيضًا الفلورايد والمواد الوقائية في حال النخور، ويكون في بعض الأحيان هو الخيار الوحيد. وقد تتراجع وظائف الكلية والكبد أيضًا مع التقدم في العمر؛ إذ يجب أن تُوصَف الأدوية بحذر، وخصوصًا مضادات الالتهاب الستيروئيدية.

إدمان الكحول وتعاطي المخدرات:

تُعدُّ معالجة مدمن الكحول أو متعاطي المخدرات تحديًا لدى طبيب الأسنان، وتُقدَّر نسبة انتشار الكحولية في المستشفيات بقرابة 28-50%، وللكحول والمخدرات كثيرًا من الأضرار على الصحة الفموية والأسنان؛ فهي تشمل التظاهرات الفموية الآتية:

1. إهمال الأسنان وصحة فموية سيئة.

2. صرير الأسنان.

3. جفاف الفم (ضمور الغدد اللعابية).

4. ارتفاع حالات حدوث سرطان الفم (التدخين الشديد).

5. الإصابة بالفطور (التغذية السيئة).

6. ضعف التئام الجروح والميل إلى النزف (تَلَف الكبد).

ويجب على الطبيب في أثناء فحص الحفرة الفموية الانتباهَ لوجود سرطان الفم من عدمه بسبب الخطورة العالية لإصابتهم به. وتتفاوت الاستجابة عند الكحوليين للأدوية؛ لأنه عند الاعتياد على الإيثانول عمومًا قد يحدث تعود على الأدوية المركنة؛ إذ يحتاج المريض إلى جرعة أكبر للحصول على التركين المطلوب؛ وهذا ما قد يكون خطرًا.

يجب أن تُعطى الأدوية التي تُستقلب عن طريق الكبد بحذر بسبب تلف الكبد عند الكحوليين. وكما يحتاجون إلى جرعة أعلى من المخدر الموضعي في أثناء  فترة المعالجة من إدمان الكحول؛ يجب تجنب كل الأدوية الفموية أو الموضعية التي تحوي الكحول في تركيبها كالمضامض الفموية؛ إذ يجب استخدام المنتجات الخالية من الكحول.

اضطرابات الطعام:

تعود اضطرابات الطعام إلى أسباب وراثية ونفسية وبيولوجية، ومن الممكن أن يكون للعائلة والمجتمع دور في ذلك، ثم إن صفات الفرد الشخصية مثل انعدام الثقة بالنفس وصعوبة تفريغ المشاعر السلبية وسعي الفرد إلى الكمال تُؤثِّر كثيرًا في ذلك. ولتلك الاضطرابات آثار كبيرة في الصحة العامة والفموية.

السبب الأكثر شيوعًا لتآكل الأسنان الحمضي هو تناول الفواكه والمشروبات الحمضية؛ ويُعزى أيضًا إلى داء الارتداد المعدي Gastric Reflux أو القيء المتكرر، ويُعاني قرابة 35% إلى 38% من المرضى ذوي اضطرابات الطعام تآكلَ الأسنان الحمضي، ويعاني مرضى القيء الذاتي المتعمد Self-Induced Vomiting تآكلًا على سطح السن الحنكي كثيرًا (أي سطح الأسنان العلوية الخلفي)، وتكون النخور السنية أقل شيوعًا من التآكل الحمضي عند مرضى فقدان الشهية المرضي Anorexia فهم مهوسون بالعناية الشخصية؛ وبهذا يكونون أكثر عناية بصحتهم الفموية، ويكون عادة سبب تآكل الأسنان في الاضطرابات السابقة هو الحموضة الموجودة في القيء.

وسنتحدث في الجزء الثالث عن اضطرابات الطعام النفسية وارتباطها بالصحة الفموية على نحو أوسع؛ فتابعونا..

المصادر:

1. هنا

2. Kisely, S. (2016). No Mental Health without Oral Health. The Canadian Journal of Psychiatry, 61(5), 277-282.

3. هنا