العمارة والتشييد > التشييد

أبنيةٌ صديقة للبيئة

تُعَدُّ قضية الطاقة والتلوث من أبرز التحديات في القرن الواحد والعشرين مع النمو السكاني الكبير والزحف العمراني المتزايد، وتُصَنَّفُ عمليات البناء والتوسُّع العمراني  كأكبر العمليات المستهلكة للموارد والمنتجة للغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري والفضلات الصلبة، ومع التغيرات المناخية المتسارعة وجب علينا تطوير تكنولوجيا البناء والمواد المستخدَمة فيها لتكون صديقةً للبيئة و قادرةً على الحد من هذه التغيرات.

حازت الأبنية المنشأة من  الخشب وتكنولوجيا بنائها في العقود القليلة المنصرمة اهتمامًا كبيرًا بسبب سرعةِ ودقَّةِ وفعاليَّةِ تطبيقها واستخدامها في الأبنية المرتفعة والأبنية قليلة الارتفاع (إذ تنصُّ كودات البناء في الولايات المتحدة الأمريكية على ألَّا يزيد ارتفاع الأبنية السكنية المصنوعة من الخشب عن 5 طوابق، أما الأبنية التجارية فيجب ألَّا تزيد عن 6 طوابق)، وأصبحت شائعة الاستخدام في أمريكا الشمالية أيضًا بسبب الفائدة التي تعود بها تكنولوجيا إنشاء هذا النوع من المباني على البيئة وعلى صحة وتعافي الغابات في تلك المناطق.

ويجري العمل حاليًّا على إيجادِ طرقٍ لاستخدام موارد الغابات في البناء استخدامًا مستدامًا عن طريق حمايتها من الحرائق والحشرات الضارة بالخشب.

وعلى النقيض من عملية إماهة البيتون (الخرسانة) التي ينتج عنها غازات منبعثة تزيد من ظاهرة الاحتباس الحراري؛ فإنّ استخدام الخشب في البناء يخفِّض تركيز غاز ثنائي أوكسيد الكربون في الهواء لاستفادتنا من نمو الأشجار مجددًا.

وقد أنشأ فريقٌ متعدد الاختصاصات من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT وشركة BuroHappold Engineering  وشركة Nova Concepts نموذجًا أوليًّا لبناءٍ مصنوعٍ من الخشب يهدف إلى إظهار الحاجة إلى الأبنية المستدامة.

يُطلق على المشروع اسم “The Longhouse”، ويتألَّف من عوارض خشبية تتكوَّن من القشرة الخشبية التي تُجمع مع بعضها البعض على شكل ألواحٍ بطول 15 م وعرض 3 م وسماكة 15 سم، ثمَّ الحصول على العناصر المطلوبة منها.

الجملة الإنشائية عبارةٌ عن أقواسٍ مثلثية تحمل المنشأة مكوِّنةً فضاءً معماريًّا مغلقًا دون الحاجة لوضع أعمدةٍ إضافيةٍ حاملة، وعند وجود مجازاتٍ كبيرة تُستخدَم الهياكل التي تُبنى في المصنع وتُنقَل وتُرَكَّب في الموقع.

اقتصادية النموذج من أهم ميِّزاته التي تشمل معايير الاستدامة ليصبح منتجًا للطاقة؛ إذ  يمكن ضبط ارتفاع السقف وزاوية ميله ليتعرض للشمس والضوء تعرُّضًا كافيًا، ويمكن تركيب ألواح الطاقة الشمسية على سطحه بسهولةٍ، بالإضافة إلى  أنَّ نسبة ارتفاع النوافذ المنخفضة بالنسبة للجدار مع العزل الحراري للمنشأة تجعل البناء فعّالًا أكثر في استخدام الطاقة والحفاظ عليها.

شاع استخدام هذا النموذج من الأبنية الخشبية في أنحاء العالم منذ وقت طويل، كما في بعض المستوطنات في الأمريكيتين وآسيا وأوروبا، ولكن في وقتنا الحالي صُمِّمَ هذا النموذج ليلائم الاستعمالات المتعددة، كمكانٍ للعمل أو قاعةٍ  للمُحاضرات أو المؤتمرات والمعارض.

سيُطْرح النموذج  هذا الشهر في مؤتمرٍ حول الأبنية الخشبية المستدامة في ولاية مين في الولايات المتحدة الأمريكية Maine Mass Timber Conference، فهل سنشارِكهم التجربة قريبًا في الوطن العربي؟

المصدر: 

هنا

هنا