علم النفس > الصحة النفسية

الحالة النفسية وتاثيرها في الأم اللاحق للعمل الجراحي.

تختلف نتائجُ العمليات الجراحية، والتي تتراوح بين التعافي السريع والمريح حتى الآلام المبرحة والمزمنة التي قد يعاني منها المريض.

ومن المؤكد أن للتطور السريع في مجالات الجراحة دوراً مهمّاً في تحسين حياة المريض بعد العمل الجراحي، والذي يحاول ضمانه العملُ المستمر  أيضاً لإحداث أقلّ قدرٍ ممكنٍ من الأذيات النسيجية. ولكن نادراً ما يعير الجراحون اهتماماً بالجانب النفسي للمريض قبل دخوله غرفة العمليات.

بيّنت العديدُ من الأبحاث والتجارب السريرية أن الألم عامّةً تجربةٌ شخصيةٌ بحتة لا يمكن تعميمها، فلا يستطيع أيُّ شخصٍ آخر أن يشعر بالألم نفسه الذي يعاني منه شخصٌ ما مهما كان مقرّباً منه، ولهذا السبب لا يمكننا التقليل من أهمية الألم الذي يعاني منه المريضوشدته مهما طالت مدته؛ لأن ”الألم هو تماماً ما يعبّر عنه المريض“ كما يقول المتخصصون في مجال الألم.

وفي حين أن العملَ الجراحي بحدِّ ذاته موضعُ قلقٍ للمرضى لأسباب كثيرة؛ يبقى الخوفُ من الألمِ الناتجِ عن العمل الجراحيّ أكبر العوامل التي يفكر بها المرضى.

أظهرت دراسةٌ استطلاعيةٌ أُجريت على عددٍ من المرضى الراشدين الذين يخضعون إلىى عمليةٍ جراحيةٍ اختياريةٍ أن وجود بعض الاضطرابات النفسية كالقلق والاكتئاب لدى المرضى قبل الخضوعِ لعملٍ جراحي يؤثّرُ في شدّةِ الألمِ الذي يعاني منه المريض لاحقاً، ويؤثر سلباً في سرعةِ تعافي المريض ودرجة استجابته لمسكنات الألم؛ وصولاً إلى تأثيره في تأخّرِ تعافي الجرح.

وبالطبع؛ لا يمكن إنكار دور بعض المتغيرات الأخرى كالجنس والعمر ودرجة التعليم وطول مدة الجراحة والآلام المُختَبرة قبل العملية على استجابة المريض للألم، لكن يمكن التحكم بالكثير من هذه العوامل إذا ما عولجت قبل الجراحة.

يُعدُّ التحضيرُ النفسي أحدَ الوسائل التي قد يكون لها أثر حقيقيٌّ في تخفيضِ حدّة الألم اللاحق للعمل الجراحي؛ إذ دُرسَ هذا النوعُ من التحضيرات عبر مراجعةٍ منهجيةٍ شملت ما يقاربُ ١١٥ ورقةً بحثية، وأبدت النتيجةُ أن التحضيرَ النفسيَّ الجيّدَ للمريض قبل دخوله غرفةَ العمليات ساهم في تخفيف الألم والمشاعر السيئة، علاوةً على تخفيض المدّة اللازمة للبقاء في المشفى، مع الأخذ في عين النظر أن الدراسات التي حُلّلتْ استخدمت طرائق مختلفةً لقياسِ مدى سرعةِ عودةِ الناسِ إلى الأنشطة المعتادة، وأن العديد من أساليب الإعداد النفسي المختلفة قد استُخدمتْ، وجُمعَ في كثيرٍ من الأحيان بين أكثر من واحدةٍ منها، وهو الذي سبّب تحدّداً كبيراً في القدرةِ على اكتشافِ التقنياتِ والطرائقِ الأكثر فعالية.

مع أن التقدم في مجال التخدير وتدبير الألم يُعَدُّ كبيراً، لكن مشكلةَ الألم المزمن اللاحق للجراحة ما زالت ملاحظَةً لدى العديد من المرضى. وعلى هذا الأساس؛ نظرت دراسةٌ في نتائج تخفيف الألم لدى المرضى عن طريق تعليمِهم أساليبَ إدراكيّةً فعّالةً للتعامل مع الآلام المزمنة والضيق، لتجنب التعاطي المتزايد للأفيون، والذي يمكن أن يحدَّ من الأداءِ الوظيفي ونوعيةِ الحياة، وكشفت الدراسةُ أن المرضى الذين خضعوا للتجربة أظهروا انخفاضاً أكبر في جرعة الأفيون اليومية، مع الإبلاغ عن تداخل أقلّ للألم، وانخفاض معدلات الاكتئاب مقارنةً مع بقيةِ المرضى في الدراسة.

وعلى الرغم من أن نتائج الدراسات المجراة على هذا الجزءِ المهمِّ من الصحة النفسية تعطي أهميةً كبيرةً للحالة النفسية للمريض قبل العمليات الجراحي؛ فإن الدراساتِ المتعلقة بذلك  قليلةً وبحاجةٍ لتعمّقٍ أكبر للوصول إلى معايير موحّدة تساهم في تحسين نمط حياة المريض وسرعة تعافيه بعد الجراحة عن طريق التداخل النفسيّ الإيجابيّ قبل الجراحة، وتحديد عوامل الخطورة الممكنة.

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا

4- هنا

5- هنا