المعلوماتية > برمجيات

هل حان وقت التفكير بما بعد نظام الأندرويد؟

مَنْ منا لا يعرف نظام (ويندوز)؟ لقد كان نظامَ تشغيلٍ شائعٌ جدًّا في الأيام القديمة للحوسبة، وعلى الرغم من ذلك؛ فقد انخفضت حصته في السوق العالمية.

انتهى عصر (ويندوز) العام الماضي، ونحن الآن في عصر (أندرويد)؛ فهل يحصل الأمر نفسه مع (أندرويد)؟

نظام التشغيل (أندرويد) موجودٌ الآن في كل مكان.

يُستخدم نظام (أندرويد) على أكثر من ملياري جهاز وفق عدَّة أشكالٍ؛ مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية والأجهزة القابلة للارتداء والساعات الذكية وإنترنت الأشياء وأنظمة السيارة وما إلى ذلك، ونستخدم الآن نظام (أندرويد) على قرابة 90% من الأجهزة الخليوية، ولكن؛ لن نستمر في ذلك بعد الآن.

تمامًا مثلما طغى نظام التشغيل (ويندوز) على DOS، وطغى (أندرويد) على نظام التشغيل (ويندوز)؛ فإنَّ نظامًا ما سيطغى على (أندرويد).

ربما يُقال أنَّهُ لا يوجد منافسون حقيقيون لـ(أندرويد) الآن، وعلى الرغم من ذلك؛ ماذا لو وقَعَ بالفعل حدثٌ رئيسي أسهَمَ في تراجع (أندرويد) وسقوطه، وكان شيئًا مختلفًا تمامًا عما كنا نتوقعه؟

ربما لن يكون هذا الحدث منافسةً من قبل منصةٍ أخرى؛ بل سيكون  مشكلات عميقة داخل نظام (أندرويد).

قررت اللجنة الاوروبية فرض غرامةٍ قدرها 4.34 مليار يورو على (غوغل) لخرق قوانين الاتحاد الأوروبي لمكافحة الاحتكار؛ إذ شاركت (غوغل) في ممارساتٍ غير قانونية لتعزيز مركزها المهيمن في سوق البحث على الإنترنت، ونص القرار أنه يجب على (غوغل) أن تضع نهايةً فعالةً لهذا السلوك في غضون 90 يومًا أو ستواجه دفعاتٍ جزائية.

ما يُلفت النظر ليس الجانب المالي -رغم أنه مثيرٌ للإعجاب-؛ ولكنَّ الملفت للنظر ما يلي: "قرارنا يمنع (غوغل) من التحكم في قرار الشركات باختيار تطبيقات البحث والتصفح التي يجب أن تُثبَّت مسبقًا على أجهزة (أندرويد)، أو نظام تشغيل (أندرويد) الذي تريد الشركة اعتماده".

سواء أوافقتْ (غوغل) على قرار الاتحاد الأوروبي أم لم توافق عليه، وبفرض أنه لم يُلغَ الطلب؛ فإنَّ الضغط على (غوغل) لتخفيف سيطرتها على نظام (أندرويد) الأساسي أمرٌ مهم، وقد يكون بدايةَ نهايةِ عصر (أندرويد) كما نعرفه، وتعرف (غوغل) ذلك جيدًا، وربما هذا هو السبب في أنَّها تطورُ نظام (الفوشيا) Fuchsia.

سيكون نظام (الفوشيا) نظامًا مفتوحَ المصدر مكوَّنًا من مزيجٍ من كود BSD 3  و MIT و Apache 2.0 المرخَّص، ولكن لا يعتمد على (لينكس)؛ إذ يبدأُ الملف التمهيدي أو كتاب (فوشيا) بجملة: "فوشيا ليس لينكس".

لدى شركات تصنيع الهواتف الذكية المعتمدة حاليًا على (أندرويد) خططٌ احتياطية، على سبيل المثال؛ تعمل شركة (هواوي) الصينية -الشركة رقم اثنين في صناعة الهواتف الذكية بعد شركة (سامسونج)- على تطوير بديلها الخاص ولم تصرح عن التفاصيل، وتملك شركة (سامسونغ) نظام Tizen.

ونظام شركة (بوريسم) Purism الواعد المسمى (ليبرم 5) أو بالانجليزية Librem 5.

هناك خيار جديد يأتي من الريادي (غايل دوفال) Gaël Duval الذي يُعرف على الأرجح باسم مبتكر توزيعة (ماندريك جنو/ لينكس) عام 1998.

استنادًا إلى (ريد هات)؛ وضعت (ماندريك) متجرًا كبيرًا سهل الاستخدام وكانت أوَّلَ جيلٍ جديدٍ من التوزيعات التي تستهدف المستخدمين العاديين، والتي أصبحت شائعة اليوم.

مشروع (دوفال) الجديد هو نظام التشغيل المحمول للبرامج المجانية المُسمى eelo، ويقول (دوفال) أنَّهُ اختار هذا الاسم لأنَّ eels هو سمكة صغيرة يمكن أن تختبئ في البحر، وهذا مثالي لسعيه إلى المزيد من الخصوصية.

إنَّ معالجة النقص المزعج في الخصوصية، والذي هو منتج ثانوي لاستخدام الهواتف الذكية اليوم هو هدف المشروع الرئيس.

ويقول (دوفال):

"في العام الماضي قررت ترك شركتي (آبل) و (غوغل)؛ أريد تحرير نفسي من احتكار الهواتف الذكية. أريد استعادة السيطرة على خصوصية بياناتي، أريد أن أحمي حريتي.

في البداية ظننت أنني سأفرِّعُ (أندرويد) وأضيف تصميمًا أفضل وأزيل أيَّ عناصرَ من (غوغل)، بالإضافة إلى تحديد بعض خدمات الويب المتوافقة مع الخصوصية وإضافتها إلى النظام.

بعد أكثر من 6 أشهر بقليل؛ أدركتُ أننا نبني شيئًا جديدًا حقًا أكبرُ مما توقعت، وقد أصبح هذا ممكنًا بفضل الدعم الهائل الذي أتلقاه من العديد من الناس في جميع أنحاء العالم، وعن طريق مجموعةٍ متناميةٍ من المساهمين في eelo".

وبعد حملة ناجحة للتمويل الجماعي، أنشأ (دوفال) مؤسسةً تدعى "e" لدعم تطوير eelo، ويحوي موقع الويب الخاص به تفاصيل عن خارطة طريق نظام تشغيل الجوال والتطبيقات المخطط لها والفريق وراء المشروع.

ما زالت الأيام الأولى لـ ،eelo ومع ذلك فإنَّ ما يميزها عن مشاريع أنظمة تشغيل الهواتف المحمولة السابقة مفتوحة المصدر، وما يجعلها جديرةً بالدعم من مجتمع الترميز أو "coding" هو التركيز على الخصوصية، وفي هذا الصدد؛ يمكن عدُّهُ ظاهرةً في العالم الذي نعيش فيه اليوم.

وتلتزم eelo بتوفير الهواتف الجوّالة وخدمات الويب المرغوبة التي تحترم خصوصية بيانات المستخدم. ولن يُرسل نظام eelo OS بيانات المستخدم إلى شركة eelo؛ مثل بيانات الموقع وجهات الاتصال وجداول الأعمال على نحوٍ قابلٍ للاستغلال، وسيتمكن مستخدمو eelo من استخدام خدمات eelo cloud مع ضمان أن تُحفَظّ بياناتهم الخاصة وتُخزَّنَ بأمانٍ قدر الإمكان.

هذا مجرد طموحٍ في هذه اللحظة؛ لكنه طموح يستحق الثناء، فقد كان عالم المصادر المفتوحة متواطئًا مع (غوغل) في تقويض خصوصية مستخدمي (أندرويد) وحريتهم فترةً طويلة.

إنه أمر مفهوم؛  فقد ساعد (أندرويد) في جعل (لينكس) نظامَ التشغيل الأكثر استخدامًا على مستوى العالم؛ مما أدى إلى الإطاحة بنظام (ويندوز).

وقد كان النضال ضد (غوغل) في الأيام الأولى للهواتف الذكية؛ إذ حاولت جعل (أندرويد) -البديل الوحيد- أمرًا خادعًا، ولكن حان وقت تأكيد الأساس الأخلاقي للبرنامج الحر والانتقال من عالم (أندرويد) إلى شيءٍ أفضل من جميع النواحي، وسواء أكان ذلك من قبل eelo أو أي شيء آخر؛ فإنَّ الأمر يتعلق بالمجتمع المفتوح المصدر.

المجال مفتوح للنقاش الآن؛ وهو خيارٌ قبل أن يصبح ضرورة.

المصادر:

هنا