منوعات علمية > ألعاب رياضية

تاريخُ تطوُّر رياضةِ الكيك بوكسينغ ”Kickboxing”

مَنْ مِنَّا لم يُشاهد أفلام البطل بروس لي“Bruce Lee” واستمتعَ بمشاهدةِ قتالاته البطولية مع خصومه مُستعيناً بالفنون القتالية، فما هي تلك الفنون القتالية وما علاقتها بالكيك بوكسينغ، وهل الكيك بوكسنغ إحدى تِلك الفنون القتالية أم هي مُجرَّد نمط مِن أنماطِ الرياضاتِ الحَديثةِ؟

تابعوا معنا مقالنا هذا؛ لِنعرف أين ومتى ظهرت الرياضات القتالية، وكيف تطوَّرت إلى أن وصلنا اليوم للنموذجِ النهائي للكيك بوكسينغ؛ ليُصبح مِن أكثر الرياضاتِ العالمية إثارةً.

نشأة رياضة الكيك بوكسينغ:

لِنَعُد بالزمن إلى أوائل القرن الأول، إذ استُخدِمت المُلاكَمة التايلندية “Muay Thai” في أقصى شرق آسيا، وتحديدًا في "تايلاند" كوسيلةٍ قتاليةٍ فقط للدفاعِ عن النفسِ، ولكن تدريجيًا ومع مرور الزمن غدت أكثرَ من ذلك.

بعد تاريخٍ طويلٍ أُعلِنت المُلاكَمة التايلندية رسميًا واحدةً من أكثر الرياضات القتالية شيوعًا في آسيا، وخُضِعت المبارزات لقوانينِ الحكومةِ التايلنديةِ باسم: “WMTC” (World Muay Thai Council)

وأثناءَ خمسينات القرن العشرين وليس بزمنٍ بعيدٍ، وضع الياباني تاتسو يامادا “Tatsuo Yamada” شكلاً جديدًا وعصريًا لرياضةٍ تجمعُ ما بين الكاراتيه والملاكمة التايلندية، وبدأت أولى المبارزات في عام1960م، وأُجريَت العديد من التعديلات أثناءَ هذه المنافسات على قواعد اللعبة القتالية وشروطها.

أمّا في مُنتصفِ الستيناتِ فقد ظهرت أولى الفعاليات للكيك بوكسينغ في مدينة أوساكا في اليابان، وحَظيتْ بشعبيةٍ واسعةٍ في المنطقة؛ إذ أُقِيمت المباريات بنظام ووِفقَ قوانين محددة، لكن في الثمانينيات فقدت شهرتها ولم تعُدْ مرغوبة في اليابان بسببِ سوءِ التقييماتِ. 

وصول الكيك بوكسينغ للعالمية

لم نذكر "بروس لي" عبثاً وإنَّما لأهميةِ دورهِ في تطويرِ هذه الرياضة، فهو أول مَن أفسح المجال لصعودِ الملاكمة التايلنديةِ دولياً، وساهم في وصول الرياضة إلى أمريكا فكان حلقة وصلٍ بين آسيا والولايات الأمريكية المتحدة (إضافةً إلى شهرته العالمية وأفلامه التي شارك فيها)؛ لتُصبحَ فيما بعد من الرياضات القتالية العالمية.

كان جوي لويس “Joe Lewis” بطلُ الكاراتيه الأمريكي، هو الرائدُ الأولُ في رياضةِ الكيك بوكسينغ والتي أُطلق عليها بادئ الأمر اسم الكاراتيه ذات الاحتكاك الكامل “Full Contact Karate”، ولويس هو من لعبَ في المباراة الأمريكية الأولى للكيك بوكسينغ المقامة في كاليفورنيا عام 1970م.

تحدث لويس- بعد المباراة- إلى محترف الكاراتيه الأمريكي مايك أندرسون “Mike Anderson” بشأن اللعبة الجديدة، وأشار إلى ضرورة تنظيمها ووضع قوانين أكثر حِدّةٍ لها، فشكل أندرسون مباشرةً أول هيئة عالمية مسؤولة عن الرياضة الجديدة وأُطلِقَ عليها “PKA” وذلك بمساعدة كل من دون كين "Don Quine" وجودي كين "Judy Quin" في مدينة لوس أنجلوس عام 1974م. 

وبذلك رُوجِتْ بطولاتُ "فول كونتكت كاراتيه" للمحترفين في أمريكا، وكانت هذه هي بداية الكيك بوكسينغ الحديثة في الولايات المتحدة الأمريكية. 

كان أندرسون مُولَعاً بالرياضات القتالية ولم يكتفِ بشهرة رياضات الاتصال الجسدي دولياً فقط، وإنَّما أراد لتلك الرياضة أن تصل إلى مختلف أنحاء العالم، فشكَّل هو وصديقه المقرّب الألماني جورج بروكنر “George Bruckner” مع محترفين آخرين أولَ بطولة أوروبية للكيك بوكسينغ وذلك عام 1976م في ألمانيا. 

لم تحظَ الرياضة الجديدة في أوروبا بشعبية كبيرة فكانت هناك رياضة أُخرى تُدعى “K-1” هي المسيطرة من قبل بعض الهيئات، ولكن بحلول تسعينات القرن العشرين ازدهرت وانتشرت سريعًا، وبذلك وصلت رياضة الكيك بوكسينغ للعالمية. تطورُ الكيك بوكسينغ:

ذكرنا سابقًا بأنَّ أول ظهور لرياضة الكيك بوكسينغ الحديثة كان عام 1970م، إذ كانت قواعد هذه الرياضة غير واضحة لذا عُدَّت رياضةُ كاراتيه الاتصال الكامل والكيك بوكسينغ الرياضةَ نفسَها. [1]

وحينذاك بدت الرياضة جديدة على اللاعبين إذ جاء مُعظَمُهم من صفوف الكاراتيه التقليدية والرياضات الدفاعية الأخرى الكونفو وغيرها. [2]

وظهرت أثناء مبارزات الكيك بوكسينغ الأولى الأخطاءُ والعيوبُ بوضوح على اللاعبين، فلم يمتلِكوا اللياقةَ البدنيةَ الكافيةَ ليكونوا مُهيئينَ للاتصال الجسدي الكامل، فبدت اللكماتُ على الحلبةِ أقلَّ تأثيراً ممَّا اعتقدوا، ويعودُ سببُ ذلكَ إلى أساليب القتالِ المُستخدمة في مدارس الرياضات التقليدية التي قَدِموا منها  إذ كان من النادر جدًا ارتِداء القفازات أثناء القتال، ودُرِّب اللاعبون على سحب اللكمات والركلات التي يقومون بها ضد المُبارز. [2]

وفي سبيلِ تطوير اللاعبين وتجهيزهم للمباريات القتالية أُجريت العديد من الجولات التدريبية، وأُعتمِدت الملاكمةُ الغربية التقليدية كطريقة للتدريب، فتلقَّى اللاعبون مئات اللكمات والضربات المُوَجَّهة إلى أجسادِهم ورؤوسِهم التي زادت من تعزيزِ إرادتهم وعقولِهم، وطوروا أساليبَ اللَكم وذلك بركل الحقائب الثقيلة وضربها يومياً.

قصدَ لاعبو الكيك بوكسينغ صالات الملاكمة، وأُخضِعُوا للتمرينات القتالية كافة من قبل مُدرِبينَ مُختصين، وجرت منافسات مع المُدربين وتحسَّنَ اللاعبون بصفةٍ هائلة إذ أصبحوا مستعدون جسديًا وذهنيًا للقتال في الحلبة، وبدت ضرباتُهم أكثرَ قوةً وتركيزاً من أي وقت مضى.

سَنذكرُ أهم الهيئات الدولية والعالمية التي تدخلت لفرض العقوبات الجسدية لرياضة الكيك بوكسينغ:

WKA World Karate Association (رابطة الكاراتيه العالمية).

ISKA: International Sport Karate Association  (رابطة الكاراتيه الرياضية الدولية).

KICK: Karate International Council of Kickboxing (مجلس الكاراتيه الدولي للكيك بوكسينغ).

PKC: Professional Karate Commission (لجنة الكاراتيه الاحترافية).

أُسِسَت هيئةٌ خاصة بالكيك بوكسينغ في أمريكا، رابطة منظمات الكيك بوكسينغ العالمية

"WAKO-Pro" World Association of Kickboxing Organizations

وبحلول عام 1987م أُسّسَ الاتحاد العالمي للكيك بوكسينغ في لندن.

"WKF" World Kickboxing Federation

ومع تشكيل هذه الهيئات بدأ الترويج في الولايات المتحدة وأماكن أخرى لمنافسات اللقب العالمي إضافةً إلى المباريات الدولية، واكتسبت لعبةُ الكيك بوكسينغ القتالية شعبيةً كبيرةً في جميع أنحاء العالم، وأصبح الانضباط والالتزام بشروط اللعبة مُعترف بِها دُوليًا وعالميًا.

هكذا أخذت رياضة الكيك بوكسينغ شكلها النهائي الديناميكي على حلبات القتال الدولية والعالمية.

رأينا من المقال السابق أنَّ رياضة الكيك بوكسينغ نشأت فنَّاً قتاليًا، ورُوِجَت على هذا الأساس، وذكرنا  الجانب القتالي منها لِما يحتويه من أحداث زمنية لتاريخ نشوئه، لكن هذا لا يعني الاقتصار على ممارستها كوسيلة للقتال والدفاع عن النفس فقط، فَكثيرٌ منا يمارسونها كأيِّ تمرين رياضي لِفوائدِهِ العديدة الجسدية والذهنية والنفسية.

إن أعجبكم المقال سنتحدث لاحقًا عن تمارين الكيك بوكسينغ وفوائدها الكثيرة، شارِكونا آراءكم.

المصدر:

هنا

هنا