البيولوجيا والتطوّر > التقانات الحيوية

علماء ينجحون في تنمية أوعية دموية بشرية في طبق بتري!

إنجاز علمي كبير من شأنه أن يدفع عجلة تطوير علاجات الأمراض الوعائية إلى الأمام..

تعرف معنا تفاصيل هذه التقنية.

تمكن العلماء من تنمية أوعية دموية بشرية كاملة في طبق بتري أول مرة. ومن شأن هذه التقنية الجديدة كليًّا -الواردة في دراسة نُشرت منذ عدة أيام في مجلة Nature- أن تُساعد على إحراز تقدُّم كبير في مجال الأبحاث الخاصة بأمراض الأوعية الدموية مثل مرض السكري؛ إذ إنها حدَّدت  مسارًا رئيسًا من شأنه أن يمنع التغيرات التي تطرأ على الأوعية الدموية؛ وهو سبب الوفاة والاعتلال الرئيس بين المصابين بداء السكري.

العضيّ Organoid: هو بِنية ثلاثية الأبعاد تُنمَّى من خلايا جذعية مخبريًّا في طبق بتري، ويُحاكي العضيّ عضوًا ما من أعضاء الجسم ويمكن استخدامه لدراسة هذا الأخير.

ويرى الباحثون أن القدرة على بناء أوعية دموية بشرية مخبريًّا من الخلايا الجذعية قد تُحدث تقدُّمًا هائلًا؛ إذ إن كل عضو في جسمنا مرتبط بجهاز الدوران؛ الأمر الذي قد يسمح للباحثين بالكشف عن أسباب العديد من الأمراض الوعائية وعلاجها، بَدءًا بمرض ألزهايمر وأمراض القلب والأوعية الدموية ومشكلات التئام الجروح والسكتة الدماغية والسرطان، ومرض السكري طبعًا.

ويُؤثِّر مرض السكري في ما يُقدَّر بنحو 420 مليون شخص في العالم. وتَنتج العديد من أعراض مرض السكري عن تغيرات في بِنية الأوعية الدموية؛ ما يؤدي إلى خلل وضعف في الدورة الدموية وفي إمداد الأنسجة بالأكسجين. وعلى الرغم من انتشاره الكبير؛ ولكننا لا نعرف إلا القليل عن التغيرات الوعائية الناجمة عن مرض السكري؛ الأمر الذي أدى سابقًا إلى إبطاء تطوير علاج نحن بأمسِّ الحاجة إليه.

ولمعالجة هذه المشكلة؛ طور الباحثون أنموذجًا رائدًا؛ وهو عضيّات أوعية دموية ثلاثية الأبعاد منمَّاة عن طريق زراعة الخلايا الجذعية في طبق بتري مخبريًّا. وتحاكي هذه العضيّات الوعائية Vascular organoids بِنية الأوعية الدموية البشرية الحقيقة ووظيفتها إلى حدٍّ لافت.

عندما زرع الباحثون عضيّات الأوعية الدموية هذه في الفئران وجدوا أنها تطورت إلى أوعية دموية بشرية قادرة على تأدية وظائفها على نحو كامل من ضمنها الشرايين والشعيرات الدموية. ويبين هذا الاكتشاف أنه من الممكن إنتاج نظام وعائي بشري يعمل على نحو مثاليٍّ عن طريق تنميته في أنواع حية أخرى كالفئران.

وقال الباحث رينر فيمر Reiner Wimmer (مؤلف الدراسة الأول): "ما يثير الاهتمام في دراستنا هذه هو أننا نجحنا في تنمية أوعية دموية بشرية حقيقية بَدءًا بخلايا جذعية، وتُشبه العضيّات التي نمَّيناها الشعيرات الدموية البشرية إلى حدٍّ كبير وحتى على المستوى الجزيئي، ويمكننا الآن استخدامها لدراسة أمراض الأوعية الدموية مباشرة على أنسجة بشرية".

وإحدى ميزات مرض السكري هي أن الأوعية الدموية تُبدي ثخانة غير طبيعية للغشاء القاعدي؛ ونتيجة لذلك يضعف إمداد الخلايا والأنسجة بالأكسجين والمغذيات إلى حدٍّ كبير؛ ما يؤدي إلى العديد من المشكلات الصحية مثل الفشل الكلوي والنوبات القلبية والسكتات الدماغية والعمى وأمراض الشرايين الطرفية التي تؤدي إلى بتر الأطراف.

وعندما وضع الباحثون هذه العضيّات الوعائية في بيئة تُحاكي مرض السكري في طبق بتري؛ لاحظوا  حدوث زيادة هائلة في ثخانة الغشاء القاعدي في العضيّات الوعائية. وتُماثل هذه الظاهرة إلى حدٍّ بعيد الضرر الذي يطرأ على الأوعية الدموية لدى مرضى السكري.

تغيرات الأوعية الدموية عند مرضى السكري (الأعلى) وعضيات الأوعية الدموية (الأسفل). تشير الأسهم البيضاء إلى توسع الغشاء القاعدي (الأخضر) حول الأوعية الدموية (الأحمر) على نحو كبير عند مرضى السكري

ومن ثم حاول الباحثون إيجاد مركبات كيميائية من شأنها أن تعيق هذه الزيادة في سماكة جدران الأوعية، فلم تُظهر أية من أدوية السكري الحالية آثارًا إيجابية في معالجة هذا التغير في الأوعية الدموية. ومع ذلك اكتشفوا أن مُثبِّط أحد الأنزيمات الموجودة في الجسم يمنع زيادة سماكة جدران الأوعية الدموية؛ ما قد يساعد -على الأقل في النماذج الحيوانية- على علاج مرض السكري.

ويقول الباحثون بأن هذه النتائج يمكن أن تسمح لهم بتحديد الأسباب الأساسية الكامنة وراء الإصابة بالأمراض الوعائية، ومن المحتمل أيضًا أن تساعد على تطوير علاجات جديدة واختبارها لدى مرضى السكري.

المصدر:

هنا