علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث

التطوّع والصحة النفسية

بداية؛ التطوع بالتعريف هو عمل يهدف إلى خدمة أشخاص آخرين دون الطمع في مقابل مادي.

ويمكن أن يكون التطوع عن طريق التبرع بمبلغ مادي أو التطوع بالوقت أو الخبرة.

يُعدُّ التطوع في وقتنا الحالي -تحديدًا في الولايات المتحدة- نشاطًا تتزايد شعبيته يومًا بعد يوم، وخاصةً لدى الفئات المتقدمة في العمر، ويعود ذلك في كثير من الحالات إلى حاجتهم إلى استثمار أوقاتهم ليبقوا نشطين باستمرار.

وتوضح معظم الدراسات التي أُجرِيت في هذا الموضوع أنَّ العمل التطوعي غالبًا ما يترافق مع نسب أعلى من العناية في الصحة، وارتفاع نسبة الرضا عن النفس، ومستويات أعلى من الطمأنينة، إضافة إلى انخفاض مستويات الاعتماد على الآخرين وانخفاض أعراض الاكتئاب.

وقد أوضحت العديد من الدراسات أن للتطوع تأثيرًا وقائيًّا في احتمالية حصول الوفيات لدى الأشخاص المتطوعين من كبار السن الذين لا يمتلكون صلات اجتماعية جيدة مقارنة بالأفراد غير المتطوعين مع صلات اجتماعية أكبر.

وإن التطوع بالوقت من أجل مساعدة الآخرين سوف يعود عليك بالفائدة بالتأكيد؛ إذ إنَّ الشعور بالرضا عن الذات والإنجاز بسبب العمل التطوعي ينبع عن كونك في موقع يعتمد الناس فيه عليك للمساعدة، وعندها ستشعر بأنك أفضل حالًا وستزداد ثقتك بنفسك.

وستشعر بأنَّ الناس ينتظرون منك خطوة أو عملًا  لتصنع فرقًا، وستكون في موقع التقدير والشكر لما تؤديه من مساعدة، وهذا أمر قد لا تشعر به حتى عندما تفعله مقابل أجر مادي في أثناء عملك.

إضافة إلى ذلك؛ عندما تكون صاحب مهنة معينة؛ فإنَّ استثمارك لوقتك في عمل تطوعي تشارك فيه مهاراتك الخاصة من عملك الأساس هو أمر يجعلك تشعر أنك مطلوب، وهذا في حد ذاته يعطي شعورًا جيدًا، ولا ننسى فائدة ذلك فيما يخص حياتك المهنية بتقوية خبرتك ومشاركتها مع أقرانك؛ ممَّا يرفع من معرفتك إلى مستويات جديدة، وهذا يعطي شعورًا بالتقدم والتطور أيضًا.

إنَّ التطوع يساعد الفرد على الاندماج مع المجتمع المحيط به، وتُحدَّد درجة الاندماج عن طريق الأدوار التي يؤديها الفرد في الوقت نفسه، وهذا أمر مفيد من جوانب عدة؛ فمن جهة هو مفيد لبعض المرضى النفسيين ممن يعانون من الاكتئاب؛ إذ يُسهم الالتزام في عمل ما والحاجة للظهور بمظهر لائق والحاجة للعناية بالنفس في العمل التطوعي في تحسين أعراض الاكتئاب؛ إضافة إلى أنه يمنحك فرصة للتفكير في أشياء مهمة تؤثر في حياة الآخرين بخلاف الأفكار السلبية التي من الممكن أن تستحوذ على التفكير، ومن جهة أخرى؛ هو مفيد للأفراد الذين يهاجرون من دولة إلى أخرى؛ إذ يُسهم في تعزيز التواصل مع أفراد المجتمع الجديد وتطوير علاقات جديدة تساعد على حماية الفرد الجديد من الشعور بالعزلة والنقص وتساهم في تسريع ردم الفجوة الثقافية والاجتماعية التي يعانيها المهاجرون الجدد عند الانتقال إلى دول تختلف عن ثقافاتهم وعاداتهم؛ إضافة إلى الإسهام في ربط الأفراد مع سوق العمل المحلي الخبرة التي يحصلون عليها في التطوع.

التطوع بكل أشكاله هو أمر مهم؛ فهو يدفع لمزيد من النشاط الفكري والجسدي، وإقامة صداقات جديدة والوصول إلى حياة أفضل، ومن ثمَّ مجتمع معافى وأقوى، وإنَّ رؤية نتائج عملك التطوعي قد تكون مصدرًا مميزًا للمتعة؛ إذ إنه من الصعب الحصول على الابتسامة على وجه المتلقي أو التقدير الذي يبديه الآخرون لك عن طريق أيّة تجربة أخرى.

المصادر:

(1) هنا

(٢)  هنا

(٣) هنا

(٤)  هنا

(٥) هنا