الطب > مقالات طبية

الإسهال المسبب بالمطثية العسيرة؛ ما الجديد؟

أصدرت جمعية الأمراض الخمجية في أمريكا IDSA وجمعية علم الأوبئة الصحية في أمريكا SHEA مؤخرًا إرشادات جديدةً  للتعامل السريري مع الإسهال المُسبّب بالمطثيات العسيرة Clostridium difficile؛ وهو أحد أهم أسباب الإسهال المرتبط بمراكز الرعاية الصحية؛ إذ لُوحظ ازدياد نسبة العدوى بها على نحو يدعو إلى القلق.  

المطثيات العسيرة هي جراثيم إيجابية تلوين الغرام تستهدف القولون مطلقةً سمومًا (ذيفانات) تُسبِّب التهابًا في غشائه المخاطي، وينتج عن ذلك إسهال مائي وآلام في البطن وفقدان الشهية، ويمكن أن تُسبِّب الحمى في الحالات الشديدة، وقد تؤدي إلى اختلاطات مُهدِّدة للحياة كانخفاض ضغط الدم أو الصدمة أو انسداد الأمعاء أو توسُّع القولون السمي (توسُّع القولون بقطر أكبر من 6 سم مع تطور أعراض جهازية كارتفاع الحرارة وانخفاض الضغط وتغير الحالة الذهنية).

تُنتج هذه الجراثيم أبواغًا يمكنها البقاء على قيد الحياة فترات طويلة على الأسطح المكشوفة، فتنتقل عن طريق أيدي العاملين في الرعاية الصحية أو الأفراد الآخرين الذين لامسوا سطحًا ملوثًا.

تنتج الإصابة بالمطثية العسيرة بسبب اضطراب في بيئة الجراثيم الطبيعية (الفلورا المعوية) في القولون؛ وهي التي تتعايش على نحو مسالم مع الجسم. ويحدث هذا أساسًا عند العلاج فترات طويلة بالمضادات الحيوية التي تقضي على جراثيم القولون الطبيعية سامحةً للمطثية العسيرة بأن تتكاثر. وهنالك عوامل أخرى يمكن أن تُساعد على حدوث المرض؛ أهمها التقدم في السن والبقاء في المستشفى مدة طويلة، ثم إن احتمال إصابة مرضى الإيدز والعلاج الكيماوي بالعدوى هو احتمال عالٍ؛ وذلك بسبب ضعف قدرة جهازهم المناعي على مواجهتها.

يتحقق تشخيص وجود الجرثومة عن طريق عدة اختبارات يجب أن تُجرى على المرضى العرضيين فقط، وهم المرضى الذين يعانون إسهالًا على شكل خروج براز غير مُتجانس ثلاث مرات أو أكثر في أثناء 24 ساعة؛ إذ تُؤخذ منهم عيِّنات برازية لإجراء الاختبارات عليها. ولا حاجة إلى إجرائها على المرضى الذين لا يعانون الإسهال.

ومن تلك الاختبارات استخدام الأضداد للتحري عن مضاد موجود عند جميع أنواع المطثية العسيرة؛ وهو إنزيم نازعة هدروجين الغلوتامات Glutamate dehydrogenaseGDH، وتدعى هذه الطريقة بـ المقايسة المناعية للـ GDH immunoassay) GDH)، وتكمن سلبيتها في أنها لا تُفرِّق بين الأنواع المُنتِجة للسم والأخرى غير المنتجة التي تستعمر القولون استعمارًا طبيعيًّا دون أن تُسبِّب مرضًا عند 4% من البشر.

توجد طريقة أخرى للتشخيص باستخدام الأضداد لتحري وجود السموم في البراز أو ما يدعى بـ toxin-EIA، وتُميِّز هذه الطريقة بين الجراثيم المنتجة للسم والأخرى غير المنتجة.

وتفتقر الطريقتان السابقتان إلى النوعية (أي لا يمكننا الحكم إذا ما كانت هذه الجراثيم هي مطثيات عسيرة أم لا، وبهذا استبعاد أسباب الإسهال الأخرى). وهناك طريقة ثالثة تُدعى تقنية تضخيم الحمض النووي NAAT؛ وهي التي تتحرى الجين المرمّز للسم، وتتميز الطريقة الأخيرة بأنها تمتلك نوعية عالية  ولكنها -كاختبار GDH- لا تُفرِّق بين الأنواع المنتجة للسم والأخرى غير المنتجة؛ لذلك يجب أن يجرى معها اختبارات إضافية لتأكيد وجود الجرثومة وقدرتها على إنتاج السم*.

نتيجة لما سبق؛ فإننا نستخدم من أجل تأكيد تشخيص الإسهال بالمطثية العسيرة خورازميةً مكونةً من خطوتين:

الأولى باختبار GDH وحده، أو NAAT وحده، أو كليهما معًا؛ وبذلك نتحرى وجود الجرثومة.

والثانية نُطبِّقها عند إيجابية أي من الاختبارين السابقين؛ وهي اختبار السم أو toxin-EIA، فإذا كان إيجابيًّا فإن ذلك يُشخِّص المرض.

تحذِّر التوصيات من إجراء اختبار العدوى بالمطثيات لدى الأطفال الذين تقلُّ أعمارهم عن عام والذين يُعانون الإسهال؛ لأن هذه البكتيريا هي جزء من الجراثيم الطبيعية في ما يصل إلى 65٪ من الرضَّع الأصحَّاء. وتنخفض معدلات الاستعمار بعد السنة الأولى على الرغم من أنها تبقى أعلى من البالغين؛ ولذلك لا نجري الاختبارات على الأطفال الذين أعمارهم تقلّ عن سنتين قبل أن نستبعد أسباب الإسهال الأخرى. أما في عمر 2-3 سنوات؛ فمن 1٪ إلى 3٪ من الأطفال حاملون غير عرضيين للمطثية العسيرة، وهو معدل مشابه لما لُوحظ لدى البالغين الأصحَّاء.

يشمل علاج الجرثومة -حسب التوصيات الحديثة- إيقاف الصادات الحيوية التي تقضي على جراثيم الأمعاء الطبيعية أولًا، ثم إعطاء صادات حيوية نوعية من أجل القضاء على المطثية العسيرة.

وتوصي الإرشادات الآن بالفانكوميسين أو الفيداكسومين كخطِّ علاج أول بدلًا من ميترونيدازول الموصى به سابقًا؛ إذ يُؤدي إعطاء الفانكوميسين وفيداكسومين إلى معدَّلات شفاء أعلى، ومع ذلك؛ فإن المبادئ التوجيهية تنصُّ على أنَّ استخدام الميترونيدازول مقبول إذا كان الوصول إلى المضادين الآخرَين محدودًا، ولكن فقط للحالات الخفيفة أو المتوسطة.

وعند الأطفال؛ فيبقى المضاد الحيوي الأول هو الميترونيدازول؛ لأنَّ الفانكوميسين والفيداكسومين لم يُثبِتا تفوقهما في القضاء على العدوى عند الأطفال.

في حال عودة الإصابة أول مرة بعد الشفاء منها؛ نُغير طريقة العلاج المطبَّقة في المرة الأولى؛ أي إذا أُعطي المريض في المرة الأولى فانكوميسين يُعطى هذه المرة فيداكسومين، وإذا أُعطي ميترونيدازول يُعطى هذه المرة فانكوميسين. أما إذا أُعطي فانكوميسين فيُعطى فانكوميسين أيضًا ولكن بطريقة نبضية ومدة طويلة؛ أي نُعطي الجرعة على دفعات ونُخفِّفها تدريجيًّا كل أسبوع.

في حال تكرَّرت الإصابة أكثر من مرة؛ يُعطى فانكوميسين يليه ريفاكسيمين، أو يُعطى الفيداكسومين عوضًا عن الاثنين، وإذا فشل العلاج بالصادات فيُنصح بإجراء زرع البراز من أجل تحري المشكلة.

تبقى الوقاية خير من قنطار علاج؛ إذ يُنصح بغسل اليدين بالماء والصابون الذي يُعدُّ أفضل من التطهير بالكحول في إزالة الأبواغ. ويجب أيضًا عزل المرضى وتوفير قفازات وعباءات للعاملين في الرعاية الصحية وزوار المرضى.

المصادر

1-هنا

2-هنا

3-هنا

4-هنا

5-هنا

6-هنا