التاريخ وعلم الآثار > تحقيقات ووقائع تاريخية

ممَّ صنع الرومان مراهمهم التجميلية في القرن الثاني الميلادي؟

اكتشف علماء الآثار عام 2003 علبةً كاملةً من مرهم تجميلي في مواسير معبدٍ رومانيٍّ في بلدة ساوثوارك-لندن Southwark, London يعود إلى القرن الثاني الميلادي. وقد كانت العلبة مليئة بكريم أبيض شبيه بالكريمات الحديثة. وبعد تحليل المستحضر؛ نشر فريق Evershed عام 2004 ورقةً بحثيةً في مجلة Nature مُعلنًا فيها عن مركبات المرهم التي تتكون أساسًا من دهون حيوانية (قد تكون من البقر أو الأغنام) والنشاء (الذي استُخلص من غليان بعض الجذور أو الحبوب النباتية في الماء) إضافة إلى معدن ثاني أكسيد القصدير أو حجر القصدير (صيغته الكيميائية SnO2).

أعاد بعدها الخبراء في الفريق تركيبَ مرهم مماثل من المواد نفسها وبالنِّسَب نفسها، وقد وصفوه بعدما جربوه بما يأتي:

"إن هذا المرهم لطيف وطري عندما يُفرَك على الجلد. وعلى الرغم من ملمسه الدهني في البداية الذي يعود إلى ذوبان الشحوم بتأثير حرارة الجسم؛ ولكن يتلاشى هذا الإحساس بسرعة بفعل النشاء الذي لا يزال يُستخدم في مستحضرات التجميل الحديثة. ثم إن إضافةَ ثاني أكسيد القصدير إلى الخليط قد أعطاه لمعانًا أبيض مطلوبًا بوصفه مستحضرًا تجميليًّا. ولمَّا كانت النساء الرومانيات يتطلعن إلى بشرة بيضاء جميلة؛ شاعَ استعمال هذا الكريم طبقة أساس".

ويذكر الخبراء أن استعمال القصدير في تركيبة المرهم أكثر أمانًا من استعمال الرصاص السامِّ الذي كان شائعًا في ذلك الوقت؛ فقد كانت مساحيق الوجه البيضاء الرومانية تُصنَع من أسيتات الرصاص المستخلصة من إذابة نشارة الرصاص بالخل.

ويبقى السؤال عما إذا استُبدل بالرصاص القصديرُ عن قصد؟ لا يبدو الحال كذلك؛ إذ إن الكيميائيين آنذاك لم يكونوا قادرين على التمييز بين الرصاص والقصدير؛ لهذا فمن المحتمل أن صانع هذا الكريم قد استفاد من مناجم التعدين القريبة منه، وهي التي كانت تملك كميات وفيرة من رواسب ثاني أكسيد القصدير.

وبهذا؛ يمكننا أن نستنتج أن كريمات التجميل بأنواعها لها جذور قديمة جدًّا، وعلى الرغم من تطور مركباتها وأساليب صناعتها لكن يبقى حلم الحصول على بشرة نقية ناعمة وصحية واحدًا من الأحلام التي تراود نساء العالم على مرِّ العصور كلها.

المصادر:

هنا