الفلسفة وعلم الاجتماع > علم الاجتماع

العبوديَّة

ماهي العبوديَّة؟

العبوديَّة عبارة عن حالة كان فيها الإنسان ملكا لشخص آخر؛ إذ يعملُ بالسخرة في الأعمال الشاقة والحروب وتعود ملكيته للشخص الذي استعبده، والعبوديَّة (Esclavage) صفة العبد، وهي ضدُّ الحرية.

وليس هناك إجماع عمّا كان عليه العبد أو عن كيفية تعريف نظام العبوديَّة.

مع ذلك؛ هناك اتفاقٌ عامٌّ بين المؤرخين وعلماء الأنثروبولوجيا والاقتصاديين وعلماء الاجتماع  وغيرهم ممن يدرسون العبوديَّة أن معظم الخصائص الآتية ينبغي أن تتوفر في شخصٍ ما حتى يُسمَّى عبداً:

كان العبد نوعاً من الممتلكات؛ أي إنَّه ينتمي لشخص آخر،‏ وكانوا يعدون العبيد -في بعض المجتمعات- ممتلكاتٍ منقولة، وفي مجتمعات أخرى ممتلكات غير منقولة، مثل العقارات. فقد كانوا كائنات للقانون، وليسوا رعاياه.

العبد! مثله مثل الثور أو الفأس، وهو عادةً غير مسؤول عمّا فعله.

فلم يكن مسؤولاً شخصيّاً عن الأضرار أو العقود وغالباً ما يكون ذا حقوقٍ قليلةٍ أقلّ من تلك التي يتمتع بها مالكه.

وبما أنّ هناك حدوداً في معظم المجتمعات عن مدى إساءة استغلال الحيوانات، فقد كانت هناك حدود في معظم المجتمعات عن مدى إساءة استغلال العبد.

و‏من الناحية القانونية -وأحيانا من الناحية الاجتماعية- لم يكن لديه أقارب، ولن يستطيع قريبه الدفاعَ عن حقوقه أو الانتقام له إذا ماكان موجوداً أصلاً.

وحقوق المشاركة في صنع القرار السياسي والأنشطة الاجتماعية الأخرى لديه كانت أقلَّ من تلك التي يتمتع بها مالكه ‏لكونه شخصاً "غريباً" أو "فرداً هامشيّاً" أو "شخصاً ميّتاً اجتماعيًا" في المجتمع الذي كان يستعبده، ‏ويمكن أن يستولي شخص آخر على نتاج عمل العبيد، وله الحق في التحكم في تكاثره أيضاً!

تاريخ العبوديَّة:

يمتدُّ تاريخ العبوديَّة عبر العديد من الثقافات من العصور القديمة ما قبل التاريخ حتى عصرنا الحاليِّ.

ويمكننا القول إنَّ العبوديَّة كانت نادرةً بين الشعوب البدائيَّة، مثل مجتمعات الصيد؛ إذ كانوا يصيدون مايكفيهم من الغذاء لأنفسهم.

ولكي تزدهر العبوديَّة، يجبُ أن يكون هناك انقسامٌ اجتماعيٌّ أو تمييز طبقيٌّ، وقد ساهمت الحروب في ازدهار العبوديَّة على نحوٍ مباشرٍ؛‏ فالعبوديَّة متفشيَّةٌ في الحضارات القديمة لدواعٍ اقتصاديَّة واجتماعيَّة.

و‏يعود تاريخ العبوديَّة في بلاد مابين النهرين(بلاد الرافدين) إلى قرابة 10 آلاف سنة؛ إذ كانت قيمة العبد الذكر بستان نخيل التمر.

‏وكان يُستَعْمَلُ العبيد في الخدمة المنزلية أو العسكرية والإنشائية والبنائية الشاقة.

ومن المعروف أن العبوديَّة كانت موجودة في الصين في القرنين الثاني عشر والثامن عشر في عهد سلالة شانغ، واستعبد 5 %  من السكان.

كان الفقراء من الصينيين القدماء يبيعون أبناءهم وبناتهم لشدة فقرهم وحاجتهم.

‏‏وكان للسيد الحقُّ في بيع من لديه من الأرقاء وأولادهم.

وجدت العبوديَّة في الهند القديمة في القرن الأول الميلادي، ‏وفي عام 1841 كان هناك ما يقدر بنحو ثمانية ملايين أو تسعة ملايين من العبيد في الهند(15% من إجمالي السكان).

‏وكانت العبوديَّة حاضرة عند الفراعنة، إذ كانوا يستعملون العبيد في تشييد القصور والصروح الكبرى، وكان اعتُقِدَ ذات مرة أن العبيد هم بُناة الأهرامات العظيمة.

‏واستخدمت حضارات المايا والإنكا العبيد على نطاقٍ واسعٍ في الأعمال الشّاقة والحروب.

وعند اليونانيين كانت العبوديَّة تمارس على نحوٍ أوسع لدرجة أن معظم سكان مدينة أثينا من العبيد وهذا يتضح من كتابات هوميروس للإلياذة والأوديسة.

بالنسبة لآراء الفلاسفة اليونان في مسألة العبوديَّة، يرى أفلاطون أن العبيد لايصلحون لأن يكونوا مواطنين، وعليهم فقط لزوم الطاعة العمياء لسادتهم أحرار أثينا.

أما تلميذه أرسطو فهو يرى أن بعض الناس خُلقوا فقط ليكونوا عبيدًا للآخرين ليوجهوهم كما يريدون، وبعضهم خُلقووا ليكونوا سادة.

فالعبيد خلقوا ليعملوا كأنهم آلات، والأحرار خُلِقُوا ليفكروا ويلقوا الأوامر ليؤديها العبيد.

ويجبُ في رأي أرسطو أن يستمرَّ هذا الاستعباد حتى يصل الإنسان إلى صنع آلاتٍ معدنيَّةٍ تحل محل الرقيق.

‏وفي القرن السابع اهتمّ الإسلام بمسألة العبوديَّة؛ إذ دعا إلى حسن معاملة الأسرى والعبيد والرفق بهم.

‏وفي القرن 15 بدأت تجارة العبيد الأفارقة عند الأوربيين وكانوا يرسلونهم قسراً للعالم الجديد(أمريكا اللاتينية).

ومارست أسبانيا تجارة العبيد التي كانت تدفع بهم قسراً من أفريقيا لمستعمراتها في المناطق الاستوائية بأمريكا اللاتينية ليعملوا في الزراعة بالسخرة.

وكذلك إنكلترا دخلت المنافسة في تجارة العبيد ولحقتها البرتغال وفرنسا والدنمارك.

‏نتيجةً لذلك أصبح معظم العبيد في مطلع القرن 19 يتمركز بالولايات المتحدة الأمريكية وخاصة بالجنوب، ولكن؛ بعد إعلان 95 في يناير 1863 انتشرت الفرحة لدى العبيد، عندما أصدر رئيس الولايات المتحدة إبراهام لنكولن قرار إعلان تحرير العبيد، معلنا "إن جميع الأشخاص المحتجزين كونهم عبيداً في المناطق المتمردة؛ هم -من الآن فصاعداً أحرارٌ".

وعلى الرغم من أن إعلان تحرير العبيد كان محدوداً من عدة نواحي، إلا أنه يعدُّ من بين أهم تلك التدابير في التاريخ الأمريكي.

- ‏ونص الدستور الأمريكي على إلغاء العبوديَّة عام 1865م.

- كذلك عقدت جميع الدول الأوروبية معاهدة لمنع تجارة العبيد في عام 1814.

- وفي عام 1906م عقدت عصبة الأمم League of Nations ‏مؤتمر العبوديَّة الدولي؛ إذ قُرِّرَ منعُ تجارة العبيد وإلغاء العبوديَّة.

- ‏وتأكدت هذه القرارات بالإعلان العالميّ لحقوق الإنسان Universal Declaration of Human Rights الذي أصدرته الأمم المتحدة عام 1948م.

إعداد: ياسين ادحموش

المصادر:

1. هنا

2. هنا

3. هنا

4. صليبا، جميل، المعجم الفلسفي، الشركة العالمية للكتاب ش م ل، بيروت، لبنان، 1994