العمارة والتشييد > عمارة سورية المعاصرة

مدرسةٌ فرنسية بعمارةٍ سورية.. Lycee Francais Charles de Gaulle

لمحةٌ عامة عن المدرسة:

تضمُّ المدرسة 900 طالبًا من مراحل دراسية مختلفة؛ رياض الأطفال حتى الشهادة الثانوية، وهي مدرسةٌ شبيهةٌ بالحديقة تندمجُ فيها الفصولُ الدراسية مع نظامٍ متقنٍ من الأفنيةِ والساحاتِ الخضراء.

الهدفُ الرئيسي للتصميم خلقُ بناءٍ يراعي البيئةَ المحيطة ويطمح إلى الاستدامة، ولذلك استُبعِدت التهويةُ الصناعية واعتمدت المدرسة على التهوية والتبريد والضوء والظلالِ الطبيعيَّةِ فقط، فأنتجت مشروعًا يعكسُ أهدافه ويترجمها إلى لغةٍ معماريةٍ خاصةٍ من الأشكال وإيقاعات الفراغات المتناوبة والكتل والحدائق، والأفق المميز الذي قدَّمته العناصرُ الرأسية المتميزة للمداخن الشمسيَّة المقترحة.

تاريخ المدرسة:

افتُتحت المدرسة بدايةً عام 1970 في الطابق الثاني لمبنى مدرسة اللاييك Lycee Laique de Damas  الموجودة مسبقًا، ثمَّ انتقلت إلى أبينةٍ لم تُصمَّم لتشغل وظيفةً تعليمية في مناطق مختلفة مثل: المهاجرين والمزَّة ومشروع دمر.

ولم يكن هناك حرمٌ واحدٌ متكاملٌ يجمع كافة المراحل الدراسية، فانتشرت في مواقعَ مختلفة، ممَّا منع وجود نظامٍ إداريٍّ موحَّد وصورة تتناسب معها ومناطقَ رياضية كبيرة للأنشطة الطلابية، ولكنَّ المدرسةَ الجديدة حقَّقت الحرم المتكامل مع الصورة الرسميَّة الخاصة بها.

بُنيت المدرسةُ على أرضٍ استُخدِمت من قبل الجيشِ الفرنسيِّ في فترةِ الانتداب، ثمَّ أصبحت جزءًا من ممتلكاتِ السفارةِ الفرنسيَّةِ في سورية.

موقع المدرسة:

تُحاطُ المدرسة بمجمَّعاتٍ سكنيةٍ شرقًا وجنوبًا وبالمستشفى شمالًا، وتندمجُ بسلاسةٍ مع تضاريس إحدى تلال المزَّةِ غربًا.

يضمُّ الموقع بعضَ الأشجار القديمة التي ما زالت بحالةٍ جيدة كأشجار الصنوبر والسرو والزيتون التي تتكيَّفُ جيِّدًا مع المناخ، وتستفيد حدودُ المدرسةِ الشماليَّةِ والشماليَّةِ الشرقية كثيرًا من وجود هذه الأشجار الصنوبرية التي توجِّه النظرَ نحو الجبال التي تضمَّ نفسَ النوع من النباتات، ممَّا يشكِّلُ اتصالًا بصريًّا جميلًا.

 

التصميم:

أكَّد المعماريون ضرورة تشكُّل وتطور شخصية الطلاب من المراحل العمرية الصغيرة حتى المرحلة الأخيرة من المدرسة الثانوية عن طريق تأمين القدرة على الاستخدام السهل والمريح للفراغات المشتركة، إذ تقع منطقةُ الخدمات العامة في الجزء السفلي من الموقع بمحاذاة الشارع، ثمَّ تتوضّع المدارس المختلفة -رياض الأطفال والمدرسة الابتدائية والمدرسة الثانوية- على نحوٍ متماثلٍ من أسفل الموقع إلى الأعلى، وتقع خلفهم المناطق العامة الأخرى المؤدية إلى الحديقة.

يخترق الموقع طريقٌ واسعٌ يمتدُّ بين الأشجارِ الموجودة من الشمال إلى الجنوب، وتُستخدَمُ الممرَّات المسقوفة والمفتوحة للوصول إلى جميع الفصولِ الدراسية الموجودة التي تتوضَّع على نحوٍ متناوبٍ مع الباحاتِ والأجنحة، ممَّا يعطي كلَّ فصلٍ دراسيٍّ اتصاله الخاص بالحديقة والموقع ككل.

صُمِّمت الحديقةُ لتخلقَ مناخًا محليًّا من الهواء البارد الذي يُضَخُّ في نظامِ التهوية عبر أنابيب PVC ويُسَرَّعُ انتشارها عبر التيارات الصاعدة للمداخن الشمسية، وتقع الصفوف الدراسية بجانب المحاور الرئيسية في نمطٍ متناوبٍ مع الحدائق، وتمثِّل هذه الأفكار استجابةَ الفريق المعماري والتقني لمتطلَّبات المناخ الخاصة بالموقع إضافةً إلى معرفتهم احتياجات المستخدمين.

حفَّزت الظروف المناخيَّة السائدة الفكرةَ الرئيسية لتصميم المدرسة وشكَّلت نقطةَ انطلاقها، إذ تتمتَّع دمشق بمناخٍ قاحلٍ وحار، ويتميّز صيف دمشق بجفافه وحرارته ورطوبته الأقل، أما الشتاء فيتميز باعتداله و جوِّه الماطر نسبيًّا مع بعض الثلوج، ولكن مع التحضُّر السريع حول المدينة تغير الطقس وأصبح الماء أقل مما سبق.

استدامةُ التصميم:

اتَّبع المعماريون مجموعةً من الإستراتيجيات لتحقيقِ المناخ المحلي المطلوب، إذ أبقوا بدايةً  كلَّ الأشجار الكبيرة التي تتمتَّع بحالةٍ جيِّدةٍ في الموقع، وأضافوا إليها المزيد من الأشجار المحلية التي تنمو بسهولةٍ ولا تحتاج إلى المياه.

واستُخدمت مواد بناء بكلفةٍ منخفضة ومألوفةٌ من قبل البنَّائين المحليين مثل البازلت الموجود في الممرَّات الخارجية والأرضية الإسمنتية في الصفوف وأجزاء المدرسة الأخرى والحجر الحلبي في الواجهات والجدران حول المدخل الرئيسي.

في النهاية نرى أنَّ المعماريين قد عملوا على خلقِ مدرسةٍ حدائقيَّة، وحققوا ذلك بتحويل موقعٍ قاحلٍ في منطقة المزة إلى حديقةٍ خضراء لتتركَ أثرًا كبيرًا في حياة الناس في المنطقة، ويتمتَّع الموقع بمناظرَ طبيعية واسعة، لكنَّ انحدارَ الأرض يحول دون رؤيةِ أية إطلالةٍ من الجهة الشرقية على طول مدينة دمشق، ولكن يمكن من الجهة الغربية رؤية أفقٍ مؤطَّرٍ بأشجارِ الحمضيات والسرو.

 

فما رأيك بتصميم المدرسة؟ هل نجح في عكس العمارة المحلية ومراعاة البيئة المحيطة؟

 

تصميم: Ateliers Lion Associés - فرنسا

المساحة: 7000 م2

الكلفة: 5 مليون يورو

 

المصدر: 

هنا

هنا