العمارة والتشييد > العمارة والسينما

فيلم Her وعمارةُ المستقبلِ القريب

يعرض فيلم Her للمخرج Spike Jonze قصَّةَ رجلٍ غريبِ الأطوار Joaquin Phoenix يقعُ في حبِّ نظامه الذكيِّ المصطنع الذي أدَّت صوته سكارليت جوهانسون.

تدورُ أحداث الفيلم في لوس أنجلوس في المستقبل القريب، وهي مدينةٌ مليئةٌ بالمباني العالية والجسور الضخمة، ويمكن ركوب القطار إلى الشاطئ.

الموقعُ الفعلي لشقَّة بطلِ الفيلم ثيودور هو الطابق العلوي من برج WaterMarke، وهو بناءٌ مرتفعٌ فاخر مكوَّنٌ من 35 طابقًا يقعُ في وسطِ مدينة لوس أنجلوس في شارع 705 West 9th Street، واختيرت مواقع الفيلم لتميزها بإطلالةٍ مميزة، وليس بسبب تصميمها الداخلي أو جماليتها المعمارية.

وركَّز فريق الإخراج على إظهار المدينة من داخل الشقة فغيَّروا خصائصَ زجاج النوافذ الأصلي لجعلهِ أكثر شفافيَّة، ممَّا سمح للضوء بإحاطة ثيودور، وأغلق فريق الإنتاج النوافذ العلوية من الواجهة الزجاجية في محاولةٍ لتركيزِ المنظر في شريطٍ حول ثيودور.

على الرُّغم من أن الشقَّة تضمُّ غرفةَ نومٍ أخرى في الطابق العلوي، لكنَّها لم تظهر في الفيلم نفسه؛ إذ ظهرت الشقَّة كأنَّها فراغٌ مستمر واحد يُشعر بالدفء، وقال فريق العمل "لقد أضفنا الأرضيات الخشبيَّة اللَّامعة والجدران الخشبيَّة الناعمة التي تمكِّنك من رؤية الضوء أو الفراغ عن طريق ألواحِها المتناوبة.

وكانت الجدران الزجاجيَّة ماصَّةً للضوء والعمق، والجدران الفاصلة الداخليَّة مجرَّد ضوءٍ ناعم ، ممَّا أدَّى إلى عمقٍ غيرِ محدَّدٍ داخلها أيضًا"

وعلى الرغم من تغيُّر الجدران المضيئة في الفيلم، ولكنَّها بقيت دائمًا في اتجاهٍ أحمر من أجلِ توفيرٍ الشعور بالدفء في هذهِ الفراغات الخاصَّة.

عندَ التفكير في ألوان هذا الفيلم يستشهد باريت K.K. Barrett -مصمِّم الإنتاج- بفيلم مايكل أنجلو أنطونيوني Michelangelo Antonioni "الصحراء الحمراء" كمصدرِ إلهام، ويقول:

"لم أفكِّر في فيلمٍ أحمر، وقد أحببت الاستخدامَ الجريء له في فيلم Red Desert؛ أحد أفلامي المفضَّلة"

مدح المخرج جونز Spike Jonze في مؤتمرٍ صحفي للفيلم المعمارية النيويوركية إليزابيث ديللير  Elizabeth Diller والمعماري ريكاردو سكوفيديو Ricardo Scofidio بسبب مساعدتهما في ابتكار الإحساس الصحيح لفيلمه.

وفي مقابلةٍ مع المهندسة المعمارية  Elizabeth Diller تحدَّثت فيها عن الفيلم طُرحت مجموعة من الأسئلة:

كيف اجتمعتِ مع المخرج Spike Jonze؟

عرَّفني مصمِّم الرسوم المصوَّرة ستيفان ساغميستير Stefan Sagmeister أنا وريك إلى المخرج سبايك جونز منذ بضع سنوات، وتناولنا وجبةَ فطورٍ متأخِّر رائعة، وقرَّرنا أنَّه من الجيِّد أن يأتي إلى الاستوديو الخاص بنا ليرى عملنا، وقد حضر فعلًا وبدأنا اجتماعنا القصير الذي تحوَّل إلى مناقشةٍ مدَّة أربع ساعات.

وتحدَّث سبايك عن مشروعٍ يخطِّط له، وهو فيلمٌ عن المستقبل القريب، فسألته حينها: "هل كان ذلك مستقبلًا جميلاً أم مستقبلًا بائسًا؟" وأعتقد أنَّه عندما بدأ التفكير في ذلك، حاول العثور على مكانٍ بينهما، إذ لم يكن ضروريًّا وصفه بهذه الطريقة الثنائية.

قال جونزJonze أنك  وريكاردو Ricardo Scofidio ساعدتموه على تصوِّر المستقبل، فما نوع تصوُّراتكما؟

كان هذا كلُّ ما في الأمر، وكان ذلك الاجتماعَ الوحيدَ بيننا، وقد شعرنا بالذهول حقًّا عندما اعترف لنا بمساعدته، لأنَّه كان اجتماعًا بسيطًا فعلًا.

واصلنا المراسلات عبر البريد الإلكتروني بعد ذلك، واجتمعنا معه قبل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع عندما شاهدنا الفيلم، ونحن من المعجبين بأفلامه، فهو يفكِّرعلى نحوٍ غريبٍ للغاية.

ما رأيك في الطريقة التي تصوَّر بها Jonze المستقبل؟

ما فعله على نحوٍ رائع أنَّ قصَّة الفيلم تأخذُ مكانها في المستقبل القريب، دون أن يصدر أحكامًا إن كان المستقبل رهيبًا أم لا، إذ تتحدَّث معظم قصص المستقبل بخوفٍ عن التكنولوجيا وعن تدميرها العالم أو عن خياليتها الشديدة.

لقد وجدت نوعًا من الواقعيَّةِ الجميلةِ فيه، لهذا أعتقد أنَّ الفيلم مثيرٌ للاهتمام، صوَّر المستقبل القريب ومن المتوقَّع جدًّا أن يحدث ذلك، فهو قريبٌ من الحياة الطبيعية اليومية، وقد يجعلك غير مرتاحٍ قليلًا، فعندما تخوض الخيال العلمي أنت على استعدادٍ للخيال فقط والتكهُّن حول المستقبل، فلا شيء يتخطَّى الزمن أسرع من تلك المفاهيم، ولكنَّه يحوي العديد من الفوارق البسيطة والمضحكة والغريبة أيضًا.

صوِّر الفيلم في لوس أنجلوس؛ المدينة التي تحوي العديد من ناطحات السحاب ووسائل النقل العام الفعالة، ولتحقيق هذا التأثير استخدم Jonze أجزاءً من مدينة شنغهاي بأنها في جنوب كاليفورنيا، فما رأيك بإحساسه تجاه التوسُّع الحضري؟

عَمِل Jonze جيِّدًا على ملامح مدينة الفيلم، وتساءل الجميع "أين هذا؟ أعتقدُ أنَّني أعرف هذا المكان، وأعرف ذلك الأفق"

وبالنسبة إلى معظمِ الأشخاص الذين لم يولوه هذا القدر من الاهتمام، ربما شعروا بأنَّهم متَّصلين بما فيه الكفاية مع القصِّة، ولكنَّني أعتقد أنَّه تحدَّث عن نوعٍ من المستقبل الثنائي المعولم من الثقافة، حيث تبدو المباني معظمها بالشكل نفسه.

إنَّه فراغٌ عام جدًّا ولا يتعلق الأمر بلغةٍ معيَّنة، ولكن بطريقةِ تفاعلِ الأشخاص مع بعضهم البعض، ومشاهدةِ هذه الشخصية المركزية في عمل ما نفعله كلَّ يوم.

كان المخرج Spike Jonze ومصمِّمُ الإنتاج  K.K. Barrett في هذا الفيلم مهتمين أكثر بالجوانب العاطفيَّة للشخصيات بدلًا من القواعد الصارمة للأفلام التي تدورُ أحداثُها في المستقبل.

من حوارِ الشخصيَّات إلى تداخل الإعلام في حياةِ الشخصيَّات اليوميَّة إلى تصميمِ المدينة ومنزل الشخصيَّة الأساسية ينقل الفيلم بفعاليةٍ قصَّة شخصيَّاتٍ نمطيَّةٍ خيالية ليصبح المشاهد جزءاً من هذا العالم.

وقد وصف باريت عندما قال: "أنا أعتقد أن الأشخاص عندما يفكِّرون بالمستقبل يتصوَّرون أن لا أحد يعيش هناك، وكأنَّه سيكون أقل حياة، ويفكِّرون بالأشياء والتصاميم، لكنَّنا فكَّرنا بالشخصيات الحية وبالفراغات التي تتبع قصصهم واستمتعنا بذلك كثيرًا"

المصدر: 

هنا

هنا