الرياضيات > الرياضيات

التراجع إلى المتوسط ما هو؟ ولم يهم الباحثين؟

هل سمعت من قبل عبارة "الأبوان الطويلان ينجبان أولادًا أقصر منهما"؟ تُعرف هذه الظاهرة بالتراجع إلى المتوسط regression to the mean أو RTM، وتُستخدم في تفسير كثير من الظواهر ابتداءً بالأنماط الوراثية (ما فعله ڠالتون أول مرة عام 1886) وليس انتهاءً بأسباب فشل الأجزاء الثانية من الأفلام والألبومات الغنائية.

كيف نعرّف التراجع إلى المتوسط؟

هو ظاهرة إحصائية تحدث عندما تُتبَع قيم القياس الكبيرة كبَرًا استثنائيًّا أو الصغيرة صغَرًا استثنائيًّا بقيم أقرب إلى متوسط العينة الإحصائية. يحدث ذلك بسبب خطأ القياس العشوائي أي التقلبات غير النمطية حول المتوسط الحقيقي. المشكلة أن التراجع إلى المتوسط يمكن أن يكون سببًا لأن يبدوَ التغيرُ المتوقع في القياسات المتكررة كتغير ذي معنىً سبّبه العلاج.

يُعد التراجع إلى المتوسط محط قلق في حالتين:

تصميم دراسات قبل-بعد التدخلية التي تستهدف فئات معرضة لخطر شديد مثل الأفراد الذين يعانون ارتفاع ضغط الدم.

تصميم المعاينات ثنائية الطور التي تُختار فيها مجموعةٌ فرعية من العينة الأولى مبنيةٌ على قيم أولية لإجراء مزيد من الدراسة عليها، مثال ذلك اختيار أشد مجموعة تعرضًا للخطر أو أقلّ مجموعة تعرضًا للخطر لإجراء تحليلات فرعية.

لكن لحسن الحظ توجد تصحيحات يمكن تأديتها في مرحلة التصميم أو مرحلة التحليل لتقليص خطر التراجع إلى المتوسط. ويتفق الباحثون معظمهم على أن أفضلَ حل مجموعةُ ضبط مصممة على نحو مناسب.

أجرى Reader وزملاؤه عام 1989 تجربة على مجموعة من مرضى ارتفاع ضغط الدم الخفيف، صنفوا فيها المرضى إلى ثلاث مجموعات على أساس قيم فحوصهم، وفرزوهم إلى الضبط أو العلاج عشوائيًّا.

نلاحظ في نتائج التجربة البَعدية أن حدة انخفض ضغط الدم الانبساطي DBP في كلتا المجموعتين تزداد بازدياد قيمته الابتدائية، ومع ذلك نشاهد تحسنًا أكبر في نتائج مجموعة العلاج. لكن لو لم نستخدم نتائج مجموعة الضبط للمقارنة، لكان من الصعب استنتاج أن الانخفاض لم يكن بسبب ظاهرة التراجع إلى المتوسط فحسب (يجدر بالذكر أن استخدام مجموعة الضبط ليس حلًّا كافيًّا عند استخدام قيم متطرفة).

أما في مرحلة التصميم فنستخدم أسلوبًا آخر لتقليص أثر التراجع إلى المتوسط، نبدأ بأخذ مجموعتين من المقاييس الأساسية في مرحلتين مختلفتين، كل منهما تتكون من مقياسين، الأول لاختيار المجموعات، والثاني متغير مشترك (استخدام متوسط عدة مقاييس أساسية للقيمة القبلية سيكون أقرب إلى الوسط الحقيقي من استخدام مقياس واحد).

بمجرد الدخول في مرحلة التحليل نستطيع استخدام الرسوم البيانية لاكتشاف التراجع إلى المتوسط (مخطط مبعثر لقيم قبل-بعد مرسوم بالنسبة إلى المقياس الأساسي). يقترح بعض الباحثين استخدام تحليل التباين؛ إذ يُعد أفضل طريقة بدلًا من درجات الفرق (القيم القبلية والبعدية).

بالنسبة إلى تحليل المجموعات الفرعية (أي: المجموعة الفرعية المبنية على القيم المتطرفة) إذا كان إجمالي عدد القياسات وعلاقات القياسات السابقة واللاحقة معروفًا؛ فهناك صيغ لتصحيح التراجع إلى المتوسط (هناك صيغ أخرى لتصميم التراجع إلى المتوسط باستخدام عناصر الاختبار الداخلية والعناصر المختلفة، لكن هذا ينطبق فقط على البيانات الموزعة طبيعيًّا).

الهدف هو أن تدرك التراجع إلى المتوسط وتعرف تأثيره على النتائج، وبالرغم من أننا ركزنا على البيانات المتعلقة بالمجال الطبي هنا، لا يقتصر التراجع إلى المتوسط على البيانات البيولوجية؛ بل من الممكن أن يظهر في أي نوع من البيانات.

مجموعة الضبط في التجربة العلمية هي مجموعة منفصلة عن بقية التجربة لا تؤثر متغيرات التجربة في نتائجها، وهدفها عزل تأثيرات متغيرات التجربة عدا المستقل منها لاستبعاد التفسيرات البديلة للنتائج التجريبية.

المصدر:

هنا