الطب > ‏معلومة سريعة‬

هل تؤثر القراءة الإلكترونيّة في ساعاتنا البيولوجية؟

إنّ المايسترو الرئيس لتناغم صحّة أجسامنا مع البيئة المحيطة هو الضوء، فمع ارتفاع الشمس ترتفعُ فعاليّاتنا الحيويّة فينتقل معدّل ضربات القلب وضغط الدم ودرجة حرارة الجسم والكبد والكليتين وكثيرٌ من العمليّات الطبيعيّة من وضعيّة الخمول إلى الوضعيّة النشطة، ومع حلول الظلام تتراجع هذه العمليّات بتكاتٍ دقيقةٍ تشبهُ الساعة؛ تلك هي ساعتنا الداخلية! هذه الدورة البيولوجيّة الدقيقة تحكم كلّ خلايا جسمنا بفعل محفزٍّ هو الضوء، ومستقبلٍ هو العين، ومنسّقٍ هو الدماغ، ومنفّذٍ هو الميلاتونين أو هرمون الظلام، فتستقبل العين الضوء بواسطة مادة مستقبلة تدعى melanopsin وترسل إشاراتٍ إلى منطقة ما تحت المهاد في الدماغ، التي بتفعيلها تثبّط إفراز الميلاتونين من الغدّة الصنَوبريَّة، وهو المسؤول الرئيس عن شعورنا بالنعاس، وبذلك تستجيب ساعتنا الداخليّة للضوء بأن تجعلنا مُتيقّظين، وخلافًا لذلك؛ ففي الليل ترتفعُ مستويات الميلاتونين ممّا يعزّز النوم، لكن في الآونةِ الأخيرةِ؛ وبازدياد التعرّض المسائيّ للضوء الناجم عن الأجهزة الالكترونيّة المختلفة كأجهزة الكومبيوتر والهواتف المحمولة وأجهزة الآيباد التي أصبحت بديلًا من القراءة يُغني عن الكتب المطبوعة لدى كثيرين؛ لُوحظ انزياحٌ في الساعة البيولوجيّة، وذلك عن طريق قمع إفراز الميلاتونين المسبّب للنعاس عند التعرّض للضوء المنبعث من هذه الأجهزة مساءً، ممَّا يؤدي إلى عدم تزامن نظام الجسم الداخلي مع الإيقاع المتسلسل للنهار والليل، فينتج منه خللٌ في مكونات الأداء اليوميّ، والشعور باليقظة ليلًا، والخمول، وبطء ردّات الفعل،  وانخفاض الذاكرة في النهار التالي. وعلى المدى الطويل؛ فإن عدم التزامن هذا يضر بالصحة؛ إذ يؤكد عدد كبير من الدراسات الوبائية ارتفاعَ معدلات الإصابة بأمراض عديدة، متضمّنةً السرطان والسكري والمخاطر القلبيّة الوعائيّة والسُّمنة واضطرابات المزاج، بوصفها عاقبةً لتجاهلِ الساعةِ البيولوجيّة التي تحكم صحّة أجسامنا.

وبعد هذا المقال؛ هل ما زلت مُصرًّا -عزيزي القارئ- على تصفح جهازك الإلكتروني قبل النوم؟ فكر مرّةً ثانية..

المصادر:

هنا;
هنا;
هنا;
هنا;
هنا;