الطب > مقالات طبية

التهاب الأوعية لتاكاياسّو

ظهر الطبيب تاكاياسّو أول مرة عام 1908 كاشفًا عن أول حالة التهاب أوعية غريب؛ إذ شاهد الأوعية الدموية في شبكيّة عين المريض بلون إكليليّ مميّز، ووصف طبيبان يابانيّان موجودات عينيَّةً مُشابهةً عند المرضى الذين يغيب لديهم النبض في المعصم؛ ولهذا السّبب دُعي المرض مرض اللانبض Pulseless disease. ونُسِب اسم هذا المرض إلى الطبيب تاكاياسّو الذي أبلغ عن هذه الحالة.

يُعدُّ تاكاياسّو مرضٌ التهابيٌّ جهازيٌّ نادرٌ مجهول السبب، فقد ظهرت نظريّات ترجح أسباب إنتانية مترافقة مع أهبة استعداد جينيٍّ للإصابة بالمرض، ولكن؛ لا توجد الأدلة الكافية المؤكّدة لذلك حتى الآن.

يُصيب تاكاياسو الأوعيةَ الكبيرةَ (الأبهر وفروعه) خاصةً لدى الإناث ولا سيما الآسيويات بين سن 10-40، وقد وُجدت بعض الحالات التي يُصاب بها الأطفال في عمر الستة أشهر، ويُعرف هذا المرض باسم "التهاب الأبهر وفروعه الرئيسة الحبيبومي"، ويمكن أن يُؤدي إلى انسداد أو تضيُّق الشرايين أو توسُّعها بطريقة غير طبيعيَّة (فيما يدعى أمّهات الدّم)، ثم إن التهاب الشرايين في تاكاياسو يُؤدِّي إلى آلام في الذراع أو الصدر وإلى ارتفاع ضغط الدّم، وفي النهاية إلى قصور في القلب أو السكتة الدماغية.

صُنِّف تاكاياسو -حسب المشاهدات في تصوير الأوعية- إلى خمسة أنواع:

النوع I: تُشاهد الإصابة في فروع قوسِ الأبهر.

النوع IIa: تُشاهد الإصابة في الأبهر الصّاعد وقوس الأبهر وفروعه.

النوع IIb: منطقة النوع IIa، إضافةً إلى الأبهر النازل الصدري.

النوع III: الأبهر النازل الصدري والأبهر البطني والشرايين الكلوية، أو مختلط.

النوع IV: الأبهر البطني والشرايين الكلوية، أو كلاهما.

النوع V: كلُّ أجزاء الأبهر وفروعه.

تكون العلامات والأعراض عند شخص مصاب بتاكاياسو في مرحلتين:

المرحلة الأولى: وتدعى المرحلة الجهازيّة؛ وهي ناجمة عن الحَدثيّة الالتهابيّة؛ إذ يشعر المصاب بالتعب والوهن العام والنقص في الوزن والحمّى والآلام الهيكليَّة المُعمّمة.

          قد لا تكون هذه المرحلة عند الجميع، فقد تتأذى الشرايين بالالتهاب على المدى الطويل سنوات دون أن يُلاحظ المريض أية أعراض.

تحدث المرحلة الثانية التي تدعى المرحلة الانسدادية بسبب تضيّق الشرايين نتيجة الالتهاب؛ ما يُؤدِّي إلى نقص التروية الدموية وإعاقة وصول المغذيات والأكسجين إلى الأعضاء، فتتأذى مؤديةً إلى حدوث أعراض تتجلَّى في:

الضعف والشعور بالألم عند استخدام أحد الأطراف.

الدوار، والدوخة أو الإغماء.

الصداع ومشكلات في الذاكرة والرؤية.

انخفاض النبض واختلافات في الضغط الدموي بين الذراعين.

فقر الدم وآلام في الصدر.

سماع نفخات شريانيّة.

يترافق المرض بالاختلاطات الآتية:

ارتفاع ضغط الدم نتيجة انخفاض تدفُّق الدم إلى الكليتين.

التهاب العضلة القلبيَّة أو إصابة الصمَّامات (كقصور الأبهر) فيؤدي إلى قصور القلب.

احتشاء قلبي نتيجة انخفاض التروية الدموية في أوعية القلب.

السكتة الدماغية التي تحدث نتيجة انخفاض تدفق الدم إلى الشرايين الدماغية، أو نتيجة الانسداد في الأوعية الدماغيَّة.

نوبة نقص تروية عابرة TIA؛ والتي ينتجُ عنها أعراض مشابهة للسكتة الدماغيَّة، ولكن؛ قد تكون الأذية قابلةً للتراجع وغير دائمة.

أمهات الدّم الأبهريّة التي تحدث عندما تضعف جدران الأوعية الدمويَّة، وتمتد إلى الخارج على هيئة انتفاخٍ  قد يتمزَّق مُؤدِّياً إلى النزف.

التشخيص والعلاج:

قد يكون تشخيص التهاب الشرايين في تاكاياسو صعبًا جدًّا، ولسوء الحظ؛ فإنّه من الشائع جدًّا انتشار المرض في جدران الأوعية الدموية الكبيرة سنوات لا عرضيًّا.

يُؤكَّدُ التّشخيص بمجرد الاشتباه بالمرضِ عادةً؛ وذلك بتصوير الأوعيَّة الدمويَّة  شعاعيًّا،  أو التّصوير بالرنين المغناطيسيّ الذي يُظهِر وجود أذيّات في الشرايين الكبيرة تتناسب مع تاكاياسّو.

لا تُستخدم الخزعة النسيجية في تشخيص التهاب الشرايين تاكاياسو عادةً، وذلك خلافًا لغيرها من أنواع التهابات الأوعية الدموية.

يَعتمدُ علاج تكاياسو على ضبطِ الحدثية الالتهابيَّة دوائيًّا من ناحية، وضبط  ارتفاع ضغط الدم من ناحية أُخرى، ويختلف تدبير المرض تبعًا لدرجة الإصابة؛ فقد لا يتطلَّب المرض أيّ علاجٍ دوائيٍّ في حال كانت الأعراض خفيفة الدرجة، ومن الوارد أن يُكتشف المرض بعد وصول الأذيّة إلى درجة غير قابلة للتراجع بالعلاج.

إنّ الغالبيّة العظمى من المرضى يستجيبون للبريدنيزون؛ إذ تُعَدُّ الستيروئيدات القشرية حجرَ الأساس في العلاج، و يُستخدَم في بعض الأحيان الميثوتريكسات والأزوثيوبرين والسيكلوفوسفاميد.

توصَّلت أحدث الدراسات إلى مراقبة فعالية المرض؛ وذلك بقياس سرعة تنقل الكريات الحمر ESR التي ترتفع عندما يكون المرض فعّالًا وغير هاجع، ولكنها لا تزال وسيلة غير دقيقة في مراقبة المرض، نظرًا إلى احتمال حدوث فعالية غير مترافقة بارتفاع ESR.

فما تزال الدراسات قيد التطوير، على أمل الوصول إلى نتائج دقيقة في كشف هذا المرض النادر وعلاجه.

مصادر المقال:

1-هنا

2-هنا

3-هنا