الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة

هل تعمل السويد فعلاً على تدوير 99% من نفاياتها؟!

لا شكَّ في أنك قرأت كثيراً من العناوين في كبرى الصحف العالمية عن تدوير السويد لما نسبته 99% من قمامتها، واستُمدَّت جميعها من موقع الحكومة السويدية الرسمي  هنا ولكن هل يمكن أن نُدرِج ما تفعله السويد في خانة إعادة التدوير إذا ما علمنا أنّه يُحرَق ما نسبته 50% من النفايات؛ إذ يستخدم البخارُ الناتج عن الاحتراق في تدوير العنفات، مولدةً بذلك تياراً كهربائياً بطريقة يُستفاد منها في تأمين التدفئة اللازمة لمليون منزل وتأمين الكهرباء لـ 250 ألف منزل سويدي؛ وبهذا فهي تُوفر كمية النفايات المطمورة وتُقلِّل الوقود الأحفوري اللازم لتوليد الكهرباء.

صورة (1)- محطة تحويل النفايات لطاقة في السويد

تُعرَّف عملية إعادة التدوير Recycling في الولايات المتحدة بأنها استخدام النفايات لتصنيع مُنتَج جديد متضمناً تغيير الشكل المادي لهذه النفايات. أما الاحتراق Burning؛ فيُشير إلى مفهوم آخر وهو التحويل، والذي يتضمن عمليات الحرق والانحلال الحراري والتقطير، والذي يختلف بدوره عن عملية تدوير النفايات العضوية واستخدامها سماداً composting. إذن؛ هناك فرق واضح بين العمليتين.

زِد على ذلك أنَّ عملية الاحتراق في محطات تحويل النفايات إلى طاقة WTE Plants تطرحُ كميات كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون CO2  مُقارنةً بالكميات الناتجة عن احتراق الفحم مثلاً، وهنا تُؤكِّد تقارير وكالة حماية البيئة الأميركية أنَّ عملية حرق النفايات تُطلق ما مقداره 1355 كيلوغرام من غاز CO2  لكلِّ ميغا واط ساعي، في حين ينطلق ما مقداره 1020 كيلوغرام من CO2  لكلِّ ميغا واط ساعي في حالة الفحم، و 515 كليوغرام لكلِّ ميغا واط ساعي في حالة الغاز الطبيعي.

صورة (3)- تُحرق مئات آلاف الأطنان من القمامة

وما يُحرق في مَحارِق هذه المحطات مكوَّن أساساً من الكتلة الحيوية كالورق والخشب ومخلَّفات الطعام وغيرها، وبطريقة يُعالَج فيها ثلثي انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن عملية الاحتراق مباشرةً؛ وذلك بما يُعرف بمحايدة الكربون (3) Carbone neutral؛ أي بطريقة يُحقَّق فيها التوازن بين انبعاثات غاز CO2 في الغلاف الجوي وما يُستهلَك من الغاز نتيجة العمليات الحيوية. في حين أنَّ الأمر قد يستغرق عقوداً من الزمن في دورة الكربون الطبيعية، وهذا أساساً موضع جدل بين أصحاب الاختصاص، ويمكن الاطلاع على الصورة (2) لفهم عملية التعامل مع النفايات المنزلية منها خاصة.

صورة (2)

ثم إنَّ هناك عديداً من المآخذ الأخرى عن عملية تحويل النفايات إلى طاقة؛ نُوجزها فيما يأتي:

- تُشكِّل هذه العملية عائقاً في وجه تطوير استراتيجيات مُستدامة تقوم أساساً على تخفيض حجم النفايات المُنتَجة، وذلك عن طريق إعادة استخدام المواد بإعادة تدويرها.

- عملية حرق القمامة وترميدها؛ وهي عملية مُكلفة وربما غير فعَّالة لأنها تعتمد على النفايات وقوداً أساسيّاً؛ وبهذا سيكون من الصعوبة العدول عن استخدام هذا الوقود وإدارته بيئياً عن طريق إعادة التدوير والاستخدام؛ الأمر الذي سيولِّد عجزاً في كمية النفايات المُستخدمة وقوداً.

- ينتج عن عملية حرق النفايات وترميدها نوعان أساسيان من الرماد؛ رماد مُترسِّب على أرضية المحرق يُعاد استخدامه بطرائق عدة، والآخر مُتطاير، وقد يُزال من مداخن المحرق. ولكن على أية حال؛ فلا يمكن إعادة استخدامه نظراً لخطورته.

لا شك في أنَّ ما تفعله الدول الإسكندنافية -فيما يخصُّ عملية التخلص من النفايات وتحويلها إلى طاقة- هو أمرٌ مذهل وهو بطبيعة الحال أفضل من اللجوء إلى مدافن القمامة التي تستهلك مساحات شاسعة، عدا عن آثارها البيئية الجسيمة. ولكنه ليس الحلّ الأفضل على الإطلاق! خاصةً من وجهة النظر البيئية؛ إذ إنَّ الأفضل من هذا وذاك هو العمل على تخفيض كمية النفايات المُنتَجة بالأساس عن طريق تعميم ثقافة إعادة تدوير المواد واستخدامها وتنظيم الأنشطة التوعوية الكفيلة بذلك.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا