علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث

اضطرابُ الألعاب؛ اضطراب سلوك إدماني!

أفادت جمعية البرمجيات الترفيهية بأن شخصاً واحداً -على الأقل- من ثلثي الأسر الأمريكية يلعب ألعاب الفيديو، ويجدُ معظمنا ألعابَ الفيديو أو ألعاب الإنترنت مسليةً وممتعة، وهو ما يفسِّر شيوعها في جميع أنحاء العالم.

فهل يمكن لهذه التسلية أن تتحول إلى سلوكٍ إدماني؟

كانت بداية الحكاية في عام (2013)؛ عندما وثّقت الجمعية الأمريكية للطب النفسي (DSM) اضطرابَ الألعاب في نسختها الخامسة (DSM-5)، وأشارت إلى أعراضه المقترحة في ما يُسمى بالدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية الصادر عنها، والمُستخدم من قِبل متخصصي الصحة العقلية لتشخيص الاضطرابات العقلية، ومنها الاضطرابات الإدمانية؛ سواء أكانت مرتبطةً بالمواد؛ كإدمان الكحول والتبغ، أو غير المرتبطة بالمواد (سلوكية)؛ كاضطراب المقامرة، والذي يُعدُّ الإدمان السلوكي الوحيد.

وأما بالنسبة إلى اضطراب اللعب؛ فقد صُنِّف  في قسم الحالات التي يوصى بإجراء المزيد من الأبحاث عليها، جنباً إلى جنبٍ مع اضطراب استخدام الكافئين، نظراَ إلى عدم وجود أدلةٍ كافيةٍ لتحديد ما إذا كانت الحالة اضطراباً عقلياً فريداً أم لا، وما هي المعايير اللازمة لتصنيفها في ذلك الوقت الذي نُشرت خلاله (DSM-5).

وقد كانت المعايير المقترحة لتشخيص اضطراب الألعاب:

1-   الانهماكُ باللعب.

2-   أعراضٌ انسحابيةٌ كالقلق والهياج والحزن؛ والتي تظهر عند الانقطاع عن اللعب.

3-   الحاجة المتزايدة لقضاء وقتٍ أطول في اللعب لإشباعِ الرغبة.

4-   العجز عن تخفيف اللعب وفشل محاولات الإقلاع.

5-   التخلي عن الأنشطة الأخرى، وفقدان الرغبة بالاهتمامات المُحبّبة بسبب الألعاب.

6-   الاستمرار في اللعب على الرغم من  المشكلات الناتجة.

7-   الاحتيال على أفراد الأسرة والناس المحيطين فيما يتعلق بمقدار الوقت المنقضي في اللعب.

8-   استخدام الألعاب للحدّ من الحالة المزاجية السلبية؛ كالشعورِ بالذنب أو اليأس.

9-   خطر فقد وظيفةٍ أو علاقةٍ بسبب اللعب.

يتطلبُ تشخيصُ اضطرابِ الألعاب وفق المعايير المقترحة وجود خمسةٍ أو أكثر من هذه الأعراض مدة عامٍ كامل.

(تشمل الحالة الألعاب الموجودة على شبكة الإنترنت، أو على أيّ جهازٍ إلكتروني، وإن معظم الأشخاص الذين يطورون مشكلات ألعابٍ ذات أهميةٍ سريريةٍ يلعبون غالباً على الإنترنت، وتقتصر هذه الأعراض المقترحة على الألعاب دون أن تتضمن مشكلاتٍ في الاستخدام العام للإنترنت أو المقامرة عن طريق الإنترنت أو استخدام الوسائط الاجتماعية أو الهواتف الذكية).

في أواخر عام (2017) أعلنت منظمة الصحة العالمية (WHO) نيتهم في تصنيف مشكلة إدمان الألعاب بوصفها اضطراب جديد في النسخة الحادية عشرة من التصنيف الدولي للأمراض (ICD)؛ في حين اعترفت بعض الدول؛ مثل كوريا الجنوبية والصين باضطراب ألعاب الفيديو، ووضعوا برامجَ علاجيةً له.

وجاء الحسم في منتصف عام (2018)، عندما عُرِّف اضطرابُ الألعابِ رسمياً  في النسخة الحادية عشرة من التصنيف الدولي للأمراض (ICD-11) على أنه مرحلةٌ من اللعب تتّصف بضعفِ التحكمِ باللعب، وإعطائها الأولوية المتزايدة؛ متفوقةً على الأنشطة الحياتية الأخرى، وكذلك الاستمرار بممارستها رغم تكرارِ نتائجها السلبية.

وتبِع إدراجَ اضطرابِ الألعاب في (ICD-11) تطويرُ برامجَ علاجيةٍ للأشخاص الذين يعانون حالاتٍ صحيةٍ مماثلةٍ لهذا الاضطراب في أجزاءَ كثيرةٍ من العالم، وهو ما سيؤدي إلى زيادة الاهتمام من قبل متخصصي الصحة بمخاطر هذا الاضطراب، والذي سيساعدُ على اتخاذ تدابير الوقاية والعلاج.

ولقد اتُّخذَ قرارُ منظمة الصحة العالمية بإدراج اضطراب الألعاب سلوكاً إدمانياً بناءً على دراسةِ الأدلّةِ المتاحةِ التي عكست إجماع خبراء من مختلف التخصصات والمناطق الجغرافية، وشارك هؤلاء في الاستشارات الفنية التي أجرتها  منظمة الصحة العالمية عند تطوير (ICD-11).

 ولكن الإجابة عما إذا كانت ألعاب الإنترنت إدماناً أو اضطراباً عقلياً؛ لا تزال موضوعاً يحتاجُ مزيداً من المناقشةِ والأبحاث.

وقد لخّصت مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (PNAS) في الولايات المتحدة الأمريكية المناقشةَ الحالية بالكلمات الآتية:

"يمكنُ أن تساعد إضافة ألعابِ الفيديو إلى قائمةِ الإدمان السلوكي المعترفِ بها الملايينَ من المحتاجين، ويمكنها أن تشخّصَ سلوكاً طبيعياً على أنّه مرض، وأن تخلقَ وصمةَ عارٍ جديدة.".

المصادر:

هنا

هنا

هنا