المعلوماتية > الذكاء الصنعي

نمط مِشيتك.. بصمتك المستقبلية

قد تظن أنَّ تعرُّفَ الأشخاص عن طريق تحليل طريقة مِشيتهم بواسطةِ نظام حاسوبيٍ ذكي ما هو إلّا مجرد واحدٍ من العديد من الخيالات العلمية التي تُستخدَم في أفلام هوليوود فحسب.

ولكن في الحقيقة؛ أصبحَ الخيال واقعًا بعد أن حصلت شركة صينية تدعى ويتريكس Watrix مؤخّرًا على تمويل بقيمة 14.5 مليون دولار لتسريع نمو تقنية التعرف إلى الأشخاص بتحليلِ طريقة مِشيتهم، التي تُطوّرت لتستخدَمها الحكومة الصينية.

أنشأت شركة Watrix برنامجًا يعتمد الذكاء الصنعي؛ قادرًا على تحديد الأشخاص فقط عن طريق تحليل طريقة مشيهم.

وردًّا على تساؤلاتك الآن: لا، لا يمكنك خداع هذا البرنامج بتقليد مِشيةِ شخص ما.

يقول هوانغ يونغ تشن Haung Yongzhen؛ رئيس شركة Watrix التنفيذي:

"لا نحتاج إلى تعاون الناس معنا من أجل أن نكون قادرين على تحديد هويتهم؛ فلا يمكن خداع نظامنا ببساطة عن طريق العرج أو المشي مع تباعد الأقدام أو حتى الانحناء؛ لأنَّنا نحلل جميع مميزات الجسم، ويصل معدل دقة التقنية حسب هوانغ Haung إلى 94%.

يوضح لنا هذا الفيديو بالتفصيل ما هي الميزات التي يأخذها النظام بعين النظر.

كيف تعمل هذه التقنية بالتفصيل؟

طوّر مختبر الفيزياء الوطني في بريطانيا (National Physical Laboratory (NLP التقنية نفسها، واستخدموا مفهوم التصميم بمساعدة الحاسب (Computer Aided Design (CAD لإنشاء أنموذج افتراضي للمنطقة المُراقَبة، والتي تتضمن نقاطًا معينة لتعرُّف طريقة المشي، وتكون هذه النقاط مرتبطة بالفيديو المُصوَّر بواسطة كاميرات المراقبة.

تسجِّل نقاط التعرف هذه نمطَ المِشية عندما يمرُّ شخص ما، وتُفصَل خلفية الصورة الثابتة عن الشخص المتحرك بالدورة الطبيعية لمشيته؛ ذلك كي نُنتج ما يُعرَف بالصور الظليلة silhouette أو رسمة مشيته البيانية.

وأخيراً؛ تُؤخذ هذه القياسات من ارتفاع الرأس وانخفاضه بين كل صورة ظليلة -وهو نمط يمكن تمثيله بمجموعة من الأرقام. وبتفصيلٍ أكبر؛ من مقطع فيديو يميز النظام الصورةَ الظليلة، ومن ثم يكوُّن سلسلة من الصور الظليلة، واحدة تلو الأخرى؛ مما يؤدي إلى تكون صورة ملخصة.

ويُخزِّن هذا التمثيل النهائي كلًّا من المظهر والحركة الجسدية للشخص الذي يمشي، وبذلك نحصل على علامة فريدة لكل منهما.

توضح الصورة الآتية سلسلة الصور الظليلة:

تولّد هذه الصورة نمط المشي، ولمّا كان الحصول على العلاقة الرياضية بين النقطة في الصورة وموقعها في العالم الحقيقي ممكنًا؛ فإنَّ النظام يستطيع عندها قياس طول الشخص.

يُنشأ نمط  المشي من الصور الظليلة هذه لدورة المشي الواحدة، ويُمثّل نمط المشي بواسطة مجموعة من الأرقام، إذ سيولَّد لكل شخص مجموعة أرقام معينة أو شبيهة لها؛ ممّا يمكّن النظام من تحديد كل شخص على حدة، وبدقة عالية جدًّا.

تحاول شركة Watrix أن تكون الرائدة في إدخال تقنية تعرُّف الأشخاص عن طريق تحليل مِشيتهم إلى السوق، وتركز حاليًّا على أساليب الأمان التي تعتمد البصمات الحيوية؛ مثل مسح الأوجه.

لكن أحد الجوانب السلبية في تعرُّفِ الأشخاص من طريق الوجه هي أنَّها تتطلب صورًا عالية الدقة؛ في حين يمكن استخدام تقنية تعرُّف المِشية مع لقطات كاميرات المراقبة الاعتيادية.

وتعدُّ تقنيات تعرُّف الأشخاص هذه جزءًا من مجموعة أدوات القياس الحيوية التي تزداد في النمو، والتي يمكن أن تستخدمها الحكومات لتعرُّفِ الأشخاص بطرائق أكثر تعقيدًا حتى.

فعلى سبيل المثال؛ أعلن فريق DeepMind من Google مؤخرًا قدرتَه على تعرُّف الأشخاص استنادًا إلى طولهم وجنسهم ولون قميصهم.

وبالطبع؛ تتلاءم جميع تقنيات تحديد الهوية التي تعتمد قياس البصمات الحيوية على نحوٍ جيّد مع اهتمام الصين المتزايد بالرقابة الاجتماعية المشددة، التي ستضم قريبًا نظام "الائتمان الاجتماعي" الواسع الانتشار.

ووفقاً لمارك نيكسون Mark Nixon -الخبيرِ في تقنية تعرُّف الأشخاص بتحليل مشيتهم في جامعة ساوثهامبتون Southampton- فإنَّ معظم الناس غير مدركين تمامًا مدى فعالية هذه التقنية الجديدة؛ إذ يقول: "لا يزال الناس غير مدركين إمكانية التعرف إليهم عن طريق مشيتهم فقط، ولكن الجميعَ يعرف أنه يمكن التعرف إليك عبر وجهك، ونحن نعتقد بأنك فريد تمامًا في الطريقة التي تمشي بها".

من الممكن أن شرطة الصين قد اعتمدت هذا القياس للبحث عن المشتبه بهم في الحشود؛ وذلك بسبب وصول جهود المراقبة هذه إلى مستوى جديد مع التقنية التي نتحدث عنها؛ فيمكن -على ما يبدو- تحديد الأفراد على أساس شكل أجسادهم فق

وبالفعل؛ تُستخدَم تكنولوجيا "تعرُّف المِشية" من قبل الشرطة في بكين وشانغهاي؛ إذ يمكنها تعرُّفُ الأفراد حتى عندما يكون وجههم محجوبًا أو يكونون ملتفين للخلف، وهذا وفقًا لتقرير من صحافة AP New.

توفر هذه التقنية مزايا كبيرة مقارنة بتقنيات أخرى كتعرُّفِ الوجه؛ إذ يمكن تعرُّف الأشخاص عن بعد، ولا تتطلب التعاون منهم، خلافًا لتقنية تعرُّف الوجه التي تتطلب أحيانًا أن يقف الشخص أمام الكاميرا لنحصل على صورة عالية الدقة.

وفي النهاية؛ نستطيع أن نقول أنه يمكن لها أن تعمل إلى جانب تقنية تعرُّف الوجه الموجودة حاليًّا؛  للحصول على دقة أعلى من أجل تعاون الشرطة وأنظمة المراقبة على العمل بكفاءة أكبر حتى في المناطق المزدحمة جدًّا.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا