الطب > مقالات طبية

الأوعية الدمويّة ضحيّة مشروب طاقة واحد

منذ دخولها السوق عام 1987م؛ تحوّلت هذه الصناعة سريعًا إلى صناعةٍ تُقدَّر ببلايين الدولارات تحت مسمّيات رنّانة؛ إنَّها مشروبات الطاقة التي يُسوَّق لها للرياضيّين، واليافعين، والذين يسعون لزيادة قدراتهم الجسديّة والذهنية، ولكن دون الالتفات إلى أخطارها!

يختلف مشروبُ الطاقة عن المشروبات العاديّة باحتوائه على كميات كبيرة من الكافئين تتراوح بين (30-134 ملغ) لكلِّ (100 مل)، وهي تراكيز تفوق الحدَّ الذي تسمح به الـ FDAـ [(20 ملغ) لكلّ (100 مل) من الصودا العاديّة كالبيبسي]. ومن المعروف أنّ الكافئين يحسّن الأداء الجسدي والذهني  لكن لا علاقة لذلك بزيادة تركيزه، ثمَّ إنّ مشروبات الطاقة تحوي تراكيزَ عالية من فيتامينات وحموض أمينيّة كالتورين وممزوجات عشبيّة. ويبدو أنَّ أثر هذه المكونات مجتمعة إضافةً إلى الاستهلاك الشديد له أثر أخطر من الكافئين أو القهوة وحدَهما.

تؤدّي البطانة الوعائية دورًا مهمًّا في تنظيم عمل العضلات الملساء في الشرايين وتسهم في نفوذيّتها؛ وبهذا تصل التروية الكافية إلى أعضاء الجسم. وقد تبيَّن في دراسة أجراها John Higgins على مجموعة مكوّنة من 44 طالبًا غير مدخّن متوسّط أعمارهم 24.7 ومتوسّط مؤشّر كتلة الجسم لديهم BMI= 23.4؛ أنّه بعد استهلاك المشاركين مشروبَ طاقة واحد انخفضت لديهم وظيفة البطانة في إحداث التوسع الشرياني بمعدَّل النصف.

وأُكِّدت هذه التأثيرات بواسطة معيار دقيق جدّاً لعمل البطانة الوعائيّة يُدعى بالتوسيع المتواسط بالتدفّق Flow- mediated dilatation أو (FMD)؛ والذي يقيس قدرة البطانة الوعائيّة على إحداث التوسّع الوعائي بمساعدة الأمواج فوق الصوتيّة العالية الدقّة.

قام Higgins  بتقييم عمل البطانة الوعائيّة لكلّ المشاركين باستخدام التقنيّة السابقة، ثمّ شرب كلٌّ منهم مشروب طاقة واحد، ومن ثمّ أُعيدَ تقييمهم بعد 90 دقيقة، فأبدت النتائج تدنّيًّا بقدرة استجابة البطانة الوعائيّة للتوسّع؛ إذ انخفضت قيمة FMD لديهم من 5.1% إلى 2.8%  بعد 90 دقيقة. ويمكن أن يكون للكافئين الموجود في هذه المشروبات دورٌ في ذلك فهو يثبّط تأثير الـ NO الموسع للشرايين.

تأتي أهمية الموجودات السابقة من حقيقةِ أنَّ سوءَ عمل البطانة الوعائية هو الخطوة الأولى لتطوّر اضطرابات لاحقة متضمّنةً ارتفاع الضغط الشرياني والأمراض القلبيّة الوعائيّة كالتصلب العصيديّ. ثمَّ إنَّ اختيار الجمهرة في هذه الدراسة من فئة الشباب الأصحاء ضروريّ لتوضيح تأثير مشروب واحد فقط في عمل البطانة. وفي تقارير أُخرى؛ تبيّنَ أنّ استهلاك عدّة مشروبات طاقة في خلال فترة قصيرة أدّى إلى حصول لانظميّات قلبيّة والموت المفاجئ وغيرها كالاختلاجات والنزوف الدماغية، عدا عن زيادة الأهبة للبدانة لما تحويه هذه المشروبات من سعرات حراريّة عالية.

وللأسف؛ يُسوَّق لهذه المشروبات لزيادة الكفاءة الجسديّة، وتبرز خطورتها خاصّةً عند الذين يستهلكونها قبل التمارين الرياضية أو في أثنائها، إذ إنّه من المهم أن تتوسع الأوعية في أثناء التمارين توسُّعا مناسبًا من أجل إيصال متطلبات الأنسجة من الدم والمغذيات إلى الأعضاء كالعضلات والدماغ والقلب. ثم إنَّ بيعها للأطفال ضمن المدارس يجب أن يوضع له حدّ لعدم تحمّلهم للكميات الكبيرة من الكافئين وبسبب تراكيزه العالية التي تدخل أجسادهم الصغيرة مقارنة بالبالغين.

يجب تعميم المعلومات عن مخاطر هذه المشروبات، وهناك حاجة ماسّة إلى دراسات أُخرى توضّح الآثار البعيدة لها في صحّة الإنسان، لكنَّ تجنّبها أجدى من انتظار هذه الآثار.

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا