الهندسة والآليات > هندسة البترول والغاز

آبار الحقن قد تُحدِث زلازلَ على بعد أميال منها.

شكل 1: يوضح الرسم A الانتشار الآني للزلازل الناجم عن الحقن حسب الطبقة التي تُحقن فيها السوائل. (تُمثل المنطقة الحمراء الحقن في المنطقة الرسوبية، في حين تُوضح المنطقة الزرقاء الحقن في المنطقة تحت الرسوبية، وتُمثِّل الخطوط الرمادية شبكةَ الصدوع). أمَّا الشكلان B وC فيوضحان احتماليةَ حدوث الزلازل  بوصفهما دالة مكانية للمسافة عن البئر.

درس باحثان من جامعة سانتا كروز-كاليفورنيا بياناتٍ من أنحاء العالم عن الزلازل الناتجة من آبار الحقن في أثناء عملية استخراج النفط، ووجدا أن بئر حقن واحدة قد تُسبِّب زلزالًا يصل مداه إلى 10 كم من البئر. وكانت النتيجة المفاجئة هي أنَّ حقن الموائع في الطبقة الرسوبية -وليس أسفلها- يؤدي إلى زلازل أكبر، وتصل إلى مسافات أبعد عكس التوصيات المعمول بها حاليًّا.

وتقول إيميلي برودسكي الأستاذة في علوم الأرض والكواكب في جامعة سانتا كروز-كاليفورنيا: "هذه هي الإشكالية؛ إذ إن التوصيات الحالية قائمة على مبدأ مفاضلة الحقن في الطبقة الرسوبية؛ لأنهَّا تعدُّ آمنةً نسبيًّا من الطبقة تحت الرسوبية".

وتكمُن المعضلة الحقيقية في مدى تأثير الحقن وقدرته على إحداث زلزال حول آبار الحقن؛ إذ يوضح توماس كوبل (باحث ما بعد الدكتوراه) أنَّ الحقنَ في الطبقة أسفل الطبقة الرسوبية ليس آمنًا كليًّا؛ وذلك لاحتمالية وجود صدوع فيها قد تؤدي إلى حدوث زلزال كبير، ولكنَّ الاحتمالات تقل؛ فمدى تأثير الحقن يكون أقل في هذه الطبقة.

ووصف الباحثان نمطَين متميزين من الأنشطة الزلزالية في ورقة بحثية نُشرت يوم 31 آب (أغسطس) 2018؛ إذ يتمثل النمط الأول بالحقن أسفل الطبقة الرسوبية، ويتجمع النشاط الزلزالي على نحو عنقودي حول البئر مع انحدار كبير بشدّته كلما ابتعدنا عن البئر. أمَّا النمط الثاني فيتمثل بالحقن في الطبقة الرسوبية؛ إذ إنَّ شدة النشاط الزلزالي تنخفض تدريجيًّا كلما ابتعدنا عن بئر الحقن؛ ما يؤدي إلى حدوث زلازل حتى مسافات بعيدة من منطقة الحقن.

إنَّ الآلية الفيزيائية -التي كان يُظنُّ فيها أن آبار الحقن تؤدي إلى الزلازل- تعتمد مباشرة على زيادة ضغط المائع داخل مسامات الصخور التي تؤدي إلى تسهيل انزلاق الصدع. وتعدُّ هذه الآلية المسؤولة عن النشاط الزلزالي المكاني الناتج عن حقن الموائع في الصخور التي تقع تحت الطبقة الرسوبية، ويقول كوبل: "في حين يعتمد النمط الآخر المتمثل بالحقن في الطبقة الرسوبية على آلية مختلفة تمامًا؛ إذ تعتمد على ظاهرة تدعى "Poroelastic Coupling" التي تتحكم بقدرة الصخور على نقل ضغوط السوائل إلى جزيئات الصخور الصلبة".

وتقول برودسكي: "فعندما تحقن الماء في الأرض فإنه يدفع الصخور المحيطة به، وينتج ضغط مرن من هذه العملية، وهو الذي يتيح للصخور الضغط على الصدوع البعيدة دون الحاجة إلى دخول الماء داخل تلك الصدوع؛ لذلك فإنَّه في حالِ وجود مسامات مرنة ستكون النتيجة هي الحصول على تأثير أكبر؛ لأنَّ الضغط ينتقل إلى الصدوع المجاورة بعيدًا عن منطقة الضغط".

في حين تعدُّ الطبقة تحت الرسوبية أصلب وذات مساماتٍ أقل من الطبقة الرسوبية؛ لذلك حسب كوبل؛ فإن زيادة الضغط في المسامات محدود في الجيوب المعزولة حول البئر ويعدُّ اقتران ذلك مع الضغط الكلي للحقل ضعيفًا. ويستطرد كوبل بأنَّ نتائج أبحاثهم ساعدت على شرح مدى انتشار الزلازل المصطنعة في المناطق مثل ولاية أوكلاهوما التي تحتوي على العديد من آبار الحقن لحقول النفط والغاز، وقد شهدت أوكلاهوما موجةَ زلازلٍ دراماتيكية منذ عام 2010 إلى حد تفوقت فيه على ولاية كاليفورنيا (المشهورة بالزلازل) من حيث عدد الزلازل في السنة نتيجة آبار الحقن المنتشرة في الولاية.

المصادر : 

1- هنا